في مثل هذا اليوم قبل 66 عاماً. وتحديداً في 25 يناير 1952 قام رجال الشرطة المصرية بملحمة أسطورية علي ضفاف القناة بالإسماعيلية حينما واجه 850 ضابطاً وجندياً 7 آلاف فرد من قوات الاحتلال البريطاني الذي كان يجثم علي صدور المصريين علي مدي 70 عاماً منذ 1882. ورفضوا الاستسلام وإخلاء مبني المحافظة وبلوكات النظام إلا بعد نفاد الذخيرة. ولم يعد هناك حائط واحد يحتمون وراءه.. ليسقط 56 شهيداً منهم 50 شرطياً و6 مواطنين. إضافة إلي 80 مصاباً. من يقارن سريعاً بين ملحمة 25 يناير 1952 ومؤامرة نفس اليوم من عام 2011.. سوف يخرج بأربعة تابلوهات متناقضة: * الأول.. في الإسماعيلية دافع 850 شرطياً عن مبني المحافظة وبلوكات النظام وعن المواطنين ببنادق بدائية في مواجهة 7 آلاف محتل مزودين بالدبابات الحديثة في ذلك الوقت. ومدافع الميدان.. وفي "مؤامرة الربيع العبري" دافع رجال الشرطة عن مقارهم بأجسادهم وبالأدوات المسموح باستخدامها فقط دون إطلاق رصاصة واحدة علي المهاجمين حاملي المولوتوف والأسلحة النارية.. وكانت النتيجة احتراق 50 قسم شرطة. ومباني أمن الدولة بالكامل بعد نهبها. * الثاني.. في الإسماعيلية كان الهجوم علي الشرطة محصوراً في مبني المحافظة وبلوكات النظام. بهدف تفريغ مدن القناة من أي قوة مسلحة. حتي لو كانت أسلحة بدائية بعد أن تم عزل الاحتلال في منطقة القناة. ولضمان عدم مساندة الشرطة للفدائيين والمواطنين.. وفي "الربيع العبري" كان إسقاط الشرطة في كل ربوع مصر هدفاً في حد ذاته لكسر الدولة. * الثالث.. في الإسماعيلية شهدت ملحمة الشرطة دعماً معنوياً هائلاً من وزير الداخلية في ذلك الوقت. "فؤاد سراج الدين" رحمة اللَّه عليه. كان له مفعول السحر حينما اتصل باليوزباشي مصطفي رفعت في أوج المعركة وسأله عن الموقف عنده؟!.. فرد عليه رفعت: "نحن نقاوم يا افندم ولن نستسلم ولن نتراجع".. ليطلق سراج الدين قولته الشهيرة التي دفعت أبناءه إلي الدفاع المستميت حتي آخر رصاصة ونقطة دم: "رجالة يا مصطفي.. استمروا في المقاومة ومصر كلها وراكم".. أما في "الربيع العبري" فقد اسْتُهْدِفَتْ الشرطة من أبناء جلدتنا الخونة وليس من محتل. ولولا أن الغالبية العظمي من هذا الشعب العظيم كانوا يستشعرون حجم المؤامرة.. فحموا أولادهم في الشرطة لوقعت مجزرة تتارية بشعة. * الرابع.. في الإسماعيلية وبعد ساعات من المقاومة العنيفة المستميتة والدمار الشامل رد الضابط الصغير اليوزباشي مصطفي رفعت علي قائد القوات البريطانية الجنرال "إكسهام" صارخاً حينما طالبه الأخير بالاستسلام والخروج رافعي الأيدي ودون سلاح: "لن تتسلموا منا إلا جُثثاً هامدة" مما أدهش الجنرال ودفعه بعد انتهاء المعركة أن يحني رأسه احتراماً لرجال شرطتنا الذين نفدت ذخيرتهم تماماً وأصبحوا مكشوفين وسط الركام. واضطروا للاستسلام أفضل من الانتحار. حتي أن هذا الجنرال المحتل قال لضباط اتصاله: "لقد قاتل رجال البوليس المصريون بشرف واستسلموا بشرف. ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعاً ضباطاً وجنوداً" كما قام الجنود الإنجليز وبأوامر من قائدهم بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من مبني المحافظة المتهدم ومرورهم أمامهم تكريماً لهم وتقديراً لشجاعتهم.. أما في "الربيع العبري" فلأن المعتدين عملاء وخونة وليسوا منا. ولو كانوا يحملون نفس الجنسية وهدفهم كسر الشرطة وإذلالها. وإسقاط البلاد. فقد كانوا يرتكبون مجازر لا أجد وصفاً لها ضد أولادنا رجال الشرطة. ويمثلون بجثث من يسقط منهم شهيداً.. تذكروا ما حدث في قسم كرداسة وغيرها. ولا تنسوا أن عدد شهداء الشرطة خلال 7 سنوات فقط قد تجاوز ألف شهيد هم خيرة أولادنا سقطوا بيد الغدر والخيانة.. لقد كان المحتل رغم قذارته وانحطاطه. لديه شرف عمَّن شاركوا في "مؤامرة الربيع العبري". إن هوجة الفوضي الخلاقة فشلت في أن تمحو من الذاكرة الوطنية "عيد الشرطة" الذي تحدد بعد الملحمة الأسطورية في الإسماعيلية.. أرادوا أن يكون 25 يناير عيداً لثورتهم المزعومة.. لا يا أخ منك لها.. لن نحتفل بمن خانوا البلاد وحرقوها. وأرادوا تنفيذ أجندة خارجية لإسقاط مصر وتقسيمها. وتفكيك جيشها.. وجاهدوا نكاحاً داخل خيام الميادين.. لن نُعطي لوطنيتنا إجازة أبداً. وسيظل 25 يناير عيداً للشرطة المصرية وبس. وبس. وبس.. وليس شيء آخر.. انسوا. أهنئ كل ابن وأخ في الشرطة ابتداءً من الجندي الذي بلا رُتبَّة. حتي اللواء مجدي عبدالغفار. وزير الداخلية. بعيد الشرطة.. وأدعو المولي عز وجل أن يحفظهم ويُسدِّد خُطاهم. وتحيا مصر وطناً وشعباً وقيادة وجيشاً وشرطة.. ورحم اللَّه شهداءنا من المسلمين والأقباط.