تشهد محافظة الشرقية انتشار واسع لتجارة المخدرات مما يهدد صحة الملايين من أبناء المحافظة.. الغريب أن الحملات المكبرة لرجال المباحث وضبط أطنان من البانجو والهيروين والحشيش لم يوقف عجلة التجارة التي أصبحت أمراً واقعاً يحتاج تدخل كافة الأجهزة المعنية لوأدها. قال حازم دياب "موظف": تجارة المخدرات أصبحت ظاهرة منتشرة وبشعة مما تسبب ذلك في تدمير الشباب صحياً وأخلاقياً وانتشار المخدرات من نبات البانجو والأقراص المخدرة بين الشباب أدت إلي انحراف بعضهم أدبياً في المنزل والشارع والبعض الآخر سلك طريق السرقة للحصول علي شراء المخدرات وفي قريتنا خلال شهر تم سرقة عدة ماكينات ري وأكثر من خمسة دراجات نارية ويقوم بعض الشباب بتمشيط الأراضي الزراعية ليلاً للبحث عن مستلزمات الإنتاج مثل مبيدات الرش والآلات والأسمدة الأزوتية التي يتركها المزارع بأرضه لصبيحة اليوم التالي فيتفاجأ بسرقتها. أضاف د. عصام الصيفي إمام وخطيب مسجد الفتح بالزقازيق أن من أهداف الدين الإسلامي الحفاظ علي الدين والنفس والعقل والمال والعرض ولكن عندما تهاون المجتمع في القيم والأخلاق وضعف الوازع الديني في نفوسهم انتشرت بين أبنائنا عادات دخيلة وأمراض خبيثة منها إدمان المخدرات والإدمان كان منتشراً منذ زمن بعيد في مجتمعنا إلا أنه كان محصوراً في فئات معينة ولكن زاد الأمر عن الحد حتي صار الريف المصري في سابقة خطيرة وكراً لتجارة المخدرات فالشخص المُخدر ضيع دينه ونفسه وعقله وماله وقد يُفرط في عرضه. قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون". ولعل أهم أسباب انتشار المخدرات بين شبابنا غياب القيم الإسلامية والبعد عن الله وانعدام الوعي الاجتماعي بأضرار تعاطي المخدرات والرفقة الخبيثة وضعف الوعي الديني لدي أفراد المجتمع والتقليد الأعمي للغرب وعدم وعي الأسرة بخطورة المخدرات وتقصيرها في التحذير منها ووجود الخلافات العائلية والتفكك الأسري والرغبة لدي المتعاطين في اقتحام سور الممنوع وعدم الاستغلال الأمثل لوقت الفراغ. والتخلف الدراسي وكثرة الرسوب عند الفرد ووجود الاضطرابات النفسية ومسببات القلق النفسي. أكد السيد عرابي "موظف" أن انتشار المخدرات أصبح في كل مكان وبصورة بشعة وبيع الحشيش والبانجو والبودرة عيني عينك علي النواصي والمقاهي والشباب يتهافتون علي الشراء من شباب مثلهم وأصبح بيع المخدرات أكثر من بيع اللب والسوداني والسؤال من أين تأتي وأثرها في انتشار الجريمة. أوضح مجدي البقري "موظف" ان غياب الرقابة الأسرية وتفشي الطلاق والانحلال الأخلاقي والأسري دفع بالأطفال دون سن العاشرة بالهروب للشارع وأول شيء استغلال المجرمين ومروجي المخدرات لهم ليقع الطفل فريسة للمخدرات مثل البانجو لسهولة الحصول عليه من بعض المحلات والصيدليات والأكشاك وأحياناً بالأفراح العامة ونجد أن هذه الظاهرة تمثل خطورة وجريمة أيضاً تدفع صاحبها للسرقة أو القتل والسطو لتلبية احتياجاته ونجد حالياً إدمان القطرة وغيرها وغياب الدور الأسري والتربوي وانتشار التكنولوجيا الضارة ساعد علي انتشار الظاهرة كما أن الغياب الأمني في بعض المناطق النائية وعدم التحليل لطلبة الدبلومات الفنية أو الثانوية مثلاً وعدم وجود قانون رادع لهؤلاء نتمني المتابعة والرقابة وتشديد الإجراءات خصوصاً في الكافيهات والمواقف العامة وغيرها فرائحة البانجو تزكم الأنوف. أكد محمد حسين "عامل" أن تجارة المخدرات أصبحت منتشرة بين سائقي مركبات التوك توك غير الشرعية والتي لم يتم تقنين أوضاعها حتي الآن حتي الصيدليات بنطاق المحافظة أصبح البعض منها معروفة ببيع الحبوب المخدرة والتي حطمت الشباب ولا يشغل الصيادلة إلا تحقيق المكاسب فقط ولابد من تكثيف الحملات علي هذه الصيدليات وكذلك المقاهي خاصة غير المرخصة والتي أصبحت أوكاراً لتعاطي المخدرات لحماية شبابنا من الدمار بالإضافة لزراعة نبات البانجو في أحواش بالمنازل وقصاري الزينة. طالب مجدي عرفة "أعمال حرة" بضرورة تكاتف كافة الأجهزة المعنية لوقف تجارة المخدرات ليس علي مستوي الشرقية بل علي مستوي الجمهورية والذي انتشر بسرعة الصاروخ وأصبح كل من هب ودب يتاجر في "المزاج" ويحقق أرباحاً طائلة علاوة