هاني كمال مؤلف مسلسل "أبوالعروسة" لديه وجهة نظر مهمة في دور الدراما التليفزيونية عبر عنها من خلال المسلسل ومن خلال مضمون ما قدمه في السطور التالية إلي لجنة الدراما المنبثقة عن المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام. يقول إن المؤلف الدرامي لابد أن يدرك بقوة مدي التأثير الذي تحدثه الدراما في تصحيح سلوك المجتمع إذ عندما يكون هذا التأثير إيجابياً بالفعل فلابد أن ينعكس علي الأخلاق وعلي نفسية المتفرج. أما لو كان سلبياً فإنه يُشتت الوعي الجمعي عند الجمهور ويشوه القيم مثلما يغيب الهدف من الحياة. ومن ثم تتحول الدراما إلي صناعة لجلب المال وربما وبرغم ذلك لا تستطيع أن تجلبه. وفي معرض حديثه توقف هاني كمال أمام جملة قال أحد المفكرين عندما سألوه عن تعريف "الجنون" فأجابهم هو أن تفعل نفس الشيء عدة مرات وتتوقع في كل مرة نتائج مختلفة وفي رمضان تدور الدائرة نفسها وبنفس الشكل في صناعة الدراما. فنجد عدم التخطيط من شركات الانتاج ونفس عدد النجوم مع اختلاف الأسماء وحجم انتاج كبير وضخم وللأسف النتيجة واحدة لا تتغير. لا يوجد اتجاه أو نمو في إرادة أو تغيير في فكر هذا المجتمع ويستمر الصراع علي النجوم وعلي توقيعاتهم علي عقود مع شركات الانتاج وفي كل الأحوال لا نفكر في المضمون الذي تنطوي عليه الأعمال ولا الكلمة التي تنقل هذا المضمون والواقع أنها الأهم في تلك الصناعة التي تبدأ باختيار النجم ثم سباق شركات الانتاج والقنوات والوكالات الإعلانية علي اختيار "البوكيه" أي طاقم النجوم التي سوف تعمل إلي جوار "النجم" وبعد ذلك يقوم "النجم" باختيار المخرج ثم بعد ذلك كله يأتي "الورق" "السيناريو" ويتم التصوير في أثناء كتابة الحلقات. ونظراً لضيق الوقت يبدأ تصوير أغلب المسلسلات بخمس حلقات فقط وهي الحلقات تمت كتابتها لكي يطالعها النجم حتي يتأكد أنه موجود من أول حلقة في العمل. ولابد أن تتمير الأحداث بالايقاع السريع الساخن لكي توافق عليهم الوكالة والقناة والمنتج فقط. وكلمة "فقط" هذه تحوي كل شيء. أما ما يأتي بعد الحلقات الخمس الأولي فهو غير مهم لان هذا ما يطلبه المنتج ضمنياً ولأنهم أي الحلقات الخمس هي سبب جلوس الجماهير أمام العمل. وليس من الضروري أن يبدأ التصوير إلا بعد توفر هذا العدد. ويقول : إن مطبخ الدراما يمكن أن يخرج أعمالاً بديعة ومهمة ورامية للذوق العام ولكن هناك حقيقة غائبة عند صناع الدراما وهي أن هذا المجتمع لديه ميزان وعين صائبة تستطيع أن تلتف حول العمل الجيد ومن دون النجم ذلك لأن الكل في حالة من العطش الدائم لدراما تعالج المشاعر وتخاطب الفكر. وتجمعنا مازال واعياً وقادراً علي تصنيف كل شيء ولا يهمه سوي الموضوع. ولكن للأسف الشديد نحن كصناع دراما نقوم بتصدير الأشياء له ونجبره علي متابعتها ثم نطالب بالتغيير فكيف نفعل هذا بينما نقدم له نفس السلعة كل عام من شهر رمضان ومن خلال معظم الأعمال مع اختلاف النجوم والأسماء. والمفروض وكما يتفق جميع الحريصين علي استعادة صورة ومضمون والمستوي الفني للدراما ألا نسمح أو نوافق لاي عمل علي بدء التصوير إلا بعد الانتهاء من كتابة من 15 20 حلقة من مجمل العمل ويمكن تحقيق ذلك عن طريق نقابة المهن السينمائية مع عدم اخذ تصريح الرقابة إلا بعد تسليم هذا العدد ومن الأسف الشديد أن تصريح التصوير يتم أخذه بعد توفر خمس حلقات فقط. ومن البديهي ومن خلال التجربة أن نجاح العمل الفني لا يتوقف علي اسم النجم وانما قوة الموضوع لذلك فمن الضروري أن تقوم جهة عليا مسئولة باقتراح الاتجاهات المراد مناقشتها في كل سنة علي شركات الانتاج والموضوعات التي ترغب في طرحها وذلك حتي لا تتكرر نفس الموضوعات والمضامين وتحدث حالة الملل التي تصيب الجمهور. وبالنظر إلي خطورة المرحلة التي تعبر بها بلدنا نطالب بوضع إجراء نافذ لصناعة عدد من المسلسلات التي تنتمي إلي نوع الدراما الاجتماعية والأسرية البعيدة عن حكايات القتل والسرقة والأفكار الغريبة المسروقة من أعمال أجنبية.