هل يتصور أحد أننا بأنفسنا نقتل التقدم؟ هل يتخيل أحدنا نفسه وقد وقف يواجه التطور والتنمية يرفض استمرارهما في خدمة الوطن بل وخدمة مصالح نفس الشخص الذي يحاول قتلهما؟ نعم هذا يحدث في مصر.. وليس وليد الساعة بل يحدث منذ زمن.. حتي أن مفكرا مثل المهندس محمد إبراهيم سعد رئيس المؤسسة العربية للاستشارات والتنمية يري منذ أكثر من عشرين عاماً أن مقاومة التغيير أمر يكاد يكون غريزياً ويدلل علي ذلك بقوله إن التطور قد يكون مطلوباً وشيئاً جميلاً إذا مس شئون الآخرين أما إذا اقترب من شئونك ومصالحك فإن الأمر بالنسبة لك يختلف. ويشير إلي أن التغيير دائماً ينطوي علي خطورة مثل خطورة الفشل مثلاً.. أو خطورة أن تكشف الأمور عن نسق لا نحبه مثلما نحب النسق الحالي فنحن نعرف مشاكلنا الحاضرة لأننا اعتدنا عليها وتعلمنا كيف نواجهها ولكن أحداً لا يعرف ما هي المشاكل التي قد نواجهها بعد التطور والتنمية والتقدم الذي ننشده فإذا شرعنا في إحداث التغيير فستظهر أحداث جديدة وبالتالي مشاكل جديدة ولا نعرف نوعية هذه المشاكل.. وبالتالي فإننا تلقائياً نرفض هذا التغيير الذي يكون عادة نحو التنمية والتطور المستقبلي الذي ننشده؟ الأمريكي يونيش استعرض خمسة وعشرين تعبيراً خاصاً يستخدمها الناس في حربهم ضد التطور أو تجنب الأفكار الجديدة ومواجهتها.. ورفض محاولة تجربتها أو التعامل مع التنمية المطلوبة. من هذه التعبيرات التي تكون مبرراً لإيقاف أي تطور أو تقدم طبقاً لرؤية الخبير الأمريكي هو: "هل جربها أحد من قبل" وهو سؤال وجيه فعلاً لكنه ينطوي علي رفض مقنع لأن ظروف كل دولة تختلف عن الأخري ولأن هناك خصوصيات قد تواجه أي شكل جديد للتطور.. وببساطة شديدة فإن كثيراً ممن يسألون هذا السؤال يبحثون عن مبرر لرفض الفكر الجديد أو الرؤية الجديدة.. بل أن هناك جملة أخري تكون مرادفة لها وهي "الأمور بغير هذه الفكرة الجديدة سارت بشكل جيد فلماذا نجدد؟.. أو يقول جملة أخري "ولماذا لا نرجئ النظر في هذا التطور مؤقتاً؟ وهي وسيلة مريحة لقتل أي فكرة جديدة وقتل أي تطور وتنمية فالارجاء لعام يعني الموت البطئ لفكرة التطوير لأنه سيتم التأجيل عاماً بعد عام.. وهكذا وفكرة الإرجاء والتأجيل هي في حد ذاتها شكل غير مباشر وطريقة غير صريحة في مواجهة أي تطوير أو تنمية فهم يقولون أنهم يريدون وقتاً لتهيئة الظروف العامة لهذا الفكر الجديد أو هذا التطور لكنهم عادة - وفي الحقيقة - يبحثون عن وقت كاف لقتل الفكرة ومواجهة التطور ولا يختلف ذلك كثيراً عن هؤلاء الذين يلجأون إلي تشكيل لجنة لدراسة الفكرة الجديدة وتأتي بعدها لجنة ثم لجنة.. وهكذا تموت الفكرة ويموت التطور المنشود بالبطئ. ثم تأتي طريقة أخري لمواجهة أي تطور بدعوي أن التكاليف ستكون عالية وبالتالي فإن الظروف لا تسمح فلماذا السرعة؟ ويتناسي هؤلاء أن أي تطور وأي تنمية جديدة لا ترتبط فقط بقيمة تكاليفها؟ وإنما ترتبط بقيمة الفكرة ومدي الاستفادة منها ونتائجها المستقبلية وفائدتها مقارنة بالرؤي البديلة.. ولا تختلف هذه الوسيلة عن وسيلة أخري وهي أن أفكار التطور الجديد لا تتمشي مع البرامج المحددة سلفاً في حين أن الخطط والبرامج يمكن تغييرها تبعاً للظروف وبالتالي المهم هنا هل الأفكار الجديدة أو مشروعات التطور والتنمية تستحق البحث والدراسة والتنفيذ بغض النظر عن الخطط والبرامج السابقة.. خاصة والمنطق يؤكد أن الخطط والبرامج القديمة قد تتغير كلياً إذا كان ذلك للصالح العام. الخبير الأمريكي يري أن الناس "كل الناس" يمكنهم أن يتعلموا أشياء جديدة في أي عمر إن أرادوا أن يتعلموا وإذا كنت أنت راغباً في تعليمهم.. هذه حقيقة أثبتتها التجارب والواقع وليس حلماً أو خيالاً وإذا كان هناك شيء جدير بالتطبيق والتنفيذ يمثل تطوراً وتنمية وتقدماً للمكان الذي تعمل به أو للوطن الذي تعيش فيه أو حتي للإنسانية التي أنت جزء منها ضمن الواجب تنفيذه فعلاً بغض النظر عمن يكون الشخص أو المكان. وبرغم قناعتي بأن بعض الآراء التي تكون مبرراً لوقف عجلة التنمية تكون أحياناً مهمة وضرورية.. بل ويجب الاهتمام بها ودراستها كما ندرس التطور نفسه إلا أنه في بعض الظروف الاستثنائية وغير الطبيعية فإنها تكون معوقات حقيقية.. ومعاول هدم للتنمية والتقدم خاصة إذا تم استخدامها في غير موضعها.. وبرغم أن التطور والتقدم والتنمية ستفرض نفسها عاجلاً أم آجلاً.. بإرادتك أو بغير إرادتك لأنها سنة الحياة فلماذا لا تساعد أنت علي التطور ولماذا لا تكون فاعلاً في إحداث التغيير.. لماذا لا تساند التنمية والتقدم لأنها الواقع الذي يساندنا في حياتنا. إن الشخص الذي يحاول أن يقتل التطور والتنمية ويواجه التقدم.. إنما هو يقتل نفسه ولكن الشخص الذي يقف مع التطور ويكون عاملاً مساعداً لإحداث التقدم والتنمية إنما هو في الحقيقة يطور نفسه وينمي نفسه ويساهم في تقدم ذاته. تلك هي الحقيقة التي نتجاهلها للأسف ونحن نشارك برغبتنا في مواجهة التطور.. أو ونحن نقف ضد عجلة التقدم متناسين أن هذه العجلة ستسير قدماً لأنها سنة الحياة وفلسفة الكون. التاريخ مازال يذكر كل من ساهم وقدم نموذجاً وفكرة ورؤية للتطور.. وكل العظماء الذين ساندوا وساهموا في إحراز التقدم والتغيير في أي مجال وفي أي نشاط هم بكل المقاييس سجلوا أسماءهم في التاريخ الإنساني.. أما من حاول أن يقف ضد عجلة التطوير وحاول أن يعرقل مسيرة أي تقدم وتنمية فمصيره إلي زوال. * آخر الكلام: ** تعلم أن تكون من المسبحين.. فكلمة "سبحان الله" تغنيك في الدنيا والآخرة.. والتسبيح نعمة من نعم الله علي من يرضي عنهم: فإذا ذكر قلبك التسبيح وتعطر لسانك به فأعلم أنه رضا من الله عليك. ** سيدنا يونس كان يسبح في بطن الحوت بقوله "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" وكان هذا التسبيح سبباً لخروجه من بطن الحوت معافي.. وسيدنا زكريا كانت كلمة السر التي أوحاها إليه الله ليرزقه بيحيي هي التسبيح حيث يقول الله سبحانه وتعالي: "فخرج علي قومه من المحراب فأوحي إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً.. وسيدنا موسي دعا ربه أن يجعل أخاه هارون وزيراً يشدد به أزره ويشركه في أمره.. "كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً". ** والتسبيح هو ذكر أهل الجنة "ودعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام".. كما أنه أي التسبيح ذكر الملائكة "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض".