مرت مصر بثورات كثيرة في العصر الحديث منذ 1881 إلي 2011 حيث قامت أربع ثورات وهي ثورة عرابي. 1919 وثوة 1952 وأخيراً ثورة 25 يناير 2011 ومن المنطق ان تعيش الحياة الثقافية الفنية حالة ازدهار بعد كل ثورة حيث يُقدم مبدعوها أفضل ما لديهم ولا ننسي ما قدمه سيد درويش بعد ثورة 19 ولن ننسي ما أفرزته يوليو الخالدة من أعمال فنية مازالت تعرض حتي الآن من أفلام وأغان. وفي الوقت الذي لا نطالب ثوة 25 يناير بأن تفرز أفضل ما لديها الان لكننا نطالب الفن بثورة علي نفسه ليقدم لنا في الفترة القادمة نهضة فنية تليق بشعب مصر الذي كان الأول في انتاج وتصدير الدراما والسينما وكل ما يتعلق بالفن والثقافة في فترة الستينيات . وفي حضور نخبة من الكتاب والنقاد والمخرجين والشباب: يناقش صالون المساء الثقافي والفني أثر ثورة يناير علي الحياة الثقافية ؟ في مصر. مصر الابداع محمد السيد عيد سيناريست: من يتأمل تمثال الفلاحة المصرية لمحمود مختار الذي يقف شامخاً يري كيف استطاع هذا الفنان ان يكسر كل المقاييس في وقت كان الفلاح سبة في عهد الأتراك بعد ان استطاع ان يصور مصر علي أنها فلاحة رشيقة متطلعة للأمام.. هذا الابداع وليد ثورة فنية. وبعد ثورة 52 تفجرت أسماء كبيرة من كتاب المسرح منهم محمود دياب. نعمان عاشور. توفيق الحكيم وشعراء كأمل دنقل وأحمد عبدالمعطي حجازي وغيرهما ويرجع ذلك إلي اهتمام قيادة ثورة يوليو بالفن والثقافة لايمانها بدورها في يقظة وعي الشعوب.. أما ثورة يناير فلم يمض عليها سوي فترة قصيرة جداً ولم ينتج عنها الا سقوط رأس النظام والثورة تعني ان تتغير المنظومة كاملة من السلبية للايجابية ولا نستطيع إدعاء هذا حتي الان بالاضافة ان ثورة يناير ليس لها زعيم وأهدافها غير محددة كثورة يوليو أما بالنسبة للدراما فلم يتغير شيئ فمازال صراع النساء علي الرجال وتعدد الزوجات وظاهرة المخدرات هي القضايا التي تسيطر علي الدراما المصرية. الشعب يريد.. إبراهيم محمد علي: كاتب مسرحي: الكارثة تأتي غالباً من القطاعات الخاصة التي تعمل بأموال الخليج أو من خلال غسيل الأموال وبالتالي لن يهتم بالارتقاء أو غيره والقطاع العام الذي يعمل بحسن النية وكل ما قدم بعد الثورة أعمال سيئة المهم فيها اقحام "الشعب يريد إسقاط النظام" الثورة لم تحدث تغييراً حتي الآن ولكنها قدمت لنا الحلم في كل المجالات ولكنه لم يتحقق حتي الآن. خيرية البشلاوي: ناقدة سينمائية: الثورة لن تحدث تأثيراً سريعاً خاصة ان الأشياء التي تصنع البنية العقلية محزبة.. العلاقة بين الفرد والشارع يشوبها الاضطراب. كما ان الثورة لم تبدأ في المؤسسات ولا التعليم ولا الحكم المحلي ولم تتحقق العدالة الاجتماعية التي قامت لأجلها الثورة أين وجه الثورة في التغيير؟ أطالب الناس بالتمسك بالثورة.. أما بالنسبة للفن فان مسلسل "علي مشرفه" مسلسل يعد نقطة ضوء في محيط العتامة التي عرضت علينا في الفترة السابقة وقد لا ينزعج الجمهور من "كيد النساء" و"سمارة" ليس لأنها الأفضل وإنما لان ذوقه الفني تعود علي الهبوط.. بالاضافة للتدني الشديد في مستوي التعليم.. أننا نحتاج لوعي سياسي واجتماعي حتي يرقي الذوق العام للجمهور. ويبحث عن الجمال في كل شيء والنظافة في الشارع والفن. مني ماهر.. قاصة: لا أستطيع تشخيص الفن بعد الثورة أو قبلها قد يُعبر عنها ولكن لا يقوم عليها فمازالت هناك فجوة في التواصل بين الأعمال وبين الجمهور.. فمسلسل "مشرفة" الجيد لم يحقق نسبة مشاهدة جيدة بينما مسلسل مثل "رمضان أبوالعلمين حمودة" أخذ النسبة الأكبر فمن المسئول عن هذا الهبوط والتدني؟ الحقيقة أنني لا أعرف كيفية اجتياز هذه الفجوة ولا كيفية ان يتم تقديم فن جيد ولكن المؤكد ان الثورة لابد ان يكون لها تأثير حتي وان كان علي المدي البعيد. الفن في الثورة حزين عمر: كاتب وناقد مسرحي: الفن والثورة عنوان فضفاض قبل الثورة وبعدها وربما يتخللها عنوان صغير وهو الفن في الثورة هل أثر الفن قبل الثورة في قيام الثورة؟ لقد كان دائماً يخطط لاحباط أي ثورة.. فتأثيرهم السلبي ومنهجهم وتخطيطهم المحكم لتدمير كل شيء بشتي السبل مثل الفن المبتذل والكرة والثقافة الحكومية والمخدرات والفتنة الطائفية كلها كانت توظف لوقف الحياة الحقيقية ربما لتعطيل أي حركة وكان هناك بعض الأعمال التي تروج لأطراف من الجائعين في القاهرة سوف يهاجمون الأغنياء في الأحياء الراقية مما يثير الفتنة لتفريغ الوجدان المصري.. وأيضاً فكرة تفريغ الشحن ضد الحكومة وغالباً ما يفعلها أحدهم من عملاء أمن الدولة والمحسوبين علي النظام وكانت هناك بعض الأعمال الجادة التي تنفلت منهم ذراً للرماد في العيون مثل "علي مشرفة" و"الزيني بركات" كانت تقدم حتي اذا هوجم أحدهم قال بل لدينا أعمال جيدة.. وإنما الفن المصري وظف لتغييب الوعي وصرف الناس عما كان من المفروض ان يلتفت الناس إليه. أما الفن في الثوة فهو ما أفرزته العقول أثناء الثورة اذا جاز اعتبار الشعارات المسجوعة والموروثة فناً فقد كانت تخرج وليدة اللحظة وكانت قنبلة فنية وسط الناس تجعلهم يتلقفونها وينشرونها وسطهم. الشيء الثاني في الكاريكاتير الذي كان يرسم علي الحوائط والقماش والأرض.. ثم النكتة التي كانت سيفاً مسلطاً وهناك موسوعة للثورة تجمع كل هذه الفنون. علي أبوسالم.. كاتب مسرحي: الابداع متاح حالياً علي مستوي الحدث بعد الثورة لان الحالة الفنية بعد الثورة حالة رصد لانطباعات الناس وحالة توثيق وهذا ناتج عن عدم اكتمال الثورة فهناك تخوفات كثيرة لدي رجل الشارع صاحب الثقافة الأدني.. فهذا التطهير الذي سيتم بعد ان قطعنا الرأس وبعد ان يطاح بالأذناب سينعكس علي الثقافة المصرية لأن الانسان المصري متعطش للتغيير. الفن الحقيقي سعيد حجاج.. كاتب مسرحي وشاعر: لعلي أشعر بالضيق من التشاؤم.. لان الثورة لا نستطيع ان نقول عليها ثورة لأنها لم تقدم منجزات.. لا نستطيع قول ذلك فهناك 60 عاماً من الخراب الانساني ومن التلقينات السيئة التي دخلت مجتمعنا وهناك في الأفلام القديمة التي تفتقر إلي مقومات الفن الحقيقي ما ندفعه الان قليل فلن تعود الأوضاع سريعاً ولن تتغير سريعاً.. وعلينا ان نعتبر كل فن جيد هو فن ثوري ودائماً سيكون هناك من راكب الأمواج ممن يستكتبون سريعاً بعد ثورة.. بعد حرب والحقيقة أنني أعتبر هذا فناً ضد الثورة.. فهناك فن جيد لو كان هناك فلسفة تتحرك بها المسارح والتليفزيون والسينما والخلاصة ان الفنان قبل الثورة هو فنان بعد الثورة.. المهم ان يستطيع التعبير عن رؤية صادقة لها فلسفة لصالح مجتمعه. مصطفي الشيخ- شاعر: الثورة هي ان نستطيع رفض الفن الهابط وعلينا ان نستفيد من التغيير وعلينا ان نخرج من الفن بهدف يصلح من المجتمع.. ويقدم لي تجربة والثورة التي حدثت لن تكتب الان وعليه ان يقدم لي الجديد لا أن يحكي ما أعيشه بالفعل. مصطفي رشوان- شاعر: أرفض ان تفرض علي الحكومة ما تريده من خلال الأعمال التي يقدمونها.. وأتمني ان يأتي يوم ويكون للأدباء والنقاد المكانة التي تمكنهم من رفض وقبول ما يعرض علي الشاشة بصفتهم أهل الخبرة والمسئول الأول عن تثقيف المجتمع. تعقيب لا يمكن ان ينصلح الفن ولا الثقافة إلا اذا وضع الشعب نفسه حكماً علي كل ما يقدم إليه من أعمال أما أن يظل دائما متلقياً فقط فهذا لن يدفع بالفن للأمام وإنما سنظل دائما في الخلف.