في الوقت الذي تتمتع فيه مصر بامتلاك قوة بشرية كبيرة "ما شاء الله" حتي تخطينا حاجز ال 100 مليون نسمة.. هذا الواقع الذي جعلها من أكبر دول المنطقة تعداداً للسكان منذ سنوات طويلة.. غير أن الرياضة تعاني مشكلة كبيرة تتمثل في ضعف وقلة عدد اللاعبين الممارسين لمختلف اللعبات من المقيدين بقوائم الاتحادات في الألعاب الفردية أو الجماعية بأرقام لا تتناسب علي الإطلاق مع الثروة البشرية التي حبي بها الله أرض الكنانة.. وهو ما يؤثر بالطبع علي قدرات الرياضة المصرية في تحقيق طموحاتها والوصول لمنصات التتويج العالمية والأوليمبية نتيجة لضيق قاعدة الممارسين لرياضة قطاع البطولة بشكل عام قياساً ومقارنة بدول أخري أقل من مصر تعداداً في السكان ولكنها متفوقة رياضياً. أري أنه عندما يكون لدينا اتحادات رياضية عريقة تاريخها يمتد لعشرات السنين بينما لا يزيد عدد أعضاء جمعياتها العمومية علي أصابع اليدين فهي مهزلة وقضية خطيرة تمثل أكبر عقبة أمام تطور الرياضة المصرية.. لأنه كلما اتسعت القاعدة أصبحت الفرصة متاحة لامتلاك واكتشاف جيش جرار من المواهب. تلك المشكلة أري أن العديد من الهيئات والوزارات تتحمل مسئوليتها نتيجة لعدم وجود برامج واستراتيجية لديها لتوسيع القاعدة للكشف عن المواهب في مختلف اللعبات.. وهنا تشير أصابع الاتهام للاتحادات الرياضية ووزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولميبية لإخفاقهم في الوصول للنجوع والقري في مختلف أقاليم مصر للكشف عن المواهب التي تتضمها وإتاحة الفرصة لهم لممارسة الرياضة وتنمية مهاراتهم بما يصب في النهاية في صالح المنتخبات الوطنية. تلك القضية الخطيرة فجرها معي من جديد مجموعة من سكان شرم الشيخ عندما التقيت بهم وهم يملأون مدرجات حمام السباحة الأوليمبي بالمدينة الرياضية بمدينة السلام وذلك لتشجيع سباحي وسباحات منتخب مصر الوطني المشارك في البطولة العربية للسباحة بالزعانف والتي نظمها الاتحاد المصري برئاسة سامح الشاذلي الذي يرأس أيضا الاتحاد العربي للغوص والإنقاذ وذلك في مبادرة من هؤلاء المقيمين منذ سنوات بشرم الشيخ وأصبحت مدينة السلام موطنهم. ليس هذا فقط بل إنهم حرصوا علي حضور الحفل الختامي للبطولة العربية الذي شهده اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء. وسامح الشاذلي هارولد فيرفال "بلجيكا" سكرتير الاتحاد الدولي. والدكتور محمد صالح رئيس الاتحاد الافريقي.. وهنا أكدوا أن سكان شرم الشيخ يعانون من مشكلة ابتعاد أبنائهم عن الأضواء والاهتمام الذي يحظي به أبناء القاهرة والإسكندرية ومحافظات الدلتا من جانب الاتحادات الرياضية.. فأبناؤهم يمتلكون المهارات والمواهب في العديد من اللعبات وهم يبذلون معهم مجهوداً كبيراً للارتقاء بمستواهم الفني والبدني وتنمية مهاراتهم. ولكن دون هدف أن مستقبلهم الرياضي غامض. فهم يعاملون كمنطقة نائية ليس في الرياضة فقط ولكن في باقي فنون الحياة الأدبية والثقافية والفنية.. ولذلك قاموا بعمل مبادرة علي مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "البداية من هنا" وقام بتأسيس مجموعة من المثقفين تضم كلا من بثينة إبراهيم وأحمد عبدالله وأمنية عياد وهبة هندي وأمنية حسن. وأكدوا أن هدف المبادرة أن يحصل أبناء ومواهب الشرم علي حقهم في الانضمام للمنتخبات الوطنية والوصول للمكانة اللائقة بمواهبهم في باقي فنون الحياة.. وأشاروا إلي حرصهم علي حضور البطولة العربية لسباحة بالزعانف وما تحتضنه مدينة السلام من فعاليات رياضية أو اجتماعية وفنية هدفها غرس مشاعر الولاء والانتماء للوطن في نفوس وعقول أبنائهم لتعويضهم ما يعانونه من تجاهل. وأنا هنا أضم صوتي لمبادرة شرم الشيخ "البداية من هنا".. وأناشد مثلهم بل وأطالب الاتحادات الرياضية والوزارة واللجنة الأولمبية وباقي هيئات الدولة المعنية بقضايا الشباب والرياضة بالبحث عن تحديد آليات وبرامج واستراتيجيات قادرة علي الوصول لشبابنا وأطفالنا ومواهبنا في جميع المجالات الحياتية بالمحافظات النائية والكفور والقري والنجوع للكشف عما تحتضنه من كنوز بشرية قادرة علي المساهمة في بناء دولة مصر الحديثة ورفع اسمها عالياً في جميع المحافل الدولية.. وفي مقدمتها الرياضة بالطبع التي باتت أحد مظاهر الحضارة الإنسانية في عصرنا الحديث.