أعلن جهاز التعبئة العامة والاحصاء وصول عدد سكان مصر إلي 104 ملايين نسمة منهم 9.4 مليون بالخارج و94 بالداخل وهذا الرقم يصل بمصر الي المرتبة 13 عالمياً في تعداد الدول الأكثر سكاناً وهو ما وصفه خبراء التنمية البشرية والاقتصادية بالأمر الهائل نظراً للموارد المحدودة وعلي مصر العمل وفقاً لرؤية وخطط طموحة لتحويل هذه الثروة البشرية الي عنصر إيجابي واستغلالها الاستغلال الأمثل في جهود التنمية. يري خبراء التنمية البشرية انه لا يوجد أمام مصر سوي تعميق ثقافة العمل من خلال انشاء مراكز التدريب علي حرف جديدة يحتاجها السوق العالمي وأيضاً نشر الصناعات الصغيرة ودعمها مع عمل برامج تدريب تحويلي للخريجين وان علي الدول ان تبني مشروعات في مجال التكنولوجيا والبرمجيات ودعم المشروعات الصغيرة ومساعدة الخريجين علي تسويق انتاجهم. أضافوا ان الحكومات السابقة لم تخطط لمثل هذه الزيادات السكانية ولذلك وجب الآن العمل وبسرعة علي نشر ثقافة التعليم المؤهل لسوق العمل والنظر للشهادة الجامعية علي انها للتأهيل الثقافي فقط. ويري خبراء الاقتصاد انه لابد من الربط بين النظام التعليمي وسوق العمل وان الزيادة السكانية دون ضوابط تؤثر سلباً علي المجتمع وخطط التنمية. يقول الدكتور حسام صالح استشاري تنمية الموارد البشرية أنه لابد ان نستثمر المورد البشري والبداية تكمن في النظام التعليمي حيث لابد ان يعتمد علي الدراسة العملية منذ المرحلة الابتدائية وتقسيم الطلاب الي أقسام وتخصصات يحتاجها سوق العمل وان يكون الجانب الأكبر من الدراسة عملياً في كافة المهن والصناعات ليكون الخريج مستعداً للعمل وعلي الدولة تأهيل الخريجين من خلال دورات ودبلومات متخصصة في المجالات التي يحتاجها سوق العمل ونشر ثقافة العمل من خلال الإعلام والندوات حتي لا يكون الشاب قد بلغ 25 عاماً ولم يبدأ حياته العملية ولذلك علي المدارس ان تعطي هؤلاء الطلاب ومنذ سن 15 عاماً تدريبا في المصانع والشركات علي الحرف والمهن المختلفة. أضاف د. صالح أري ان مستقبل مصر في صناعة البرمجيات ويجب مساعدة الشباب علي ذلك ويكفي ان أدلل علي ذلك بتجربة الشاب الهندي الذي توصل لعمل برنامج وصل سعره الي 19 مليار دولار فكيف لا يوجد في مصر مليون مبرمج ولذلك أحث الدولة علي تبني المشروعات في مجال التكنولوجيا وفتح فرص عمل للباب وتدعيم هذه المشروعات ومساعدتهم في تسويق انتاجهم. طالب د. صالح بفتح مراكز للتدريب وتطوير قدرات الشباب لتأهيلهم لسوق العمل وعمل اعفاءات ضريبية للمشاريع الصغيرة واعطائهم القروض الميسرة ومساعدتهم بالخبرات اللازمة لانجاح مشروعاتهم وعمل برامج وقنوات متخصصة لمعرفة كل جديد عالمياً والمنتجات التي يحتاجها السوق العالمي ولدينا القدرة عليها. أشار الدكتور أبو بكر مصطفي خبير التنمية البشرية ان بلوغ مصر 104 ملايين نسمة له تأثير سلبي علي خطة التنمية المستدامة 2030 بسبب انعدام التخطيط الجيد لاستغلال الزيادة السكانية في الانتاج وكيفية الاستفادة منها حيث يمكن تطوير هذه الزيادة لخدمة الوطن وجعلها إيجابية بفتح مشاريع صناعية جديدة والتوسع في