تترقب إيران بقلق بالغ يوم 15 أكتوبر الحالي الأحد لأنه اليوم الذي سيبلغ فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونجرس بما إذا كانت إيران لاتزال ملتزمة بشروط الاتفاق النووي المبرم بينها وبين الشركاء الغربيين أم لا. وبناء علي شهادة ترامب. ووفقا للاتفاق. فإن الكونجرس سيقرر خلال 60 يوما من هذه الشهادة ما ينبغي اتخاذه من إجراءات بحق إيران. سواء باستمرار العقوبات الأمريكية التي فرضها ترامب عليها بتهمة الاستمرار في تطوير برنامجها للصواريخ البالستية. أم زيادة هذه العقوبات أو تخفيضها. إيران التي كان متشددوها بزعامة المرشد الأعلي للثورة علي خامنئي يقفون ضد الاتفاق في مراحله الأولي. ويهاجمون مهندسه في ذلك الوقت. الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني خلال مفاوضاته مع أمريكاوروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. هم الآن الأكثر تمسكا بالاتفاق ودفاعا عنه. ترامب هدد أكثر من مرة بإلغاء الاتفاق من طرف واحد. ووصفه بأنه "الأسوأ في التاريخ".. وردت إيران بتهديد مماثل. لكن الصحف الغربية تجمع الآن أنه لا أحد من الطرفين مستعد لتنفيذ تهديده.. وهناك مصلحة مشتركة في استمرار الاتفاق. ويقولون إن تهديدات ترامب وحدت إيران كلها خلف الاتفاق. وإن رفض المتشددين له. أو التهديد الآن بإلغائه. هو مثل تهديد ترامب. نوع من المساومة أو الضغط.. فلأول مرة يقف المرشد الأعلي في صف واحد مع الرئيس روحاني في هذه القضية التي يعتبرها الإيرانيون رمزا لأمنهم القومي. فالاتفاق لم يمنع إيران نهائيا من تطوير نووي. ولم يمنعها من تطوير صواريخها البالستية التي أكدت هذا الأسبوع. ردا علي تهديدات ترامب بأنها لاتقبل التفاوض حولها. كذلك ربحت إيران الكثير من وراء الاتفاق. في الجانب الاقتصادي علي الأقل. فقد استعادت مئات المليارات من الدولارات المجمدة في البنوك الغربية نتيجة العقوبات التي فرضت عليها قبل الاتفاق. كما استعادت حقها في تصدير بترولها للخارج بعد فك الحصار الذي كان مفروضا عليها وفتحت أبوابها لتدفق الاستثمارات الغربية. في نفس الوقت. فإن نشاطها السياسي الخارجي. وبالذات الإقليمي. لم يتأثر سلبا بالاتفاق. بل لعل الاتفاق قد عزز من هذا النشاط. فالدعم الإيراني للإرهاب لم يتوقف.. والتحالف الإيرانيالقطري ازداد رسوخا. خاصة بعد حملة دول الرباعية العربية: مصر والسعودية والإمارات والبحرين ضد تمويل قطر لجماعات الارهاب ومنظماته في المنطقة.. وقدرة إيران علي التدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج والدول العربية لم تتأثر. إيران. في ظل الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015. موجودة في سوريا. وفي العراق. وفي اليمن. وفي لبنان. ودعمت علاقتها بتركيا. وتحالفها مع روسيا. فضلا عن تطوير علاقتها بالاتحاد الأوروبي الذي يدعم الاتفاق ولا يؤيد ترامب في تهديداته بفسخه. ولذلك. فإن قيادة الحرس الثوري. القوة الأكثر تشددا في إيران. ورأس حربتها في كل تدخلاتها الخارجية. هي التي تتصدي الآن لتهديدات ترامب بإلغاء الاتفاق. أو حتي بتشديد العقوبات. وتحذره. إن فعل ذلك. بأن الحرس الثوري سيضع أمريكا في سلة واحدة مع تنظيم داعش. وسيقاتل الاثنين معا. بالطبع. المزاد العلني للتهديدات المتبادلة بين ترامب وإيران تدفع دول الخليج ثمنه.. فهذه التهديدات تجعل إيران أكثر شراسة في تعاملها مع دول الجوار التي تعتبرها حليفا للولايات المتحدة مثل السعودية والإمارات.. وهذه الشراسة تدفع تلك الدول إلي زيادة طلبها علي الأسلحة الأمريكية. فتزداد صناعة السلاح في أمريكا انتعاشا. وتتضاعف فرص العمل للأمريكيين ويتحقق شعار ترامب: "أمريكا أولا".. بأموال العرب.