اللغةُ وعاء جامع للثقافة والهوية .. تحيا بالاستعمال وتموت بالإهمال.. وقد شرف الله سبحانه لغتنا العربية فجعلها لسان قرآنه الخالد .. لكنها . لأسباب عديدة. تراجعت . تاركة مكانها لغيرها. حتي بات إعلامنا وتعليمنا وأحاديثنا اليومية تغص بأخطاء فاجعة .. وتحاول السطور الآتية تصويب الأخطاء الشائعة . وتبسيط القاعدة النحوية. وتبيان الدلالات العبقرية لآيات الكتاب العظيم. دلالات قرآنية قال الله تعالي في سورة المعارج "وتكون الجبال كالعهن" وقال تعالي في سورة القارعة "وتكون الجبال كالعهن المنفوش" .. فزاد كلمة "المنفوش" في سورة القارعة علي ما في المعارج .. فما سبب ذاك؟ يقول د.فاضل السامرائي في كتابه" لمسات بيانية" : 1- إنه لما ذكر القارعة في أول السورة . والقارعة من "الَقرْع" . وهو الضرب بالعصا . ناسب ذلك ذكر النفش ؛ لأن من طرائق نفش الصوف أن يُقرعَ بالمقرعة. كما ناسب ذلك من ناحية أخري وهي أن الجبال تهشم بالمقراع - وهو من الَقرْع - وهو فأس عظيم تحطم به الحجارة . فناسب ذلك ذكر النفش أيضًا. فلفظ القارعة أنسب شيء لهذا التعبير. كما ناسب ذكر القارعة ذكر "الفراش المبثوث" في قوله : "يوم يكون الناس كالفراش المبثوث" أيضًا ؛ لأنك إذا قرعت طار الفراش وانتشر. ولم يحسن ذكر "الفراش" وحده كما لم يحسن ذكر "العهن" وحده. 2- إن ما تقدم من ذكر اليوم الآخر في سورة القارعة . أهول وأشد مما ذكر في سورة المعارج . فقد قال في سورة المعارج : "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة * فاصبر صبرًا جميلًا * إنهم يرونه بعيدًا * ونراه قريبًا". وليس متفقًا علي تفسير أن المراد بهذا اليوم . هو اليوم الآخر. وإذا كان المقصود به اليوم الآخر فإنه لم يذكر إلا طول ذلك اليوم . وأنه تعرج الملائكة والروح فيه. في حين قال في سورة القارعة : "القارعة * ما القارعة * وما أدراك ما القارعة" فكرر ذكرها وعَظَّمها وهوَّلها. فناسب هذا التعظيم والتهويل أن يذكر أن الجبال تكون فيه كالعهن المنفوش. وكونها كالعهن المنفوش أعظم وأهول من أن تكون كالعهن من غير نفش كما هو ظاهر. 4- التوسع والتفصيل في ذكر القارعة حسَّن ذكر الزيادة والتفصيل فيها . بخلاف الإجمال في سورة المعارج . فإنه لم يزد علي أن يقول : "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة". 5- إن الفواصل في السورتين تقتضي أن يكون كل تعبير في مكانه . ففي سورة القارعة . قال تعالي : "يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش". فناسبت كلمة "المنفوش" كلمَة "المبثوث". وفي سورة المعارج . قال : "يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن*". فناسب "العهن" "المهل". 6- ناسب ذكر العهن المنفوش أيضًا قوله في آخر السورة :"نار حامية" لأن النار الحامية هي التي تذيب الجبال . وتجعلها كالعهن المنفوش . وذلك من شدة الحرارة . في حين ذكر صفة النار في المعارج بقوله :"كلا إنها لظي * نزاعة للشوي". والشوي هو جلد الإنسان. والحرارة التي تستدعي نزع جلد الإنسان أقل من التي تذيب الجبال . وتجعلها كالعهن المنفوش . فناسب زيادة "المنفوش" في القارعة من كل ناحية. والله أعلم. من لطائف العرب روي ياقوت الحموي فقال: بلغني أن رجلا جاء الشافعي برقعة فيها: سل المفتي المكي من آل هاشم إذا اشتد وجد بالفتي ماذا يصنع؟ فكتب الشافعي تحته: يداوي هواه ثم يكتم وجده ويصبر في كل الأمور ويخضع فأخذها صاحبها ثم ذهب بها ثم جاءه وقد كتب تحت بيته هذا البيت: فكيف يداوي والهوي قاتل الفتي وفي كل يوم غصة يتجرع فكتب الشافعي: فإن هو لم يصبر علي ما أصابه فليس له شيء سوي الموت أنفع. أخطاء شائعة قل: كابد العدوُّ خسارةَ كذا وكذا؛ ولا تقل: تكبد العدو الخسارة. قل: احتفل أهلُ العراق عربُهم وأكرادُهم وتركمانُهم؛ ولا تقل: عرباً وأكراداً وتركماناً. قل: المترَفون. والإتراف؛ ولا تقل: الارستقراطيون. والارستقراطية. فائدة نحوية جمع المذكر السالم مصطلح يطلق علي الجمع بشروط: 1- أن يكون له مفرد. 2- أن يكون المفرد مذكرا. 3- أن يدل علي عاقل. 4- أن يسلم هذا المفرد عند الجمع. فكلمة مدرس: مفرد. مذكر. عاقل. وحين نجمعه: مدرسون لا يتغير شيء في هيئة المفرد. فقد ظلت الميم مضمومة والدال مفتوحة والراء مضعفة مكسورة؛ ولذلك نقول: إنه جمع مذكر سالم. أما كلمة رجل فهي مفرد. مذكر. عاقل وحين نجمعه: رجال نري هيئة المفرد تغيرت. فالراء صارت مكسورة بعد أن كانت مفتوحة وفتحت الجيم وكانت مضمومة؛ أي أن المفرد لم يسلم. بل كُسر. ولذلك يسمي جمع تكسير. فإذا فقد الاسم شرطا من الشروط السابقة وجُمع مع ذلك جمع مذكر سالم. فإننا نسميه ملحقا بجمع المذكر السالم مثل كلمة: عالَمون وسنون وستون وأولو وغيرها.