بعيدا عن نظام الثانوية العامة الجديد .. حدث أيضا الكثير من اللغط والثرثرة وسوء الفهم منذ أن أعلن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم ملامح نظام التعليم الجديد المقرر بدء العمل به في المدارس الحكومية العام الدراسي المقبل لمرحلة رياض الاطفال والصف الاول الابتدائي بينما في المدارس التجريبية "لغات" العام 2020/2019هناك من اعتبره تراجعا في مجال التعليم الحكومي خاصة فيما يتعلق بالمدارس التجريبية "لغات" التي تساوت في النظام الجديد بالمدارس الحكومية الاخري وبالتالي فقدت ميزة كانت تتمتع بها وهي دراسة العلوم والرياضيات باللغة الاجنبية خلال المرحلة الابتدائية بينما في النظام الجديد تبدأ دراسة تلك المواد في المرحلة الاعدادية وهو مايفتح الباب واسعا أمام المدارس الخاصة حيث ان غالبية أولياء الامور القادرون منهم وغير القادرين أيضا يفضلون تعليم أولادهم باللغة الاجنبية اسوة بالمدارس الخاصة لضمان مستقبل أفضل لهم وتلك حقيقة علينا ألا ننكرها!. وهناك من يري جانبا مضيئا في نظام التعليم الجديد الذي من أهم ملامحه التخلص من النظام التقليدي الحالي الذي يعتمد علي الحفظ والتلقين بينما النظام الجديد يركز علي قياس قدرات التلميذ علي الفهم ودرجة الاستيعاب والابتكار وهو الاسلوب التربوي الذي تسير عليه منذ عقود الكثير من الدول المتقدمة.. وهناك ايضا عنصر آخر مهم يتميز به النظام التعليمي الجديد وهو ربط التلميذ بالمدرسة حيث إن المواظبة علي الحضور ركن أساسي في هذا النظام وبالتالي فهو يعالج مشكلة أساسية ومزمنة في مدارسنا التي باتت شبه خاوية من التلاميذ بل ومن المدرسين أحيانا!. نعم .. قد تكون هناك عناصر إيجابية كثيرة في نظام التعليم الجديد .. ولكن تبقي المشكلة ليست في النظام وإنما في كيفية تطبيقه.. مثلا هل مدارسنا الحالية تصلح لهذا النظام في الوقت الذي تعاني فيه من كثافة عدد التلاميذ في الفصول.. وهل هناك مدرسون مؤهلون للتدريس وفق هذا النظام؟!. إن مرحلة رياض الاطفال والمرحلة الابتدائية تعد أهم مراحل النظام التعليمي الجديد وبالتالي فإن مدرس تلك المرحلة يفترض أن يكون هو أيضا المدرس الأهم المؤهل تربويا للتعامل مع التلاميذ الصغار وقياس مدي قدراتهم علي الفهم والاستيعاب والابتكار حتي يتم توجيههم نحو مسار التعليم المناسب الذي يتماشي مع ميولهم وقدراتهم!. إن هذا الجدل الدائر حول نظام التعليم الجديد يذكرني بما حدث في نهاية سبعينيات القرن الماضي حين قدمت المجالس القومية المتخصصة مشروعا جديدا لنظام التعليم أطلق عليه وقتئذ "التعليم الأساسي" وهو نظام يجمع المرحلتين الابتدائية والاعدادية معا وحين شرعت الدولة في تطبيقه اكتشفوا أن المدارس لاتصلح لتطبيق هذا النظام!! .. ليبقي السؤال : هل وزارة التربية والتعليم الموقرة بمسئوليها ومدرسيها ومدارسها جاهزة ومستعدة لتنفيذ النظام الجديد للتعليم اعتبارا من العام الدراسي القادم ؟!.. دعونا نري.