منذ بدايات النهضة الثقافية والأدبية الحديثة قدمت البحيرة أجيالاً متواصلة من المبدعين والنقاد والمفكرين منهم الإمام محمد عبده ومحمد حمروش وأحمد الدمنهوري ومحمود شلتوت شيوخ الجامع الأزهر السابقين والشعراء أحمد محرم وعلي الجارم وإسماعيل الحبروك وعبدالقادر حميدة وفتحي سعيد وفاروق جويدة والأدباء عبدالمعطي المسيري وأمين يوسف غراب وعبدالحليم عبدالله وفريد أبوحديد ومحمد صدقي وعبدالمنعم الصاوي وعبدالوهاب المسيري وغيرهم. عن طبيعة الحركة الأدبية والثقافية في البحيرة بين جذورها الممتدة تاريخياً وطموحات أبنائها يقول الشاعر عمرو الشيخ الحركة الثقافية عموماً والأدبية تحديداً تشهد في البحيرة طفرة هائلة في هذه السنوات تشهد بها مصر من شمالها إلي جنوبها ويكفي أن نتابع معرض دمنهور للكتاب في نسختيه السابقتين وما حققه من نجاح مذهل يصعب إنكاره كذلك أسفرت جهود أبناء الجيل الحالي عن تحقيق حلم المثقفين في تشييد قصر ثقافة يليق بدمنهور ومبدعيها بتكلفة تقارب الخمسين مليون جنيه وقد اقترب موعد افتتاحه خلال الشهور القادمة ونجاح الجيل الحالي في المعرض أو قصر الثقافة لا يعني أنني أخص جيلاً محدداً فإلي جانب الأجيال السابقة والجيل الحالي هناك جيل بأكمله يدعم مثل الحناطي وعمر مكرم وعماد عامر وكمال اللهيب وعمرو الغزالي وأحمد صلاح وسامح رخا وغيرهم ومن قبلهم جيل رواد علي رأسهم أستاذ الأجيال السيد إمام الذي تعلمنا منه الحراك الثقافي وأسس التنوير ومن بعده الأساتذة أحمد شلبي والبودي ورضا إمام ومحمد السنباطي وعبدالمنعم كامل كذلك فإن جامعة دمنهور تمد جسورها الفاعلة في الحراك الثقافي. لكن.. هل كل ما سبق يعني أنه لا مشكلات؟ لا عقبات؟ بالقطع لا فهناك مشكلتان ثقافيتان كبريان الأولي لوائح وزارة الثقافة العقيمة المعوقة للعمل خاصة في الجانب المالي والثانية المضايقات والمحاذير في النزول للجماهير والشباب في الجامعات لكنني واثق أن دمنهور قريباً وقريباً جداً ستكون عاصمة مصر الثقافية. حركة دائبة ويقول الشاعر أشرف قاسم طوال تاريخها تعتبر البحيرة هي جمرة الإبداع فقد أنجبت العديد من الأعلام الذين أثروا حياتنا الأدبية والثقافية مثل محمود سامي البارودي وعلي الجارم ومحمد عبدالحليم عبدالله وتوفيق الحكيم وعبدالمعطي المسيري وغيرهم وخلال العقود الأخيرة شهدت البحيرة حركة ثقافية دائبة قادها أساتذة كبار أمثال السيد إمام وصلاح اللقاني وأحمد شلبي وغيرهم تلك الأسماء هي التي وضعت بعطائها الفكري والأدبي البحيرة علي خارطة الثقافة بالشكل الذي يليق بها وها هو جيل الشباب يتابع ما بدأه جيل الأساتذة ويواصل العطاء من خلال كتيبة من المثقفين والأدباء أمثال رضا إمام وعمرو الشيخ وبهجت صميدة ومحمود دويدر وعماد عامر ود.محمد أبوعلي ود.محمود عسران يعتبر معرض الكتاب بدمنهور هو الحدث الأبرز خلال العامين الماضيين بدورتيه الناجحتين واللتين كانتا مثار حديث الصحف المصرية والعربية.. في ظل هذا لا ننسي نجاحات أدباء البحيرة الذين حصلوا علي جوائز كبري ومثلوا مصر في الخارج أمثال محمد القليني والحناطي وهاجر عمر وغيرهم.. تظل البحيرة عظيمة بعطاء أبنائها. قبل الكمبيوتر ويقول القاص والروائي محمد البودي: إن نشر كتاب أدبي يستحق الاحتفال به وقد كانت المشكلة الأولي التي صادفتنا في نادي الأدب بعد تأسيسه في أواخر السبعينيات هي نشر الأعمال الأدبية حيث لم يكن في ذلك الوقت قد تم اختراع الكمبيوتر والطباعة غالية جداً ولم يكن بين أعضاء نادي الأدب من له أعمال منشورة سوي أديب أو اثنين علي الأكثر حينما جاء الكمبيوتر إلي دمنهور في أوائل التسعينيات لم تكن هناك ميزانية للنشر الأمر الذي جعلني أتحمل تكلفة طبع الكتاب وكان بعنوان أدباء من البحيرة وبعد ذلك بشهرين تم طبع رواية من يوميات