عمار بن ياسر كان من المشهود لهم بالصبر والعزيمة التي تقهر كل الصعاب فها هو البحتري يتحدث عن عمار يوم صفين فيقول: انه نتيجة لجهوده في القتال طلب شربة فجاءوا إليه بشربة من لبن. فقال: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: آخر شربة تشربها شربة لبن. وقد شربها ثم انطلق إلي ساحة القتال يقاتل حتي قتل. وقد روي عن خزيمة الذي كان قد شهد صفين ولم يقاتل فقال: لا أقاتل حتي يقتل عمار بن ياسر فانظر من يقتله فأني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. فلما قتل عمار. قال "ادفنوني في ثيابي فاني مخاصم" واختلف في قاتله فقيل: قتله أبوالفادية المزني وقيل قتله الجهني طعنه طعنة فسقط ولما وقع انكب عليه آخر فاحتز رأسه. ثم أقبل الاثنان يختصمان كل منهما يدعي قتل عمار ويقال ان الاثنين من الصحابة هذا التنازع الذي جري بين هذين الاثنين وصل إلي مسامع عمرو بن العاص فاعرب عن استيائه قائلاً: والله ان يختصما إلا في النار. والله لوددت ان أموت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. معرباً عن استيائه من جريمة قتل عمار بن ياسر. وفي أقوال أخري بأن عقبة بن عامر الجهني وعمرو بن الحارث الخولاني. وشريك بن سلمة المرادي هم الذين شاركوا في قتل عمار. وكان ذلك في شهر ربيع الأول أو الآخر سنة سبع وثلاثين من الهجرة النبوية. ووسط هذه الهموم تم اتخاذ الاجراءات لدفن جثمان عمار بن ياسر وقد تم تنفيذ وصيته بدفنه في ثيابه. وقد صدقت نبوءة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في جانب عمار. وقيل انه لم يغسل علي اعتبار ان عمار بن ياسر شهيداً وروي أهل الكوفة انه صلي عليه علي أساس ان مذهبهم في الشهيد بأنه يصلي عليه ولا يغسل. ورحل عمار الذي كان يمتاز ببطولة وحمرة في سواء عينه بعيد بين منكبيه وكان لا يغير من الشيب في وجهه. وقيل كان أصلع في مقدمة رأسه شعيرات.. ورحل هذا الفارس المشهود له بالكفاءة وان نجباء الصحابة في صراع بين الإمام علي بن طالب ومعاوية بن أبي سفيان. وكان عمار قد انحاز إلي جانب الإمام علي بن أبي طالب رضي الله وذلك عقب قتل ذي النور عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد كان عمار بن ياسر من رواة الأحاديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد روي عنه علي بن أبي طالب وابن عباس وأبوموسي الأشعري وجابر بن عبدالله وأبوأمامة وأبوالطفيل وهؤلاء جميعاً من الصحابة كما روي عنه من التابعين كل من محمد ابن عمار وابن المسيب وأبوبكر بن عبدالرحمن ومحمد بن الحنفية وأبووائل وعلقمة وغيرهم من التابعين ثقة في هذا الصحابي الذي شهد له رسول الله صلي الله عليه وسلم بأنه طيب مطيب وقد كان عمار مثار اهتمام المؤرخين والمفكرين فتناولوا الكثير من الجوانب المشرقة في مسيرته ومواقفه في نشر تعاليم الإسلام خاصة أنه كان في مقدمة المجاهدين في سبيل الله وكانت شهامته وقوته بمثابة حافز لغيره من المشاركين ويكفيه انه كان بمثابة العلم للمجاهدين فكانوا يتابعون كل خطواته ومن وصاياه لهشام بن عتبة بن أبي وقاص: يا هشام تفر من الجنة الجنة تحت البارقة - السيف - اليوم القي الأحبة محمداً وحزبه.. هكذا كانت كلمات عمار بمثابة دافع لمن يدرك قيمة الجهاد في سبيل الله فإن الجنة تحت ظلال السيوف. رحم الله هذا الصحابي الجليل الذي كان محل ثقة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي عنهما. وصاحب سجل مشرف فهو الطيب المطيب كما وصفه سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم.. رحم الله عماراً بن ياسر.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.