فجأه وبلا مقدمات قامت الدنيا ولم تقعد.. صراخ ومشاحنات وأصوات وهرولة هنا وهناك أسرعت في هلع لاستكشاف الأمر فوجدت تجمعاً كبيراً من الناس التقطت عيناي بداية بصعوبة وعرفت السر.. فكانت المفاجأه الصادمة فاعل خير ذبح "عجلا" ويوزعه كصدقه قبل زحام العيد ابتلعت ذهولي في حسرة وصمت كالعادة فهذا المشهد تكرر أمامي مراراً ومازال يصدمني لأن عقلي لا يريد قبوله ففي نهاية شهر رمضان أري الطوابير الطويلة أمام الجمعيات الشرعية لسيدات يرتدين السواد ويحملن صغارهن لساعات وساعات في انتظار الحصول علي زكاة الفطر. وفي العيد الكبير يختلط النساء بالرجال في عشوائية لإلتقاط أكياس اللحم التي تقذف بلا نظام للأيادي المرتفعه التي تصارع للفوز بها. وفي كل مرة أظل اتساءل: هل هؤلاء ليس لديهم عزة النفس التي يولد بها كل حر أم انهم اضطروا لدفنها في مقبرة الفقر والمرض وباتت مصلحة أولادهم الجوعي مقدمة علي كل شيء حتي كرامتهم؟! أيا كان التفسير فلابد أن تعترف أن بعضاً من أهل الخير ساهموا في تدعيم هذا الشعور بالذل ومحق الكرامة لدي هؤلاء لأنهم لو وجدوا طريقة آدمية يحصلون بها علي حقهم المعلوم في الذكاة ولحوم الأضاحي لما تعودوا الذل حتي فقد تأثيره السلبي عليهم. نريد أن نعيد تربية أنفسنا في الحاجة علي عزة النفس وعند العطاء علي احترام كرامة الآخر فالأذي يبطل الصدقة حتي لو لم تقصده لأننا لم نجهد أنفسنا في البحث عن وسيلة راقية إنسانية لتوزيعها. واجب علي القادرين أن يبحثوا بجدية عن الحالات المحتاجة ومتي تأكدوا من أحقيتهم عليهم توصيل الذكاة إليهم حتي باب البيت أو اختيار وسيط أمين للقيام بهذه المهمة في سرية تامة كما كان يفعل الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم. هنا نعيد احياء عزة النفس التي ماتت بفعل فاعل عند المحتاجين ويجب أن نفرق بينهم ومن المتسولين الذين يطلبون المساعدة بإلحاح وبجاحة ولا تحركهم الحاجة بقدر ما يعتبرون التسول مهنة يحترفونها ويجب أن نتصدي لهم بكل حزم.