البهجة تغسل الشوارع. الاطفال في كل مكان يرتدون الجديد الزاهي ويمرحون لكنه هو أيقظته أمه ودموعها علي خدها قبلته.. نعم.. لكن الحزن الذي كان يغسل قلبها ألقي بمائه علي وجهه هو الاخر ربما حزنا عليها مسحت عن عيونه الدموع وطلبت منه ان يستعد للخروج. كما الاطفال استيقظ مبكرا وكما الاطفال كان يحلم بالعيد والشارع والثياب الزاهية الجديدة لكنها اخرجت له نفس الثياب القديمة وارتدت نفس الجلباب الاسود القديم وأمسكته من يده وحملت في اليد الاخري شنطة كبيرة وسارا في الطريق.. خطف نظره ألعاب الشارع وملابس الاطفال والبالونات التي تطير بغير صاحب كان يتمني ان يسرع خلفها مطاردا لولا يد أمه التي تشده شدا ليسرع لم يمر بهذا الطريق من قبل لم يقم بهذه الزيارة من قبل لكنه كان يحفظ التفاصيل من وصف امه المتكرر والمعتاد لها وحديثها الدائم عن الزيارة الواجبة واللازمة إلي قبر الاب والطقوس التي تصاحبها.. الرحمة التي توزع علي روح الاب لتطهره من سيئ الاعمال القرآن الذي يردد فوق قبره ليخفف عنه عذاب القبر الذي سيستمر حتي يوم قيامته لذلك حين وصل إلي محطتهما الاخيرة قبر الاب المحاط بالاصفر الذي يشاهده للمرة الاولي لم يشده الامر كثيرا حتي عيون أمه التي تفجرت بالمياه لم يطل النظر إليها فقط وجه اهتمامه إلي الاطفال الاخرين الذين كانوا يدورون حولهم متخذين من شواهد القبور سواتر يستترون خلفها في لعبة "الاستغماية" التي يعرفها جيداً.. نظر قليلا ثم تحرك للمشاركة كانت أمه قد غابت في عالمها الخاص- حيث لقاؤها الاول بزوجها وحبيبها منذ انفصلا عن بعضهما بموته منفصلة عنه تماما لذلك لم تلتفت إليه أو تعره انتباهها بدأ الامر من جانبه علي حذر مجرد مشاهد منتبه ثم ومع إشارة الاخرين شارك بحماس اختفي خلف السواتر أمسك وأمسك تعارفوا وتنادوا بالاسماء وحكي كل منهم للاخر حكايته او حتي مجرد حكاية يوم طويل لكنه في النهاية حين أفرغت امه شنطتها وعيونها أمسكته من جديد بيد وبالاخري حملت شنطتها الفارغة وسحبته خلفها سايرها لكنه كان يحلم بالعيد القادم والزيارة الواجبة واللازمة القادمة حيث الصحاب علي وعد باللقاء. قصة: ماهر طلبة