تعددت التقديرات حول الكتب التي ألفها محيي الدين بن عربي. ذكر بروكلمان له حوالي مائتين وخمسين كتاباً باقياً. وفي فهارس دار الكتاب والوثائق القومية المصرية حوالي تسعين عملاً من أعماله التي لم تندثر. وفي حين اثبت ابن عربي لنفسه حوالي 289 كتاباً. فإن بعض دارسيه من المستشرقين يقدرون عدد مؤلفاته بأكثر من خمسمائة كتاب.. بالطبع فإن لم يكن في زمن ابن عربي وسائل اتصالات مما نتقوت ثماره هذه الأيام. بداية من المطبعة وانتهاء بالانترنت. كان طلب مرجع ما يحتاج إلي رحلة علي دابة. تقطع المسافة بين بلد وآخر في أيام وربما في أشهر. ويتولي نساخ نقل نسخة التأليف إلي أكثر من نسخة. وكان البحث عن المعلومة الصحيحة يحتاج إلي اسئلة واستقصاءات. سواء بزيارة مواضع الأحداث. أم بسؤال المعاصرين لها. ولم تكن ثمة حياة ثقافية عامة. واللقاءات قليلة أو معدومة بين المشتغلين بالعمل الثقافي. كل يتعرف علي صاحبه من خلال ما يصل إليه من كتب منسوخة. ما نعرفه عن اماكن تجمع العلماء والأدباء والشعراء إنها كانت قليلة للغاية. تصدر - في الأغلب- عن السلطة الحاكمة مثل مجالس الخلفاء في بغداد. وبيت الحكمة في القاهرة. وغيرها. عاش نجيب محفوظ ما يقرب من القرن. وصدر له حوالي 60 كتاباً. لقيت ما يشبه الإجماع علي أنها تعبير متفوق عن الإبداع المصري الحديث. بحيث صار محفوظ أول أديب عربي يظفر بجائزة نوبل. وهي الجائزة التي تمنح للمبدع علي مجموع أعماله. مارس محفوظ الوظيفة طيلة حياته العملية. حتي بعد ان انضم إلي أسرة الأهرام ظل علي نظامه الصارم في التوفيق بين العمل الوظيفي والحياة العامة والخاصة. وبين الإبداع لكل وقته الذي لا يسطو علي الأوقات الأخري. ولمحفوظ في حرصه علي ذلك النظام حكايات. فإذا أضفنا أشهر الصيف التي كانت تلزم نجيب محفوظ بأن يتوقف -بتأثير حساسية العين- عن الإبداع. وفترات عمله كمسئول في مؤسسة السينما. التي ألزم فيها نفسه بألا يكتب حرفاً واحداً.. فضلاً عن أن الرجل كان يفرغ للكتابة الإبداعية -وفق نظامه المحدد- ساعتين كل يوم.. إذا أضفنا ذلك كله إلي حياة المبدع. فإن ما قدمه نجيب محفوظ من إبداعات رائعة يشكل علامة استفهام هائلة أمام فرادي المحاولات التي تعاني تعثرات البداية. طبيعي أن المبدع الذي يخلص لإبداعه. وما يتصل له من قراءات وخبرات وتأمل. لابد ان يجاوز إبداعه -علي المستويين الكمي والكيفي- ما يكتبه البعض في أوقات فراغهم بين المقاهي وجلسات السمر والمنافرة والنميمة والسعي بين وسائل الإعلام ودور الصحف. ما يشغلهم هو الوجود الشخصي. وليس الوجود الإبداعي. ثم محاولة تصدير الاتهام إلي من اعتبروا الإبداع قضية حياة. بأن مؤلفاتهم تفوق الحد. علي هؤلاء السادة ان ينفضوا رءوسهم من وهم قتل الوقت. لأن الوقت هو الذي يقتلنا. وإذا كان لدينا إضافة ما حقيقية. فإن من حق الإبداع ان نخلص له كل المتاح من الوقت.