لا يختلف اثنان علي قيمة الدور الذي أدته ولا تزال المؤتمرات السنوية لأدباء مصر في الأقاليم. فضلا عن المؤتمرات الاقليمية الأخري.. فهي في أقل التقديرات تجمع مهم لعشرات المبدعين والنقاد والدارسين. يناقشون فيها قضايا المجتمع والقضايا المتصلة باهتمامهم الشخصي والمهني. مثل حرية التعبير وقضايا النشر وتوسيع قاعدة القراء إلخ. لكن بعض الآراء تذهب إلي أن المؤتمرات السنوية لأدباء مصر تحتاج إلي مراجعة. ومحاولة دعمها لتؤدي دوراً فاعلا حقيقياً في الساحة الثقافية المصرية. أو استبدال صيغ ثقافية اخري بها تتخلص من السلبيات والرتابة التي تعانيها المؤتمرات الاقليمية. في تقدير د. أحمد عتمان أن المؤتمرات الادبية تقدم ابحاثا. لكنها قد لا تكون بنفس جودة أبحاث المؤتمرات الاكاديمية المتخصصة. صحيح أن هذه المؤتمرات يحضرها بعض الأساتذة. لكن الهدف هنا مختلف. فهي تقام بهدف انعاش الحياة الادبية والتواصل والاحتكاك بين المركز والاقاليم. وهي دون شك مطلوبة. ولابد أن توزع علي كافة الاقاليم المصرية. نحن نحتاج إلي مؤتمرات كثيرة في الاطراف. العريش مثلا والبحر الاحمر وأسوان والأقصر إلخ.. لابد من اشراك أبناء الاقليم في التحضير لهذه المؤتمرات. حتي يكتسبوا الخبرة نحن نحتاج الي التدقيق في أبحاث هذه المؤتمرات. ويجب ألا تتكرر اسماء بعينها. بل يجب أن نبحث. ونعطي الفرصة لأدباء جدد. وباحثين جدد. وهذه الأبحاث يجب ان تبسط وتشرح. لأن هدفها الارتفاع بمستوي الجمهور. فهو قد لا يكون جمهورا اكاديميا أو مثقفا. بمعني أن القاعات لن تفتح فحسب للادباء المشاركين في المؤتمر ولعلي أطالب بأن يكون لكل قرية مؤتمرها السنوي. لتحقيق التواصل بين المتعطشين إلي الثقافة. بصرف النظر إن كانت حرفة الادب قد ادركتهم. وفكرة المؤتمر أفضل من وسائل الاتصال الاخري. والندوة بين الناس افضل من برنامج يظهر فيه المتحدث بعيدا عن جمهوره المستهدف. أن تجلس وسط الناس. تتبادل معهم الافكار والآراء وتستمع الي الاسئلة. وتجيب عنها.. كل هذا له تأثيره الطيب في حياة ناس القري. وفي إثارة الوعي لديهم. ويلاحظ د. حامد أبو أحمد أن العادة هي حضور عدد كبير من كبار المسئولين والاعلاميين في الجلسة الافتتاحية. ثم تخلو بقية الجلسات من الحضور وأذكر في إحدي الجلسات أنه قد شاركني أربعة متحدثين. وأمامنا فتاة وحيدة. وفي رأيي ان ما ينفق علي هذه المؤتمرات لو وجه إلي النشر. واخراج مجلات شهرية منتظمة. سيكون افضل. المؤتمرات العلمية يحضرها أهل الاختصاص. ويجب ان نكثر منها لأنها تناقش مشكلات مهمة. أو قضايا تتطلب المناقشة. أو وسائل تقنية حديثة في أمور حياتنا. وكل هذا نحن في حاجة اليه. أما المؤشرات الادبية فهي معادة ومكررة. كم مرة مثلا تناولنا حرية الابداع والتعبير. وكم مرة تحدثنا عن الرواية او القصة. ما نراه ليس مؤتمرات. انما هي متابعات. ليتنا نصدر مجلات فهذا افضل. لأن جمهورها اكبر. وكذلك لا مانع من مسايرة ما يحدث الآن. وننشيء مجلات الكترونية ومواقع