المؤامرة ليست نظرية انها واقع معاش تؤكده الأيام وتتابعه من خلال سيناريوهات متنوعة تدار أحداثها وفق حبكات محكمة تشارك في تصميمها مؤسسات أكاديمية وفنية متخصصة تضم خبرات متمكنة في مجالات السياسة والإعلام والاقتصاد وعمل الانقلابات داخل الدول بل وخبراء في صياغة الدرامات الواقعية الجماهيرية المؤثرة في الجماهير والتي تبث من خلال الشاشات والكابلات واليوتيوب... إلخ. هذا الكلام ليس من عندي. انه استنتاج بسيط وبديهي لعملية متابعة لما يدور حولنا في مصر. خذ علي سبيل المثال مسلسل "عائلة سيمبسون" الأمريكي. المثير والمشوق وهو من جنس الرسوم المتحركة "الكرتون" أنتج عام 2000 وتم بثه علي نطاق واسع من خلال الميديا. هذا المسلسل أثير ويثار حوله الكثير من الجدل والتعليقات ليس فقط في الولاياتالمتحدة وإنما في منطقتنا العربية بسبب المشاهد التي تتشابه إلي حد التطابق أحياناً بين ما جري في المسلسل الكرتون وبين ما حدث علي أرض الواقع بعد ست عشرة سنة مع انتخاب ترامب الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين. المسلسل تنبأ بأمور عديدة وقعت بعد بثه ومنها "أحداث 11 سبتمبر وضرب برجي التجارة. بالاضافة إلي الحديث عن مسلحين عرب فوق سيارة تحمل رشاشات ورسم عليها علم الاستقلال السوري". وقد تنبأت إحدي الحلقات بقدوم دونالد ترامب ومن يعود إلي "اليوتيوب" يكتشف التشابه الكبير بين الشخصية المرسومة لترامب وبين الشخصية الحقيقية وهناك تعليقات عديدة بهذا الشأن وكأن المسلسل أو مؤلفه "يتنبأ" بما يجري علي كوكب الأرض من أحداث سياسية في أمريكا. وفي إحدي المحلات الأمريكية الفنية كتب دان جرين مؤلف الحلقة التي تتنبأ بمستقبل عائلة سيمبسون عام 2000" ان تقلد الملياردير رجل الأعمال ترامب لأهم منصب علي سطح الكوكب جاء في إطار كتابة قصة عن حالة الجنون الذي سوف تنتاب أمريكا بعد توليه وربط كثيرون بين تقلد منصب الحكم كاحدي العلامات الصغري في معركة "هرمجدون"التي يشار إليها في الكتاب المقدس. والتي تعتبر بالنسبة للمسلمين أكبر معركة في التاريخ "بين المسلمين والروم" وفي الفيلم الكرتوني تجد طيارة "ترامب" وصورة شبيهة له تماماً وهو ينزل من الطائرة ويقال انها نفس الطريقة التي نزل بها من طائرته ونفس الاشارة وتفاصيل أخري جرت كما لو كنا نقرأ من صفحة "الغيب" أو كأن ما جري لم يكن مرسوماً مسبقاً من قبل الإدارة الأمريكية. ونسمع من خلال شريط آخر تعليقاً علي نفس الفيلم أن الحزب الجمهوري كان مصراً علي انجاح ترامب وهو إنسان دموي وبدأ حكمه بإنزال جوي في اليمن قتل العشرات من أبناء وأطفال الشعب هناك والتعليق الصوتي تصاحبه صوراً تسجيلية لأطفال اليمن القتلي وجثثهم الملقاة في الهواء. وثورات الربيع هل هي "مؤامرة" أم ان وصفها بالمؤامرة يعتبر من قبيل الهوس والايمان الأعمي بنظرية المؤامرة؟؟ وهل "الحرب علي الإرهاب" الذي قادته الولاياتالمتحدة بعد "مؤامرة" الهجوم علي برجي التجارة العالمي. لم يكن يخضع "لمؤامرة" أم أنها "النظرية" التي نستخدمها كشماعة لتعليق عجزنا كما يقول عدد من "المتعمقين" في الأمور ومنهم من يبدأ حديثه بالكلام "أنا لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة"!! وهل اختراع العروسة "فاهيتا" سنة 2011 بعد ثورة يناير المباركة مصادفة أم ان الرسوم والعرائس فصيل يستخدم لتفكيك منظومة القيم التي يؤمن بها الشعب المصري أو تفكيك صواميل الترابط التي تقوي الشخصية والاستخفاف بلغتها واشاعة مناخ فكاهي طريف يشيع بالتحلل الأخلاقي والقيمي ويستخف بالثوابت. ان الشركة المنتجة لهذه العروسة وأفراد الطاقم الذي يُخدم عليها هو نفسه الذي اخترع باسم يوسف الطبيب الشاطر خفيف الظل الذي تحول إلي مهرج وكوميديان ساخر وأداة من أدوات التفكيك والهدم علي المستوي السياسي والاجتماعي. "المؤامرة" ليست نظرية بالتأكيد وانما تخطيط علي قدر من الحنكة والخبرة الأكاديمية المخابراتية. إن مسلسل "سيمبسون" الذي تم بثه يتضمن العديد من التنبؤات التي تحققت بالفعل وكأننا أمام آلة الزمن أوكأن مؤلفه مات جرينيج هو من يهندس أحداث العالم المستقبلية. انه أطول عمل كرتون كوميدي انتجته شركة فوكس أو تجاوزت حلقاته عدة مئات وظل يعرض علي شاشات التليفزيون الأمريكي ويثير الكثير من الجدل بالتنبؤات الغامضة التي تتحقق لاحقاً.. ان الدراما بأجناسها المختلفة أهم الأسلحة الناعمة وأهم أدوات صناعة الفكر وتوجيه المشاعر وخلق التوقعات وإشاعة الفوضي. والهجوم الناعم علي أدمغة الناس وتهيئتهم لما يخطط له صناع "المؤامرة".