القرار الذي اتخذته وزارة الأوقاف والخاص بعقد اختبارات لبعض الأئمة والخطباء لإعادة تقييم مستواهم العلمي بهدف رفع مستواهم أثار الكثير من الجدل بين علماء وأئمة وخطباء الأوقاف وموجة غضب عارمة من المعارضين تجمع علي أثرها مئات الدعاة في صحن الجامع الأزهر للتعبير عن رفضهم للقرار الذي اعتبروه إهانة وامتهانا لهم حيث أكدوا انهم اجتازوا امتحانات التخرج ثم امتحانات القبول في الأوقاف علي يد علماء أجلاء من جامعة الأزهر ورجاله .. بينما يري مؤيدو القرار أن الدورات التثقيفية والاختبارات التي تجريها الوزارة تساهم في تأهيل الإمام لمواجهة متطلبات العصر وأداء دورهم الدعوي علي أكمل وجه. "المساء الديني" التقت مجموعة من الأئمة والدعاة وكانت هذه آراءهم: أكد الشيخ علي بخيت نقيب الأئمة بسوهاج أن هذا القرار جائر وتساءل هل هذا التقييم هو السبيل الوحيد لرفع المستوي العلمي للأئمة والخطباء أم أنه مضيعة للوقت وإهدار للمال الذي ينفق علي مثل هذه الامتحانات والمعسكرات والمؤتمرات وغيرها ولو أن هذه الأموال تم توظيفها للإمام والدعوة لكان نفعها أعم ومردودها أشمل وإن كنا نعتب عتاب الغيور علي وزارته والمحب لوطنه بأن الوزارة حتي الآن لم تضع رؤية أو برنامجا تحقق فيه علي أرض الواقع للإمام كيفية تجديد الخطاب الديني .. مشيرا إلي أن قرار امتحان الأئمة فيه إهانة ل60 ألف إمام فلا مانع من دورات لتثقيف الأئمة ولكن الاختبار هو الإهانة. قال الشيخ خالد أبو عيد الهاشمي القيادي الدعوي والنقابي بالصعيد إنه من حق الوزارة أن تقف علي مستوي الأئمة والخطباء لكي تقيم الأداء وعلي أساسه تضع الآليات المناسبة للارتقاء بهم دون المساس بكرامتهم ومكانتهم والتشكيك في قدراتهم والتقليل من شأنهم أمام جمهورهم فمن المعلوم أن إمام المسجد ظل يدرس قرابة سبعة عشر عاما المواد التي تواكب العصر والزمان وما يتخللها من أحداث فحفظ القرآن ودرس التفسير والفقه والخطابة والحديث والعقيدة والمنطق والنحو والصرف وغيرها في كنف الأزهر الشريف وتم تعيينه إماما وخطيبا بوزارة الأوقاف بقرار جمهوري ولم تكتف الوزارة بكونه دارسا للعلوم الشرعية فعقدت له دورات تأهيلية وتدريبية لتقييم مستواه العلمي ومدي صلاحيته واجتاز هذه الدورات ليس ذلك فحسب بل ظل يخطب بالناس ويؤمهم في الصلاة قرابة عشرين عاما فبعد كل هذا يتم تقييمه ؟. طالب أن يكون تقييم الإمام في محيط عمله وفكره ومدي تفاعله مع جمهوره ومدي استيعابه واحتوائه في حل المشكلات التي تواجهه داخل مسجده فماذا لو اجتاز الاختبار في القرآن والفقه والسيرة ولَم يجتز في الخطابة فما مصيره ؟.. إذن لا يقاس الأمر بحفظ خمسة أجزاء من القرآن بل بالأداء ومستوي الإلقاء وفي النهاية إذا كانت الوزارة تري أنها تعمل علي تطوير مستوي الإمام فكان من الأحري بها أن توفر له السبل التي تعينه علي رسالته فتكفيه شر السؤال وتسد حاجته وتقيم له دورات تدريبية كل عام تناقش فكره وميوله ليواكب من خلالها الوعي لواقعه وعصره وبيئته وتوفر له مكتبة قيمة يستطيع من خلالها البحث والإطلاع. مطالب الأئمة قال الشيخ أحمد فهمي إمام وخطيب: لقد قمنا بإرسال مطالب أئمة مصر المحروسة إلي رئاسة مجلس الوزراء للنظر فيها وذلك علي خلفية اجتماع عدد كبير منهم بالجامع الأزهر الشريف بسبب رفضهم للاختبارات المزمع عقدها قبل نهاية الشهر الجاري . وضرورة استبدالها بدورات تدريبية طويلة المدة القصد منها الارتقاء بهم ولا يعقبها إضرار لاحد . وقد تم تفويض بعضهم لتقديم هذه المطالب وجاري رفع المطالب لكل مسئول ومشيخة الأزهر الشريف بالشكل الذي يليق بدعاة مصر وسننتظر رأي تلك الجهات المشار إليها؟ أشار الشيخ محمد داود إمام وخطيب بأوقاف دمنهور إلي أن الأمر الوحيد الذي يحدد مستوي الامام هو وجوده علي أرض الواقع بمعني أوضح إتقانه لعمله وفكره الملموس الذي لم يقتصر علي المسجد بل اتسع فشمل السوشيال ميديا علي اختلاف صنوفها ومن ثم فإن النجاح لا يقاس بالنظر بل بالعمل والفكر والتطبيق والأسلوب. تساءل الشيخ أشرف جاد إمام وخطيب بأوقاف كفر الشيخ: ماذا يريدون من الإمام فالأئمة الجدد سمحت لهم الوزارة بصعود المنابر بعد اختبارات خاضوها وأعلنت الوزارة نجاحهم فيها وكلفتهم بحمل أمانة الدعوة بكل تبعاتها والقدامي من تبقي منهم يطرقون ابواب المعاشات والتقاعد أليس ما تريدون فعله يعد طعنا في عمل الوزارة الحالي والسابق وأين هي التقارير السرية وتقييم الإدارات للأئمة ولماذا الاستثناءات ؟. رفض الشيخ محمد دحروج القرار بشدة لأن الأمر فيه غبش وضبابية لأن العدد ليس سهلا والأمور يكتنفها بعض الغموض وأتخوف كغيري كون الاختبارات يمكن أن تمهد طريقا لتقويض المؤسسة فهذا القرارات التي تتخذ بهدف وزعم تقويتها يمكن أن تعطي نتيجة عكسية فتنهار لصالح التنظيمات والفكر المتطرف. دورات مثمرة علي الجانب الآخر يقول الشيخ أحمد عبد المؤمن وكيل وزارة الأوقاف بالمنوفية إن مراكز التدريب الثلاثة بمساجد الأنصاري بشبين الكوم وأولاد غانم بمنوف وسيدي شبل بمدينة الشهداءپلاقت إقبالا كبيرا من الأئمة المشاركين في الدورة التدريبية لتحسين المستوي وعددهم "600" إمام موزعين علي المراكز الثلاثة علي مستوي المحافظة مؤكدا أنه لم يتلق أي شكاوي من أي إمام أو محاضر خلال تلك الدورة. يقول الشيخ محمد أبوزيد إن الدورة التدريبية للأئمة والدعاة بمراكز التدريب والتي استمرت لمدة 6 أيام. وشارك فيها أعداد كبيرة من الأئمة ما بين المركز الثقافي بمنطقة محرم بك وقاعة القائد إبراهيم بميدان محطة الرمل بالإسكندرية كانت مثمرة جدا من حيث زيادة تثقيف الأئمة وإطلاعهم علي بعض القضايا المعاصرة وكيفية مواجهة متطليات العصر مشيرا إلي أن الأئمة علي قدر كبير من الثقافة التي تعينهم علي أداء دورهم الدعوي بمساجدهم . أضاف أن طموحه أن يصل إلي الإمام العصري الذي يتواكب مع مشكلات العصر ويضع الحلول من خلال تجديد الفكر .. مؤكدا أن أهم عوامل مواجهة الإرهاب هي ترسيخ الفكر المستنير وتفعيل دور المسجد والكنيسة والإعلام والمدرسة وقبل كل ذلك الأسرة. يقول الشيخ محمد أبوحلوة إن الدورة تنشيط للعقل ومواجهة القضايا المعاصرة والتصدي للفتاوي الهدامة التي تصدر من غير المتخصصين وحق المواطنة للجميع .. مشيرا إلي أن مواجهة الإرهاب تتطلب تصحيح المفاهيم الخاطئة أمثال كلمة "الجهاد والجزية" ويجب علي الإعلام التواصل الجاد مع أهل العلم المستنير في مواجهة الفكر الإرهابي. الشيخ أحمد حسن أكد أن الدورة زادت من تقارب وتعارف الأئمة ومناقشة الموضوعات التي غالبا ما يحتاج إليها الإمام .. مشيرا إلي أنه يأمل أن يكون الإمام ملما بكثير من العلوم وأن يحصل علي حقه كاملا حتي لا يسعي لتحسين معيشته في غير تخصصه والذي يبعده عن أداء رسالته علي الوجه الأكمل فالعلم أقوي الأسلحة لمواجهة الإرهاب وعلي كل إمام أن يطلع ويزداد علما وأن يكون لديه غزارة في المعلومات في كافة الأمور.