الكترونية. فهي في الواقع تجتذب أعداداً كبيرة من المتلقين والقراء والمتطلعين. أما المؤتمرات التقليدية. فقد أصبحت مملة. ولا جديد فيها. ولا تفيد الا من يحضر لكي يلتقي الناس ويقضي وقتا طيبا! أما الشاعر والروائي سمير الفيل. فهو يري أن المؤتمرات وجدت لتبقي. وطبعا لابد من التطوير. بمعني انه لابد من تغيير آليات العمل من خلال عدة أمور: أولها: الجدية في الدراسات. واسنادها إلي باحثين جدد. ثانيها: أن يكون التغيير الدوري في صيغة المؤتمرات. فلا يقتصر الأمر علي الكم علي حساب الكيف والنوعية. ثالثها: البدء في عمل ورش عمل. خاصة في الفنون المختلفة. كالقصة القصيرة والرواية والكتابة للطفل والشعر إلخ. ولابد من الحراك الثقافي بين الخبرات والشباب الجدد. فمؤتمر أدباء مصر في الاقاليم له تاريخ طويل قرابة 25 عاما. وهو ما يجعلنا نفكر في صيغ جديدة. وأنا أري أن ظاهرة المقهي الثقافي الذي يلتقي فيه الادباء أمر طيب. لأنه يساعد علي الاحتكاك التلقائي بين الاجيال الشابة والمخضرة وقد حضرت مؤتمر عبدالسلام العجيلي في سوريا. وكان مؤتمرا ناجحا يدعي اليه العديد من الكتاب من الدول العربية. وهذا المؤتمر يقام كل عام. وفي موعد محدد. وهناك شهادات ودراسات جادة وجيدة. من الممكن دراسة اسباب نجاح المؤتمرات. وتلافي السلبيات حتي تستمر المؤتمرات الادبية. وعلي رأسها مؤتمر ادباء مصر في الاقاليم. وأحب أن أقول إن هناك مؤتمرات ينظمها المجلس الأعلي للثقافة. فتعاني للأسف قلة الحضور. وظني أن مرجع هذا عدم التعريف بالمؤتمر. والاعلان عنه. واغلاقه علي عدد محدد من الادباء يجب علي القائمين علي مثل هذه المؤتمرات تقديم ادباء ونقاد جدد. غير معروفين. بمعني التحضير لجيل جديد يأخذ فرصته. ولا نكتفي بالذين نعرفهم فقط. فإذا نظرنا مثلا إلي المؤتمرات التي كانت تنظمها المحافظات. فقد كانت ناجحة للغاية. ولكن ماذا حدث؟.. لقد توقف مؤتمر دمياط منذ عام 2000. أي منذ عشر سنوات. أتمني من كل محافظة مصرية أن تدعم مثل هذه المؤتمرات. وتسهل الصعاب والعقبات. لأنها تثري الحياة الثقافية. ولا يخفي علي أحد والكلام للقاص فرج مجاهد أهمية المؤتمرات الادبية في تسليط الضوء علي البقاع المختلفة من مصرنا المحروسة التي لا يهتم بها أحد. وتكتظ بالمبدعين الجادين الذين لا يهمهم إلا الإجادة. بعيدا عن أضواء الشهرة في القاهرة. لكن البعض يأخذ العاطل بالباطل. ويحارب انعقاد المؤتمر لوجود بعض السلبيات. والحقيقة اننا يجب ان نعالج السلبيات. فهي موجودة في كل شيء: أقول: لابد من التقويم والعلاج وهذا لا يأتي بالبتر. وانما يجب الدفع بباحثين جدد في كل مؤتمر. ولا يتغير باحث قبل دورتين أو ثلاث. ولابد لمؤتمر ادباء مصر ان تكون له آلية للانعقاد. ولا يكون تحت رحمة محافظ الاقليم. كما يجب ان يكون لأمانة المؤتمر مطلق الحرية في اختيار موضوع المؤتمر ورئيسه. ويتم توزيع كتاب المؤتمر في الاسواق قبل المؤتمر باسبوع مثلا لاعطاء المشاركين فرصة للقراءة والمناقشة.