التعليم المهني "الفني" والذي يرتبط بسوق العمل. أكد د. مصطفي ان معظم المساعي لتنظيم الأسرة سواء من الدولة أو الإعلام باءت بالفشل وتأثيرها علي المجتمع محدود بدليل هذا الرقم فمنذ الثمانينيات ومع بداية التطرق للمشكلة السكانية كانت مصر 70 مليون نسمة وبعد أقل من 30 سنة أصبحنا الآن نزيد عن 100 مليون نسمة "104 ملايين". يري د. مصطفي ان الحكومات السابقة لمصر لم تضع في اعتبارها هذه الزيادة السكانية من خلال مشروعات طموحة أو بتغيير فلسفة التعليم وهذ أثر بالسلب علي التنمية الاقتصادية وبالتالي نحتاج الآن وبشكل سريع الي تخطيط للمستقبل ورؤي جديدة تضع هذه الزيادة في المشروعات والخطط المستقبلية للاستفادة منها وحتي تتحول لزيادة إيجابية تساهم في الاقتصاد الوطني وليس ان تكون عبئاً عليه. أكد الدكتور فياض عبد المنعم أستاذ الاقتصاد ان التعداد السكاني الأخير ضخم للغاية نظراً للموارد المحدودة الحالية ولذلك لابد من التخطيط الجيد وبكفاءة وسرعة عالية حتي لا تتحول هذه الزيادة السكانية لعبء يضغط علي الدولة المصرية ولذلك يجب استغلاله بشكل جيد ووضع الخطط التفصيلية للتعامل مع هذا الكم الهائل من السكان من خلال عمل برامج زمنية وانشاء مراكز تدريب لحرف جديدة يحتاجها السوق العالمي مع نشر هذه المراكز في كل محافظات ومراكز مصر لتعليم كافة المهن والأنشطة الاقتصادية والمهارات الجديدة في نظم المعلومات وادارة المعدات والمصانع الصغيرة علي ان تكون هذه المراكز عليها رقابة شديدة للعمل بكفاءة وفق معايير محددة ومهن محددة بعضها يتجه لعمل مشروعات صغيرة أو لمهن فنية متخصصة ويراعي في ذلك التقييم المستمر للكوادر بها وان يكون هناك تقييم شامل بعد مرور 5 سنوات للنظر لتلك المراكز ومعرفة مدي كفاءة الخريجين ومعالجة الأخطاء لضمان استمرارها وكفائتها في المشروعات الجديدة الكبري التي تقيمها الدولة أو من خلال شركات عالمية تري ان مصر توفر الأيدي العاملة الماهرة ولا يوجد أمام مصر حل آخر سوي ذلك مع عمل تدريب تحويلي لكافة الخريجين بعد شهادتهم الجامعية حتي يجيد مهنة يحتاجها سوق العمل وان يكون المؤهل الجامعي للتأهيل الثقافي والاجتماعي وليس لسوق العمل وعلي من يريد العمل السعي بالتدريب بشكل جيد. أكد أحمد يحيي استاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس ان الموارد البشرية ثروة يمنحها الله للمجتمعات ولابد من وجود خطة ورؤي لاستثمار هذا المورد بطريقة إيجابية لخدمة المجتمع وأفراده وهناك دولاً كثيرة استطاعت ان تستثمر هذه الزيادة للنهوض بالمجتمع وتقدمه مثل الصين والهند والبرازيل. يري د. يحيي ان المدخل الرئيسي لاستثمار هذه الثروة البشرية ينطلق من التعليم ولابد ان يتوافق النظام التعليمي مع ما يتطلبه سوق العمل وهذه هي البداية وأيضاً اقامة الشروعات الصناعية كثيفة العمالة والتي تستوعب هذه الزيادة. أشار د. يحيي إلي ان الزيادة السكانية دون ضوابط أو رؤي مستقبلية ولذلك يجب علي كل أسرة مصرية تنظيم الانجاب بما يناسب مع الامكانات الحالية وحتي لا ينعكس هذا سلباً علي المجتمع والخدمات المقدمة للمواطنين.