تفاعل الشاعر أحمد مصطفي سعيد مع الحركة الأدبية في مصر منذ سنوات من خلال قصائده الشعرية التي اعتاد نشرها في الأبواب الأدبية في الجرائد والمجلات. ويكشف إبداعه الشعري عن ثقافاته المتعددة وجودة القراءة التي صارت عنده عادة إيجابية. ودائما يدور شعره حول المرأة والوطن فهو صاحب مشروع قومي يلتزم بمقولة نزار القباني "المرأة والوطن مشروع قومي" يحفل ديوانه الشعري. نقضت غزلها..بقصائده التي تدور حول المرأة والوطن . عبر الشاعر فيه تناقضات الواقع وتعقداته مكرساً جهوده في تقديم رؤي في القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية يهتم الشاعر بمصير الإنسان الفردي في هذا الواقع اهتماما لانهائيا وعنوان الديوان . نقضت غزلها. يكشف عن أثرالفراق في هذا الواقع علي الإنسان فهذا الفراق يؤثر علي الإنسان ويدفعه إلي السير في الطريق المعاكس فالعنوان يكشف عن تناقضات الواقع وارتباكه في جميع نواحي الحياه. تدور قصائد الديوان حول محورين أساسيين هما :- رومانسية عاشق وثورة متمرد وتحتل الرومانسية مساحة شاسعة في قصائد الديوان والرومانسية يقدمها الشاعر للمتلقي في معناها العام المتعة في الآلام وعدم الرضا عن الحاضر وغلبة العاطفة علي العقل وقد يصبح الإنسان أكثر رومانسية كلما ازداد تعاسة وشقاء. يعبر الشاعر عن تجاربه العاطفية التي تلهب انفعالاته في قالب شعري يكشف عن المعاناة التي يعانيها من فراق محبوبته . فالشوق دائما يشده إلي لقاء محبوبته. وأن فارق البعد بينه وبين لقاء هذه المحبوبة سيختل عقله ويقضي بقية حياته في عالم الجنون إن مرارة فراق الشاعر عن محبوبته وتعاظم جرحه يدفعه إلي عالم الجنون مشتاق انا يكفيني التعذيب / فأسبق البراق وسأظل قعيدا ما بين شطري الانتظار والأشواق . ولم يكتف الشاعر بأمر صديقه بالقيام بهذه المهمة الذي يحمل معني التمني وهي لقاء المحبوبة بل نهاه بعدم الغياب عنه فلا تغب وكن أنت الحنون / فلا تجعلني أكمل عمري بحذاء المجنون"عويل الحنين" يواصل الشاعر تجلي رومانسيته فنجده يعجزعن الوصول الي محبوبته وهو في أشد الرغبة إلي لقاء هذه المحبوبة ففي قصيدته للوجد شهادة ميلاد وأسعي لعدن خطوة / الريح ترميني للوراء /مللت عجزي فاوعزت نفسي / مالك والعشق تمرد الشاعر علي الواقع الذي اختفي فيه كل شيء جميل أمام التغيير الذي طرأ عليه وثار علي هذا الواقع الذي شعر الشاعر فيه بالاغتراب أمام واقع صار كل شيء فيه يخضع للمادة. واقع سيطرت عليه أجهزة لا تحس بالحب ولا تشعر بالإنسان وحاجته الملحة إلي السعادة يجيء فيه المستقبل أكثر تعاسة من الحاضر بسبب هيمنة الغرباء علي هذا الواقع . فهم يدمرون كل شيء رائع يربط بين أبناء الوطن العربي رباطا قويا . فالغرباء يدمرون تراثنا الحضاري ويبنون قصورا ويغرسون خناجر الخوف في قلوب أبناء هذه الأمة ويؤمن الشاعر إيمانا قويا بقضية يثور من أجلها علي الواقع وبتصور جديد للمستقبل والشاعر يحاول أن يعيد بناء العالم من جديد . عالم حافل بالحب والخير والعطاء يحل فيه الأمن فتطمئن النفوس. يغري الشاعر المتلقي بثمار المقاومة وطرد الغرباء من وطننا فيري الشاعر أن السلام سيحل بالوطن . فما أجمل اليمام الذي يرفرف علي أرض الوطن معلنا عن السلام في هذا الوطن وعن النفوس التي أصبحت مزينة بالطمأنينة ولذلك يحذر الشاعر المتلقي من التهاون فالتهاون إذا سيطر علينا فسيموت كل منا قبل الأوان :- يافتي مات قبل الأوان / من لم تطأ قدماه عرس الميدان / يافتي اخرج من غارك / نازل أنت وجارك رسل الشيطان / يعود اليمام / يعود اليمام. من خلال قراءة الديوان بتأن ودقه يتبين لنا الآتي :- - هناك تماثل صوتي بين الأصوات الانفجارية وكذلك يحدث تماثل بينها وبين الأصوات الاحتكاكيه فينتج عن ذلك إيقاع يشكل وظيفة دلالية وجمالية في النص يهتم الشاعر بالجناس الصوتي الذي يصنع صوتا شعريا يؤدي إلي تعدد دلالات النص مثل :- بعيدة وعنيدة كواليس كوابيس - صاح والصباح ضيفا وطيفا خوفك وجوفك .ينتفي الشاعر كلمات مترادفة ويكون منها جملا في سياق النص هذه الكلمات تؤدي المعني وتعمل علي اتساع رقعة المجال الدلالي وتزيل الغموض واللبس الواقع علي بعض الكلمات المترادفة مثل البكاء والنواح رجفة وخوف خفف ولا تنتحب يستخدم الشاعر الكلمات المضادة والمفارقة ليعمق دلالات القصائد ويعمل علي تعدد المعني في التركيب مثل الشمس والليل المكاشفة والمراوغة الدنيا والآخرة - تبيع وتشتري الموت والحياة -ويحاول الشاعر توثيق العلاقة بين المضاف والمضاف إليه فيدرك المتلقي دلالات متعددة للنص مثل :- عاشق النهار فالعاشق كلمة قريبة من الحرية والنهار كلمة تعني الحرية أيضا . فالعلاقة بين المضاف "عاشق" وبين المضاف إليه "النهار" الحرية . وكذلك كلمة وداع الأحبة فكلمة وداع تعني رؤية من يحب قبل السفر وكلمة الأحبة تعني الحب والجمع للشمول والعموم فالعلاقة بين المضاف "وداع" والمضاف إليه "الأحبة" شدة الحب. وتمثال الحرية وكلمة تمثال تعني الخلود وكلمة حرية تعني الحرية فالعلاقة بين المضاف "تمثال" والمضاف إليه "الحرية" تعني وجود الحرية ملازمة منذ القدم وستظل الحرية شرط وجود الإنسان العربي إلي الأبد. بقلم : محمود خضري يس