انشغلنا الأيام الماضية بأحد العروض الهزلية التي نبتلي بها كل موسم قبل الانتقالات أو الفترة نفسها.. وهذه المرة كان بطلها عبدالله السعيد لاعب الأهلي والمنتخب الذي تلاعب بالكبيرين الأهلي والزمالك بحثًا عن مصلحته التي وضعها فوق الجميع من منطلق تأمين المستقبل.. وهو العبارة الدارجة أو "التبرير الممنوع من الصرف" لأي لاعب يريد أن يبيع ناديه أو أي ناد آخر. * وأعتقد أن المسرحية لم تنته بتوقيع اللاعب لناديه واستمراره به فتوابعها مستمرة وذيولها ستمتد.. فالزمالك كما أعلن يملك مستنداته التي تؤكد أحقيته في اللاعب بعدما وقع له رسميًا. ولن يسكت.. وإن كان يغيب عنه نقطة مهمة وهي تفاوضه مع اللاعب دون إخطار ناديه كما تنص اللائحة.. وأيضًا تفاوض اللاعب معه دون إخطار الأهلي وهي النقطة التي يتحصن بها الأهلي في مواجهته للأزمة التي صدرها السعيد للأطراف الثلاثة. * القصة كشفت أن الصراع بين الأهلي والزمالك يشتعل أبدًا ودائمًا مع أي لحظة يظهر فيها التنافس بينهما وكل منهما يريد أن يثبت قوته للآخر دون مراعاة لأي أصول رياضية أو غير رياضية.. وهما السبب فيما يفعل بهما اللاعبون والمزايدة علي استقطاب هذا أو ذاك حتي وإن كان لاعب "نص لبة" المهم توجيه ضربة للآخر وإضافة مكسب معنوي في الحرب بينهما. * ما حدث من السعيد يؤكد أن الانتماء أصبح للمال وليس للنادي أو الفانلة أو أي شعارات يخرج بها علينا أي لاعب. وأن وجود تركي آل شيخ هز صورة الأهلي كثيرا.. ورفع أسعار التعاقدات إلي أرقام غريبة في عالم الكرة عندنا. * كنا قد سمعنا كثيرا عن ميثاق شرف بين الناديين الكبيرين بل والأندية الأخري حتي لا يمنح اللاعبون الفرصة للتلاعب بهما والمزايدة عليهما للوصول مع أي منهما إلي أقصي استفادة مالية مستغلين هذه المنافسة الشرسة بينهما.. ولكن هذا الميثاق دائمًا ما يضربه الناديان في مقتل فيحصل اللاعب علي ما يريد ل "تأمين مستقبله". * عبدالله السعيد ومن قبله صلاح محسن الذي انضم للأهلي من إنبي في صفقة غريبة علينا أيضًا وصلا ب "سقف" التعاقدات الجديد إلي حالة من الفوضي التي لن تتمكن الأندية أو الناديان بالذات من السيطرة عليها مستقبلا.. والبركة في تركي آل شيخ الذي دعم صفقتي محسن والسعيد للأهلي ومن قبلهما النقاز للزمالك. * يمكن أن نبلور ما حدث في هذه القصة بأننا مازلنا بعيدين عن الاحتراف وأن هناك مسافات طويلة تفصلنا عن عالمه الذي ندور في فلكه لكننا لم نقتحمه ولن نستطيع أن نفعل بهذه الطريقة التي تتعامل بها الأندية عند التعاقد مع أي لاعب ما دمنا نرفع شعار "العناد".. وليس ما يمكن أن نجنيه من ضم لاعب. المسرحية لم تنته بعد لأن الأهلي بدأ يتخذ إجراءات معاقبة اللاعب نفسه والذي رأي أنه تلاعب كثيرا به قبل أن يقرر الاستمرار معه.. وأولي العقوبات عرضه للبيع أو الإعارة والموافقة علي أي عرض يتلقاه كنوع من التأديب له علي وضع النادي في هذا الموقف الحرج.. وأيضًا لفتح باب المفاوضات مع الغريم الزمالك والتهديد بارتداء الفانلة البيضاء لأنه سيدفع أكثر.. وهذا حقه. مسرحية السعيد وتوقيعه لم تنته أيضًا.. لأنها ستفتح أبوابًا أخري للاعبين قد يكونوا في مستوي السعيد أو أقل ليحصلوا علي مقابل مشابه علي الأقل. ليتنا نري ميثاقا فعليا علي أرض الواقع بين الأندية كلها بوضع سقف محدد ومعين لسوق الانتقالات وحتي لا نري أو نسمع تلك الأرقام الخيالية التي تصيب المواطن العادي بالكآبة والتمرد علي واقعه.