علي أن غالبية الحبوب والمنشطات التي يتم بيعها لها عواقب وخيمة وتسبب أمراضاً سرطانية كما تزيد من طوابير المرضي مما يكلف الدولة أموالاً طائلة في علاجهم وتكبد أسرهم تحويشة عمرهم أيضاً ولابد من تفعيل توصيات المؤتمر السابع والعشرين لرؤساء الأجهزة الوطنية المعنية بمكافحة المخدرات في أفريقيا الأخير والذي عقد بمدينة الغردقة بمشاركة 19 دولة أفريقية تحت رعاية مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومنظمة الإنتربول والجمارك العالمية والإيكواس لبحث أوجه التعاون والتنسيق المشترك مع الأجهزة المعنية بالدول الأفريقية الصديقة في مكافحة جرائم الإتجار بالمواد المخدرة وضبط العصابات والعناصر الإجرامية المتورطة في الجلب والتهريب لكافة أنواع المخدرات. أكد اللواء محمد والي مدير المباحث الجنائية أن رجال المباحث يبذلوا جهداً خارقاً وغير مسبوق في مواجهة تجارة المخدرات ونجحوا بالفعل في تحقيق ضربات استباقية وضبط أطناناً من مخدر الهيروين والبانجو والحشيش والسلاح الذي يستخدم للدفاع عن التجارة غير المشروعة والحملات المداهمة لبؤر تجار المخدرات ولن تتوقف حتي يتم تطهير المحافظة من التجارة الملعونة داعياً أبناء المحافظة إلي الإرشاد الفوري ودون انتظار عن تجار السموم حتي يتم ضبطهم وتقديمهم للعدالة لحماية ابنائهم من أخطارها. أشار هاني مرشد "أمين عام نقابة المعلمين بالشرقية" إلي أن الجهل وعدم الوعي والبعد عن الدين والمشاكل الأسرية والنفسية والعاطفية والشباب الأثرياء الذين يحصلون علي أموال طائلة دون حساب ورفقاء السوء وعدم الرقابة من الأسرة مصيبة كبري ويجب علي جميع أفراد المجتمع التكاتف والتعاون وتقديم التوعية للجميع والبدء من المدرسة حتي الجامعة وتكثيف حملات التوعية بجميع وسائل الإعلام والإعلان عن معالجة المدمنين مجاناً بسرية دون التشهير بهم كحافز لهم لإعادة اندماجهم بالمجتمع وتطبيق القانون بحزم علي المهربين والتجار. قال محمد أحمد عبدالمجيد "موظف" إن تجارة المخدرات انتشرت بمعدلات غير مسبوقة وخاصة بعد 25 يناير 2011 بسبب التغييرات السياسية والاجتماعية التي طرأت علي المجتمع. مشيراً إلي أن مخدر "الحشيش" هو الأكثر والأوسع انتشاراً في الشرقية بسبب انخفاض سعره وتعد الشرقية من أكبر الأسواق لانتشار تجارة وتعاطي الحشيش وتؤثر هذه التجارة تأثيراً سلبياً علي الاقتصاد المصري فقيمة ما يتم إنفاقه علي المواد المخدرة تصل نسبته إلي 2.5% من عوائد الدخل القومي والغريب أن تجارة المخدرات كانت تتركز في المجتمعات الغنية والتي تمتلك المال لشرائه ولكن الظاهرة الغريبة أنه متداول في مجتمع الشرقية بين كل فئات المجتمع المتوسط والفقير وتتركز بين الشباب. قالت د. وفاء فوزي حسن- أستاذ الطب الشرعي والسموم بكلية الطب جامعة الزقازيق- إن تعاطي المخدرات يؤدي إلي التهاب في المخ وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية التي تكون بالمخ مما يؤدي إلي فقدان الذاكرة والهلاوس السمعية والبصرية وإتلاف الكبد وتليفه واضطرابات في القلب والإصابة بنوبات صرعية بسبب الاستعباد للعقار وإحداث عيوباً خلقية في الأطفال حديثي الولادة بالإضافة إلي حدوث مشاكل صحية لدي المدمنات الحوامل مثل فقر الدم ومرض القلب والسكري والإجهاض العفوي ووضع مقلوب للجنين الذي يولد ناقص الوزن إذا لم يمت في رحم الأم. أضافت أن المخدرات السبب الرئيسي في الإصابة بأشد الأمراض السرطانية وتعاطي جرعات زائدة ومفرطة قد يكون في حد ذاته انتحاراً وتسبب المخدرات في حدوث العصبية الزائدة والحساسية الشديدة والتوتر الانفعالي الدائم والذي ينتج عنه ضعف القدرة علي التوائم والتكيف الاجتماعي كما تؤدي المخدرات إلي اختلال في التفكير العام وفساد الحكم علي الأمور وتصرفات غريبة والهذيان والهلوسة وقضية الإدمان والمدمنين هي قضية أمن المجتمع بالدرجة الأولي ولذلك فإننا مطالبون بأسلوب جديد وشامل في مواجهة هذه الظاهرة فإذا كانت حرب فيجب أن تكون حرب تطهير شعبية أولاً فليست الدولة أو أحد أجهزتها القادرة علي مواجهة العدو فقط لأن العدو من أنفسنا ولذلك تأتي أهمية المؤسسات الاجتماعية في مواجهة هذه الظاهرة وعلاجها.