ما أتعس هذا البلد بأهله.. الذين يقتلون أنفسهم ويخربون بيوتهم لاتفه الأسباب.. يتحدثون كثيراً عن التسامح والحب والتعايش وقبول الآخر واحترام حقوق الانسان لكنهم عند أول اختبار حين يختلفون لا يعرفون كيف يحلون خلافاتهم بأساليب متحضرة.. ولا يتذكرون التسامح والحب والحقوق.. ينقلبون رأساً علي عقب.. ويتحولون إلي كائنات متوحشة. ماذا حدث لهؤلاء الناس؟!.. ما هذه الغلظة وهذا العنف؟!.. هل يدركون خطورة ما يفعلون وما يقولون؟!.. هل هم قادرون علي تحمل مسئولية الكوارث التي ينتظرها هذا الوطن الجريح؟! هل نفهم أننا الجناة في جريمة خنق الوطن وقتله.. وأننا ايضا الضحايا الذين سالت دماؤهم في الشوارع.. وفي كل الأحوال نحن الخاسرون.. المهزومون.. الضائعون.. ووطننا الرائع سيدفع ثمن حماقتنا؟! نعم.. نحن الجناة في كل ما ألم بالوطن من جروح طائفية.. دعونا نواجه انفسنا بالحقيقة المرة ولا نلقي بذنوبنا ومسئولياتنا علي الغير.. أو حتي علي الاعداء.. فنحن نعرف أنهم أعداء متربصون ولا يضمرون لنا إلا الشر.. ولكن من يوافقهم وينفذ مخططاتهم فانه منهم.. لانه هو الذي يجرح الوطن بيده. الذين حرضوا أهالي "الماريناب" علي هدم الكنيسة المخالفة والتي كانت مضيفة جناة.. والذين شاركوا في الهدم جناة.. والذين تلاعبوا بالتراخيص جناة.. والذين اعطوا بيانات ومعلومات خاطئة ومخالفة للحقيقة من أجل التهييج والاثارة بعد أن هدأت الأوضاع في أدفو والماريناب أيضا جناة. واذا كان في الكذب نجاة لأي طرف فان في الصدق الكامل النجاة الحقيقية للجميع.. لذلك علينا أن نعترف بأن كل من شارك في صنع الكارثة الوطنية ولو بكلمة فهو من الجناة.. وكل من شارك في الفتنة وروج لها فهو من الجناة.. ولا براءة لأحد. الذين تركوا مشكلة "الماريناب" بلا حل حتي تفاقمت.. والذين صعدوا الأزمة ونفخوا فيها ايضا جناة.. والذين اقحموا السلاح علي المظاهرة السلمية جناة.. والذين رفعوا اللافتات وشعارات عدائية واستفزازية تقسم البلد جناة يتحملون مسئوليتهم كاملة. الذين رفعوا شعارات بالروح بالدم نفديك يا صليب جناة.. والذين ردوا بشعارات "إسلامية.. إسلامية" جناة.. والذين قالوا ارفع رأسك فوق أنت قبطي بدلا من أنت مصري.. والذين كتبوا "النصر لجيش الرب وليس لجيش المشير".. هؤلاء جميعا جناة. والذين تكتموا الحقائق عما حدث في أزمة كنيسة امبابة وكنيسة أطفيح جناة.. والذين أعطوا القانون اجازة ولم يعاقبوا الجناة جناة.. والذين يطالبون بفرض الحماية الأجنبية علي مصر جناة.. الذين يستقوون بالخارج ضد وطنهم ويلعبون نفس اللعبة القديمة جناة. الذين يريدون اسقاط الدولة ونشر الفوضي وتأجيل الانتخابات وتعطيل مسيرة الديمقراطية وبناء مؤسسات مصر الجديدة أيضا جناة علي هذا الشعب وعلي مستقبل ابنائه.. والذين يريدون احداث الوقيعة بين الجيش والشعب في هذا التوقيت الحرج جناة. ولو أن الاعلام اهتم بالجهود التي قام بها المسلمون والمسيحيون لإعادة بناء مضيفة "الماريناب" واللجان الشعبية التي تقوم بحماية النجع من الدخلاء بنفس القدر الذي أعطاه لجريمة هدم المضيفة التي تحولت إلي كنيسة فلربما تغيرت الأوضاع وهدأت النفوس المتوترة.. لكن الاعلام عندنا للأسف يبحث عن كل ما يفرق ويستفز وليس عما يجمع الصفوف ويقرب وجهات النظر. إن أسوأ ما يقال في كوارثنا الوطنية هو أن هناك أيادي خفية وراءها مع أن الأيادي واضحة جدا ومكشوفة.. ولا ينقصنا إلا تفعيل القانون بكل حزم معها حتي ترتدع وتعرف أن الضحايا لن يسكتوا إلي مالا نهاية. صوت الضحايا لابد أن يخرج قويا هادراً ليقول كفي.. كفي انقساما وتشرذما.. كفي جهلا وتعصبا.. كفي تآمراً وفساداً.. فالفتنة ملعونة ومرفوضة.. ولن يربح من ورائها أي طرف. نريد أصواتاً عاقلة تذكرنا بوطننا الواحد.. وضميرنا الواحد..ومستقبلنا الواحد.. ومصيرنا الواحد.. نريد أن نعمل معاً.. وننتج معا.. ونعيش معاً ونتطور معا. نريد ما يجمعنا لا ما يفرقنا.. من كانت عنده كلمة طيبة فليقلها.. ومن كانت عنده كلمة حقد وغضب وثأر وانتقام فليكفها عن الشعب الذي بذل من دمه وروحه ثمنا للحرية ثم لم يتمتع بهذه الحرية بعد.. ومازال ينزف دما.