شاهدت المقاطع الكثيرة التي لا حصر لها علي الانترنت والتي تسجل كيف تمت عملية القبض علي القذافي وهو يخرج من ماسورة الصرف الصحي وكيف نقله الثوار بعد أن حملوه غرقانا في دمائه علي ظهر سيارة تويوتا ثم قتلوه بدم بارد برصاصة من مسدسه المطلي بالذهب ثم مثلوا بجثته وهم يلتقطون الصور التذكارية مع الجثة ويرفعون إصبعي السبابة والوسطي علامة الانتصار. وشاهد الملايين في العالم كله مثلي هذه المقاطع التي اكتسب القذافي بها تعاطف الملايين بعد أن لاحظوا كيف تصرف الثوار معه بلا أخلاق ونسوا أنه كان عليهم أن يتعاملوا معه كأسير حرب له كافة حقوق الحماية حتي يحاكم بالقانون علي ما ارتكب من جرائم ويحاسب علي ما نهب من أموال طائلة هي في الأصل أموال الشعب الليبي وبالتأكيد سيكون حكم القانون لا خلافه عليه وإن حكم بإعدامه. الكارثة أن الثوار ارتكبوا بما فعلوه العديد من الأخطاء التي تؤكد يقينا أنهم ليسوا ثوارا بل مجموعة من الهمج لا يعرفون عن أخلاق المحارب شيئا وأنساهم شعور التشفي والغل والكره تجاه القذافي أن يتركوا مساحة للعالم يشاهد من خلالها كيف يمهل الله عباده الفاجرين الفاسدين حتي يأخذهم أخذ عزيز مقتدر. أضاع الثوار علي ليبيا فرصة الكشف عن أموال كانوا في احتياج إليها وهم يعيدون بناء بلدهم بعد الدمار الذي لحق بها كما أضاعوا علي العرب والمسلمين جهودا كبيرة كانت تبذل من أجل تصحيح صورة الإسلام في نظر الغرب الذي بدأ يتندر علي مقتل حاكم عربي مسلم علي أيدي ذوي اللحي والذقون فكان في ذلك أكبر دليل علي أن الإسلام دين إرهاب كما يدعون. كم كنت أتمني أن يعدم القذافي بالحق والعدل والقانون لا بتلك الطريقة المهينة للثورة والثوار قبل أن تكون مهينة للقذافي الذي مات وماتت معه أسرار كثيرة وأماكن أرصدة مجهولة وماتت معه أيضا العبرة لمن يعتبر من الحكام الأحياء. إني أخشي علي مستقبل ليبيا خاصة وقد ذكرت صحيفة ديلي ستار أن صراعا نشب بين الثوار حول من يحصل علي المليون جنيه استرليني التي أعلنها رجال الأعمال مكافأة لمن يعتقل القذافي أو يقتله. تبا لها ثورة وثوارا سواء في ليبيا أو في مصر أو في تونس أو غيرها من البلدان العربية التي لا تزال تناضل من أجل سقوط حكامها الطغاة وفرق كبير بين الهمج والثائر الحق الذي لم نره للأسف حتي الآن في أي ثورة عربية.