مثلما اغتيل الشيخ أحمد ياسين في غزة بصاروخ إسرائيلي وهو خارج من صلاة الفجر علي كرسيه المتحرك اغتيل المهندس الفلسطيني فادي البطش 35 عاما وهو ذاهب لأداء صلاة الفجر صباح السبت الماضي في إحدي ضواحي كوالالمبور عاصمة ماليزيا علي يد شخصين يستقلان دراجة بخارية أطلقا عليه 14 رصاصة. اتجهت أصابع الاتهام مباشرة إلي جهاز المخابرات الاسرائيلي "الموساد" الذي له سوابق كثيرة في اغتيال القيادات الفلسطينية المؤثرة والشخصيات النابغة علميا فلسطينية كانت أو عربية التي يلاحقها ويترصدها أينما كانت علي وجه الأرض . وهذا الاتهام لا يمكن استبعاده حتي ولو نفته إسرائيل رسميا . فهي لا تعترف عادة بارتكاب الجريمة إلا في الوقت المناسب ولأهداف خاصة. لكن كان اللافت أن بيانات النفي الاسرائيلية للاتهام تحمل في طياتها ما يفيد التأكيد. فإسرائيل لم تخف احتفاءها بجريمة القتل. وذكر أفينجدور ليبرمان وزير الخارجية الصهيوني أن البطش قتل بسبب نزاع فلسطيني داخلي. وأنه كان خبيرا في صناعة الصواريخ ولم يكن قديسا. لم يكن يعمل علي تحسين شبكة الكهرباء أو شبكة المياه. بل كان يعمل في مجال الصواريخ وتحسين دقتها. وقال موقع إسرائيل اليوم إن البطش ينتمي لحركة حماس وعمل علي تطوير طائرات بدون طيار وكان مختصا بالطاقة البديلة. ومن خلال ما نشره الإعلام الإسرائيلي يتضح أن الشاب الشهيد كان هدفا نموذجا لكي يحمل بصمة أصابع الموساد القذرة. فهو حاصل علي الدكتوراة في الهندسة الكهربائية وكان خبيرا في صناعة الصواريخ. وحاصلا علي جائزة أفضل إنجاز في ماليزيا التي يعمل محاضرا في إحدي جامعاتها. وشخص فلسطيني أو عربي بمثل هذه المؤهلات والقدرات والمواصفات لا يمكن أن يكون بعيدا عن أعين الموساد وعملائها. إن جريمة اغتيال البطش في ماليزيا لا تقل حقارة عن عمليات الاغتيال التي طالت العديد من العلماء والباحثين المصريين والعرب بأيدي الموساد علي مدي أربعة عقود مضت . ومنهم سميرة موسي 1951 ونبيل القليني 1975 ويحيي المشد 1980 ونبيل فليفل الفلسطيني 1984 ورمال حسن رمال اللبناني 1991 وجمال حمدان 1993 ومحمد الزواوي التونسي 2016. الرسالة واضحة تماما أن كل عالم عربي. وكل دولة عربية لديها مشروع علمي. سيكون هدفا مستباحا لإسرائيل . ومن ثم فإن علينا نحن العرب أن نتعامل مع جريمة اغتيال المهندس الفلسطيني فادي البطش بكل جدية. القضية ليست حماس وليست حتي فلسطين. وإنما هي إحباط أية محاولة ولو من بعيد لتشكيل مشروع علمي عربي مستقل. إذ المطلوب أن يظل هم العرب الأكبر صراعاتهم الداخلية واعتمادهم الكامل علي الغرب. علي أمريكا تحديدا التي قرارها في أيدي الصهاينة. دون أن يكون لديهم بصيص أمل في أن يخرجوا من دائرة التبعية التاريخية التي حشروا فيها.