* للعيد في مصر طقوسه المختلفة- المستمدة من تراثه الطويل وعاداته المميزة- من كعك العيد إلي ترتيبات الأفراح وزفة العروس مرورا بالتجمعات العائلية والخروج للتنزه وأراجيح العيد ولهو الأطفال. * الفن التشكيلي رصد كل تلك التقاليد وسجل مظاهرها من خلال ريشة الفنانين ولوحاتهم عبر عقود وسنوات من تاريخ الفن المصري المعاصر. فقدموا رسومات فنية مبهجة تعبر عن سعادة المصريين بقدوم العيد. فالفن التشكيلي يعرف عنه أنه موثق تاريخي وهام لكافة الأحداث والمناسبات التي يمر بها المجتمع الذي يستمد منه الفنان إبداعاته لذلك فاليوم نكتفي من البحر بقطرة وأحاول رصد ألوان من مظاهر العيد في الأعمال التشكيلية المصرية. * من الفنانين الذين قدموا لوحات تعبر عن العيد الفنان الكبير الراحل حسين بيكار الذي صوّر لنا في لوحته "كعك العيد" تلك الفرحة من خلال الفتاة التي تحمل برشاقة "الصاج" من الكعك حيث تحمله للفرن- وكان ذلك قديما- في الأحياء الشعبية المصرية الأصيلة. وفيها يتجلي أسلوب بيكار المبهر في بساطته ولكنها بساطة العارف وربما ينطبق علي بعض أعمال الفنان القدير الراحل عبارة "النفري" كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة. ونجد أيضا أن الحالة التعبيرية للوحة لم تكن لتحتاج منه إبهارا لونيا متكلفا فالبهجة في التكوين والنقل الشعوري للحدث الذي يتم التعبير عنه. اللوحة سادها لونا رماديا مخضرا ينتقي من الخطوط تجلياتها المستمدة من رسوم الفن المصري القديم لذلك كانت لوحاته تحمل من الجلال والجمال ما يغلف أرواحنا بألفة مع ما صوّر لنا. كما صوّر الفنان الراحل "منير كنعان" بريشته معالم الفرحة المحفورة علي ملامح العائلة المصرية وهي منشغلة في تشكيل العجائن إلي أنواع من الكعك, وفرحة النساء والأطفال وهم ينقلونها فوق الرؤوس إلي الأفران القريبة. أيضا رسم الفنان علي الدسوقي ناقلا فرحة سكان الحارة المصرية بالعيد وعاداتهم وتقاليدهم الشعبية وعبرت أغلب أعماله المنفذة بأسلوب "الباتيك" وهو الرسم علي قماش الحرير عن الشعائر الدينية جميعها حيث تكشف عن المدلولات أكثر مما تبوح به نظرات العديد من الأشخاص في أعماله فنجد الدلالة التعبيرية في مظاهر الفرح والغبطة في الألوان وهلال نهاية الشهر الهجري إيذانا بقدوم العيد. وفي طقوس صناعة الكعك وتجمع العائلات حول الطبلية بملابسهم الشعبية البسيطة. أما الفنانة "زينب السجيني" التي تتميز أعمالها بأحاسيسها المصرية والشعبية فقد سجلت براءة الطفولة في العديد من لوحاتها عن العيد فرسمت لهو البنات الصغار بالطوق وفرحتهم بالعيد ولعبهم الحجلة وغيرها من الألعاب. كما كانت لوحات الفنان الدكتور "خالد سرور"- رئيس قطاع الفنون التشكيلية- تعبر عن سعادة الأطفال بقدوم العيد. ومنها لوحات تصوّر ذهابهم إلي السيرك كما نجد منها ما يصوِّر تجمعاتهم مع الأصدقاء في أجواء من البهجة. كما أن ما يميز الأعياد إقامة الأفراح فإن الكثير من الفنانين مثل الفنان الراحل "وفيق المنذر" الذي عُرف برائد فن الجرانيوليت تناول في لوحاته الإيقاع الشعبي للمجتمع المصري بصفة عامة والمرأة بصفة خاصة وأبدع لوحة بعنوان "العروسة". كما كان من الفنانين الذين تأثروا بالموروث الشعبي الفنان عمر عبدالظاهر الذي قدم لنا العديد من اللوحات التي تتناول مظاهر الأفراح في البيئات المصرية المختلفة مثل ليلة العرس والماشطة والزفة والرقص الشعبي وغيرها.. بأسلوب تعبيري يؤكد الهوية المصرية ويتميز بحيوية الألوان وانسجامها مع استعمال المفردات الشعبية التقليدية للتأكيد علي الأصالة المصرية. ولوحات الفنانة "ريهام الشامي" التي تميزت بأسلوبها الخاص في التعبير عن حفلات الزفاف ولعب البنات ومظاهر التجمعات النسائية في الأعياد والمناسبات. كما صوّر الفنان "رفقي الرزاز" تصوره عن فرحة العيد من وجهة نظره فتميزت لوحاته بالألوان المبهجة وتكويناته الخاصة بأسلوبه المميز الذي يتجه نحو التجريدية الرمزية في التعبير عن العيد. وبالرغم مما تم طرحه فإننا بقدر ما لا نجد إلا القليل من اللوحات والتجارب الفنية التي تعبر عن هذه المناسبة. وقد نكون في أمس الحاجة للقبض علي هذه اللحظات التي تمثل ذكريات اختلفت وتطورت علي مر العصور حيث تعتبر هذه التجارب ضرورية وتعد من الموضوعات القيمة التي تجذب الجمهور بما تحتويه من تداعيات ترسخ في الوجدان أصالة إقامة الطقوس التي افتقدناها.