تعودنا أن نبرز السلبيات ونلقي الضوء عليها علي الرغم من أنها واضحة بنفسها. رائحتها النفاذة لا يخطئها أحد يضاف إليها من التوليفات والشائعات ما يزيد من انتشارها ويعطيها أكبر من حجمها بينما نتحدث علي استحياء علي الإيجابيات لأننا تربينا علي أن من يتحدث عنها إما منافق أو له مصلحة شخصية رغم أن الدين والحكمة والمباديء الأولية لعالم التنمية البشرية تؤكد ضرورة التركيز علي النقاط الإيجابية والبعد قدر الإمكان عن الحديث عن السلبيات لأنها تجلب الهم والحزن اللذين أمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم بالاستعاذة منهما بعد كل صلاة لما لهما من تأثير هدَّام في الفرد والمجتمع. وعندما يكون دعاء الاستيقاظ من النوم "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك".. هو تسليم بأن لكل منَّا نعماً وإن كنا لا نشعر بها. وشكر النعمة يكون أولاً بالاعتراف بها ثم الحفاظ عليها واستعمالها في الخير. "وأما بنعمة ربك فحدث" أمر إلهي في القرآن الكريم ورغم ذلك نتناساه ونتبع المثل الشعبي "داري علي شمعتك تقيد" فصارت معظم الحوارات بيننا تنافس من لديه هم ومشكلات أكثر من الآخر لتجنب الحسد تارة و لكسب التعاطف تارة أخري وقلما تكون الشكوي للبحث عن الحل. وسط ركام الهموم والضغوط التي نراها حولنا في كل مكان وتترجمها الشكاوي التي تصلنا كل يوم والتي في زيادة مستمرة نجد نقاطاً مضيئة كثيرة ورغم وضوحها وروعتها إلا أننا قلما نجد من يتحدث عنها. فهذا طبيب علق لافتة علي مدخل عيادته كتب فيها "إذا لم تكن تمتلك قيمة الكشف والعلاج فلا داعي للخجل فهو حقك وواجبي" وآخرون خصصوا يوماً أو أكثر في الشهر للكشف المجاني علي المرضي غير القادرين. أستاذ جامعي يقيم مائدة الرحمن يومياً لأنه يعرف أن الفقراء يحتاجونها علي مدار السنة بصفة مستمرة وليس في رمضان فقط ومؤسسة "معنا لإنقاذ إنسان" التي تخصصت في إنقاذ الهائمين علي وجوههم في الشوارع سواء مرضي نفسيين أو هاربين من الضغوط و مطرودين من مسكنهم. فتوفر لهم المأوي والحياة الكريمة. ومؤسسة جو ساب.. التي أدخلوا في مصر الخدمة العالمية المسماة "هوسيس" لتقديم الرعاية النفسية والاجتماعية اللازمة للمرضي الميئوس من شفائهم وغيرها مئات الجمعيات المنتشرة في أنحاء الجمهورية فلتتذكر دائماً الوعد الإلهي فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً.. ولن يغلب عسر يسرين فتفاءلوا بالخير تجدوه.