أخيراً استجاب المهندس أمين أباظة وزير الزراعة للنداءات الوطنية التي انطلقت كلها في اتجاه واحد مطالبة بالتوسع في زراعة القمح محليا.. وتغلبت نظرية الانتاج علي نظرية الاستيراد ليتحرر المصريون من تحكم الآخرين في لقمة عيشهم. الوزير وافق علي زراعة مابين مليونين و700 ألف فدان وثلاثة ملايين لزراعتها بمحصول القمح هذا العام في الأراضي القديمة بالدلتا والوادي والأراضي الجديدة بتوشكي وشرق العوينات وسيناء.. وستوفر هذه المساحة نحو 9 ملايين طن قمح بما يوازي نحو 60 في المائة من استهلاكنا منه. هذا بالفعل قرار صائب وخطوة جيدة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من انتاج القمح محلياً. ونرجو أن تتبعها خطوات أخري لزيادة المساحة في الأعوام القادمة. وإذا كانت النظريات تقول انه من المستحيل الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة مائة في المائة فعلي الأقل نريد أن نصل إلي نسبة 75 أو 80 في المائة لأن استيراد 25 في المائة من احتياجاتنا أفضل كثيرا من استيراد 50 أو 60 في المائة.. فنسبة التحكم في أقواتنا لن تمثل عندئذ عبئاً سياسياً أو اقتصادياً علينا.. خصوصا مع تنوع مصادر استيراد القمح مابين الدول الشرقية مثل روسيا وأوكرانيا والدول الغربية مثل فرنسا والولايات المتحدة. وفي هذه الحالة لن نقع فريسة لغش الموردين والمستوردين الذين دأبوا علي استيراد أقماح فاسدة مليئة بالحشرات الضارة مستغلين شدة احتياجاتنا لهذه الأقماح حتي لا تحدث أزمة في الغذاء الرئيسي لشعبنا وهو الخبز. لا شك أن سياسة زراعة أي محصول في مصر تعتمد علي توفر المياه بنسبة كافية لتحقيق النتائج المرجوة منه. ولأننا نعاني ندرة في الماء. فقد نادينا بأشياء ثلاثة: * تحويل الري بالغمر في الأراضي القديمة إلي الري الحديث بالتنقيط أو الرش. وفي هذه الحالة سيتم توفير كميات هائلة من الماء نستطيع استغلالها في المحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها القمح. * التوسع في سياسة تحلية مياه البحرين الأبيض والأحمر واستغلال الأراضي المتاخمة لهما الصالحة لزراعة القمح. * الاعتماد علي التقاوي كثيفة الانتاج والتي تعطي محصولا وافراً فيما يسمي بالانتاج الرأسي. الزراعة في بلادنا تحتاج إلي سياسة جديدة ومتطورة. لأننا مازلنا حتي الآن نتبع سياسة تقليدية مضي عليها قرون عديدة ولم نستفد من التطورات العالمية التي احدثت ثورة زراعية عالمية. علي أي حال.. لقد استعدت مديريات الزراعة بجميع المحافظات لزراعة محصول القمح الجديد اعتبارا من نوفمبر القادم. وياليتنا نفكر من الآن في كيفية احداث ثورة في سياستنا الزراعية تتلاءم وروح العصر.