الشرقاوي للكاتب عبداللطيف أبوخزيمة من جمعية رواد الثقافة طلبنا بعد ذلك من هيئة قصور الثقافة في عهد الراحل حسين مهران تخصيص ميزانية للنشر وقد كان وبدأ تنفيذ المشروع في نهاية التسعينيات ويعد مشروع النشر الإقليمي من أهم إنجازات الثقافة وساعد في إثراء الحياة الثقافية وقد أسهمت المحافظة وجمعية رواد الثقافة في عملية النشر ولكن تبقي الثقافة هي الأساس حيث تم نشر عشرات الإصدارات لأعضاء نوادي الأدب ونادي أدب الطفل. وعن الحركة الإبداعية والنقدية في البحيرة يقول القاص والباحث كمال اللهيب: أنجبت أندية الأدب علي مستوي البحيرة عشرات المبدعين المتميزين ولكن هذا الثراء الإبداعي في البحيرة بحاجة إلي تناول نقدي يفي بحقه بالمفهوم العلمي لكلمة نقد فالناقد صاحب رؤية تماماً كالمبدع وغياب هذا الدور النقدي هو الأمر الذي دفع الأدباء للكتابة عن بعضهم البعض وطموحي بالنسبة للحركة الثقافية والإبداعية في البحيرة هو تدشين حلقة نقدية أو مختبر نقدي مستمر ودائم بها ينطلق إشعاعه من البحيرة إلي خارج حدودها منفتحاً علي دنيا الإبداع في أنحاء مصر وخارجها ويستفيد بمعطيات أحدث المستجدات التي وصل إليها النقد ولدي تصور متكامل لإقامة مثل هذا المختبر النقدي يمكن أن يجعل من البحيرة قبلة وعاصمة ثقافية دائمة لمبدعي مصر يمكنني أن أقدمه للمسئولين لذلك فأنا أدعو أحمد درويش رئيس الإقليم ومحمد البسيوني مدير عام الثقافة بالبحيرة والمهندسة نادية عبده محافظ البحيرة التي تدعم العديد من الفعاليات الثقافية إلي اتخاذ تلك الخطوة الفارقة فالإنتاج الأدبي والنقد هما القضيبان اللذان تسير عليهما قاطرة الإبداع. ويري د.محمود عسران الأستاذ بجامعة دمنهور ورئيس نادي الأدب المركزي بالمحافظة أن للجامعة دوراً عظيماً في إرساء مبادئ الثقافة العامة في محيطها ومن هنا كان السعي الدائب إلي حضور المنتديات الثقافية وإجراء المسابقات الدائمة وورش العمل المستمرة في جميع كليات الجامعة ولم تبعد الجامعة عن مسرح ثقافة الإقليم فقمت والدكتور محمد أبوعلي بتشكيل نادي أدب جامعة دمنهور الذي جمع المبدعين من طلاب كليات الجامعة واستعنا بخبرة الدكتور محمد عبدالحميد خليفة في عالم الرواية والقصة القصيرة والابيجراما وهو صاحب باع طويل في ذلك المنحي الهام وكذلك خبرة الدكتورة رندا حلمي في عالم المسرح وهو تخصصها الدقيق وقد حملت علي عاتقها إفهام المريدين من الطلاب تقنيات المسرح وأبعاد النص المسرحي وآليات إبداعه فضلاً عن مجموعة من شباب الأساتذة وطلاب الدراسات العليا الذين أطلقت الجامعة أيديهم في حضور المنتديات وإعداد الندوات إلي جانب تحويل الجامعة ممثلة في نادي الأدب ومقره بكلية رياض الأطفال إلي كعبة يؤمها القاصدون من مبدعي المحافظة الذين هم خارج أسوار الجامعة. أخيراً. يقول الشاعر هاني قدري: إدارة الموهوبين والتعلم الذكي بالبحيرة إدارة وليد تعمل علي صقل مواهب الطلاب من خلال تنفيذ الورش المختلفة الأدبية والفنية وكذلك رعاية المبتكرين والمخترعين وذلك من خلال متخصصين ورغم انعدام الموارد المالية إلا أننا نعتمد علي الموارد البشرية وإيمان الجميع بما يقدمونه كما تقيم الإدارة بروتوكولات مع العديد من الجهات كجامعة زويل ونقابة العلميين وقصور الثقافة ومكتبة مصر العامة ودار الأوبرا وكل من هو مهتم بالموهوبين لذلك فليس غريباً أن تجد ثمار ذلك الجهد سندس الصافي أصغر روائية في مصر الفائزة بمسابقة قلمي وكذلك إسراء جابر التي مثلت مصر بالأردن في مجال الإلقاء ووفاء عماد تشدو في حفلات الأوبرا وتجد صفحات مجلة قطر الندي تمتلئ بلوحات موهوبي البحيرة ونحن الآن بصدد الإعداد لمهرجان الموهوبين تحت عنوان أخلاقي حياتي من إبداع الطلاب وسيتم عرض كتاب أدبي يضم الإبداعات الأدبية للطلاب الموهوبين.