فى 25 يناير 1952 فى مدينة الإسماعيلية، كانت معركة الشرف والكرامة والوطنية كان أبطالها قوات البوليس المصرى «الشرطة المصرية» فى مواجهة دبابات ومجنزرات وقنابل الاحتلال البريطانى، والتى أرسلت إنذارًا لقوات البوليس بتسليم أسلحتهم وإخلاء قسم شرطة الإسماعيلية ومبنى المحافظة ورفض رجال الشرطة وخاضوا معركة غير متكافئة، لكنهم سطروا بطولة نادرة حفرت فى التاريخ، واستشهد فى هذه المعركة 50 رجلًا من الشرطة و80 جريحًا دفاعًا عن الأرض والعرض، وتحول يوم الجمعة 25 يناير 1952 إلى عيد للشرطة يحتفل به كل عام، كما أصبح هذا اليوم عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية ومنذ 2009 أصبح يوم 25 يناير من كل عام عطلة رسمية فى مصر. وفى نفس اليوم الذى وجه فيه قائد القوات البريطانية «إكسهام» إنذارًا لقوات البوليس المصرى بتسليم أسلحتهم وإخلاء قسم شرطة ومبنى محافظة الإسماعيلية، اتصل وزير الداخلية المصرى آنذاك فؤاد باشا سراج الدين باللواء أحمد رائف قائد البوليس المصرى فى الإسماعيلية يسأله ماذا سيفعل تجاه الإنذار البريطانى فرد عليه قائد البوليس المصري: «يا أفندم نحن رفضنا الإنذار وقررنا المقاومة ومش حنترك الإسماعيلية حتى آخر جندى وآخر رصاصة»، فرد وزير الداخلية قائلًا: ربنا معاكم ومصر تساندكم واستمروا فى المقاومة. كانت منطقة القناة فى هذه الفترة تحت سيطرة قوات الاحتلال البريطانى بمقتضى اتفاقية 1936 التى نصت على انسحاب بريطانيا من الأراضى المصرية إلى منطقة القناة، ولجأ المصريون إلى تنفيذ العديد من العمليات الفدائية بالتنسيق بين الفدائيين ورجال الشرطة من خلال هجمات فعالة ومؤثرة ضد القوات البريطانية. وعندما علم القائد البريطانى بمساعدة رجال الشرطة للفدائيين قرر خروجهم من محافظة الإسماعيلية وتسليم أسلحتهم. فى فجر 25 يناير 1952 فوجئ رجال الشرطة فى مبنى محافظة الإسماعيلية بقوات الاحتلال البريطانى تطالب اليوزباشى مصطفى رفعت قائد البوليس المصرى فى مبنى المحافظة، بالانسحاب من مبنى المحافظة فرد عليه رفعت: «إذا أنت لم تأخذ قواتك من حول المبنى، سأبدأ أنا بالضرب، لأن تلك أرضى وأنت الذى يجب أن ترحل منها وليس أنا وإذا أردتم المبنى فلن تدخلوه إلا علي جثثنا»، وتحدث اليوزباشى مصطفى رفعت وزميله اليوزباشى عبدالمسيح وجنوده عن الحوار الذى دار بينه وبين قائد القوات البريطانية «إكسهام» وقرروا عدم إخلاء مبنى المحافظة ومواجهة الاحتلال البريطانى بالرغم من عدم تكافؤ القوة، فقوات البوليس المصرى لديها بنادق عادية وقوات الاحتلال البريطانى لديها 7 آلاف جندى ودبابات ومدرعات مصفحة وقنابل. وبدأت المعركة الشرسة وبدأ الشهداء والمصابون يتساقطون، وطلب اليوزباشى رفعت من قائد القوات البريطانية سيارات الإسعاف لنقل المصابين للمستشفى، لكنه رفض واشترط الاستسلام وتسليم الأسلحة والخروج من مبنى المحافظة، ورفض اليوزباشى رفعت وقرأوا جميعًا الفاتحة والشهادتين بمن فيهم الضابط المسيحى اليوزباشى عبدالمسيح، وقرر اليوزباشى مصطفى رفعت الخروج من المبنى لمحاولة قتل قائد القوات البريطانية «إكسهام» على أمل فك الحصار وإنقاذ زملائه، وتوقف الضرب وفوجئ اليوزباشى رفعت بالجنرال «ماتيوس» القائد الأعلى للقوات البريطانية فى منطقة القناة يؤدى له التحية العسكرية، فرد عليه اليوزباشى رفعت بنفس التحية، وأشاد القائد ماتيوس ببسالة البوليس المصرى وشجاعته فى مواجهة دبابات الإنجليز، وطالب الجنرال ماتيوس بوقف المعركة بشرف، ووافق اليوزباشى رفعت على أن يخرج جنوده غير مستسلمين وبشكل عسكري، فوافق الجنرال ماتيوس. وقد استشهد فى هذه الملحمة الوطنية 50 شرطيًا وأصيب 80 آخرون. كل التحية لشهداء الوطن من رجال البوليس المصرى فى معركة 25 يناير 1952 بالإسماعيلية، والتحية أيضًا للمصابين والتحية كذلك للفدائيين المصريين ولشعب الإسماعيلية الذى ظل مساندًا لقواته من رجال البوليس المصرى فى مبنى المحافظة، وكان يمدهم بالغذاء والسلاح والدواء رغم الحصار. ولا تزال قوات الشرطة تؤدى دورها بجسارة ووطنية فى العصر الحديث ويقدمون أرواحهم فى سبيل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن والشعب. ويكفى أن نعلم أنه منذ 25 يناير 2011 وحتى يناير 2017 سقط من شهداء أبناء مصر من رجال الشرطة (880) شهيدًا، وبلغ عدد المصابين خلال هذه الفترة 19 ألفًا و800 مصاب، من أجل الحفاظ على مصر وأمنها القومي. وفى حفل تخريج دفعة من ضباط الشرطة فى الأكاديمية فى 2016 كان الرئيس عبدالفتاح السيسى على رأس الحضور، والتقى بأسر شهداء ومصابى الشرطة وقبّل رأس أم أحد الشهداء وقال: «مصر لن تنسى شهداءها من رجال الشرطة والجيش أبداً»، وقدم التحية لخير أجناد الأرض من رجال القوات المسلحة والشرطة، وقال: «من أجل الحفاظ على الوطن مصر تدفع الثمن غاليًا من رجال الجيش والشرطة». فتحية إجلال وتقدير لحراس الوطن من رجال الشرطة والقوات المسلحة وتحية للبوليس المصرى أو الشرطة المصرية فى عيدها المجيد، وتحية لوزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار ولرجاله المخلصين الذى حققوا لمصر الأمن والأمان.