الفراغ الذي خلَّفه الشيخ متولي الشعراوي. سارع "الواغش" لاحتلاله!! في وجوده لم يكن الوجدان البشري متشبعاً إلا بصوته. وإلي جواره اثنان من أهل الذكر. هما مفكر المثقفين الشيخ محمد الغزالي. وداعية العامة و"الدهماء" الشيخ كشك!! وبهؤلاء الثلاثة لم تكن الناس تعير اهتماماً لأيًّ من تجار الدين الذين يطفون علي السطح الآن. وتطفو من أفواههم رغوة الثراء الفاحش ومن مظاهرهم أبهة الغني. ومن ملابسهم الداخلية رائحة ضحاياهم من الفتيات المراهقات اللائي اصطادهن ولا نقول سباهن بعضهم تحت دعوي الزواج وهن في سن أحفادهم.. ويقال إن أحد هؤلاء التجار المشاهير العواجيز. مع كحلة الصباح التي يطمس بها عينيه يبدل فتاة بفتاة حتي بلغ عدد ضحاياه عشرين مراهقة. دفعهن العوز للزواج من هذا "البقف" المتصابي المخرب في المجتمع!! في وجود الشيخ الشعراوي كان يكنُّ هؤلاء التجار في جحورهم. وحوله يلتف الملايين من أبناء الطبقة المتوسطة مستفسرين عن دينهم: عبادات ومعاملات.. ويقدم لهم الرجل أكثر الآراء وسطية. وأبسط الأحكام تطبيقاً. وأسرع التفسيرات فهماً.. فقد جلب الشعراوي فتاوي أهل العلم العتاة وتفسير أهل الفقه والشريعة الكبار: الشافعي ومالك والطبري والسيوطي وغيرهم من بين صفحات الكتب التراثية إلي صفحات الواقع الذي يحياه الناس. بلهجة عامية كخطابهم مع بعضهم علي المقاهي وفي النوادي والمناسبات الاجتماعية. ومن هذا التوسط والاعتدال والتبسط والارتجال. عاش الشعراوي حاملاً راية الوطنية والانتماء لمصر وحدها: حصن الإسلام وعماده.. ولا نعرف أن جهة ما أو دولة ما مولَّته ووجهته كما يموَّل المنحلون الجهلاء الذين يهاجمونه الآن.. وقد أزعجهم أن ذكراه مازالت ماثلة للعيان والمشاعر كلما سالت دماء المواطنين: جيشاً وشرطة ومدنيين علي أيدي المتطرفين. لأن الشعراوي كان يرفض هؤلاء المتطرفين وينبذهم ويفضحهم ويعري ولاءهم لغير الوطن. لا خدمة تقدم الآن لهؤلاء المتطرفين والإرهابيين أشد نكراً مما يحاوله شواذ الفكر تجاه عقائد الناس. ساعين لهدمها. بادئين برموز الشعب والوطن.. فمرة يجرحون صلاح الدين الأيوبي. وأخري يسفهون عرابي. وثالثة يسعون لطمس هالة عبدالناصر في نفوس الشعب. والآن يهينون الشعراوي بحجة التطوير وما هو إلا تدمير وتخريب وتقديم مبررات للإرهابيين والبسطاء. بأن الدين في خطر وأن انقاذه بقتل المجتمع واجب شرعي!! فليمارس الشواذ عقلياً وفكرياً نزقهم بعيداً عن تدمير عقائد الناس ورموزهم. ومنهم الشعراوي الذي كنت أري وجوده ضرورة وطنية!!