أثناء متابعتي للجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.. وعقب زيارته للدوحة تحديداً وما جري فيها قفز إلي ذهني السؤال الذي كانت تطرحه الفنانة الرائعة ماري منيب علي الفنان الجميل عادل خيري في مسرحية "إلا خمسة": "أنت جايه تشتغلي ايه..؟؟". تيلرسون استهل جولته بزيارة الكويت.. قلنا انها خطوة صحيحة لأن سمو أمير الكويت حمل علي عاتقه من البداية تصفية الأزمة "العربية القطرية" حتي تظل داخل البيت العربي فقط رغم اللعب الإسرائيلي من تحت الترابيزه والممتد سنوات طويلة.. وظل سمو الأمير علي موقفه حتي بعد خروج الأزمة من نطاقها العربي إلي الاقليمي ثم إلي الدولي.. ومن ثم كان من الطبيعي ان يزور الكويت للوقوف علي آخر المستجدات.. "قال يعني مش عارف".. ماعلينا. المحطة الثانية لتيلرسون كانت الدوحة.. وهناك رأينا وسمعنا ما يجعلنا نتقياً.. حيث وقع منفرداً مع قطر ودون التنسيق مع الدول الأربع مذكرة تفاهم تحت مسمي "مكافحة تمويل الإرهاب" وكأن قطر شريك حقيقي في هذه المكافحة وليست الكيان المقصود بهذا التمويل.. كما صرح بأن "الدوحة أول من تجاوب مع متطلبات قمة الرياض الإسلامية الأمريكية لوقف تمويل الإرهاب". وزاد الطين بلة حين قال ان "قطر كانت واضحة جداً في موقفها وان تصرفاتها مع جيرانها عقلانية وواقعية".. ياااااه.. "واضحة" آه حيث تمسكت بدعم التنظيمات الإرهابية وايواء الإرهابيين وأصرت علي بث خطاب الكراهية عبر الجزيرة الصهيونية وغير ذلك.. لكن بأمارة ايه "أول من تجاوب"؟؟.. بأمارة الهجوم الوقح من ابن موزه علي خادم الحرمين الشريفين عقب عودته مباشرة من الرياض؟؟.. وبأمارة ايه "عقلانية وواقعية"؟؟.. هل من العقل ان تستقدم جيوش تركيا وايران؟؟.. وهل من الواقعية ان تشعل حرباً في الخليج؟؟.. أم انكم تريدون هذا فعلا وتشعلون الأجواء لكي يحدث ما تريدونه..؟؟ للأسف الشديد .. تيلرسون خلال زيارته للدوحة لم يتعامل علي انه وزير خارجية أمريكا.. فقد كان بمثابة "حاخام" إسرائيلي.. لقد أساء إلي بلاده ابلغ اساءة.. وبالتالي فإن مذكرته "الهلس" وتصريحاته "الأكثر هلساً" جعلاه وسيطا غير نزيه بالمرة.. ولذاكان رد مصر والسعودية والامارات والبحرين قبل ان يجلس وزراء خارجيتها معه أمس كاشفا وفاضحا له ولقطر ومحددا أصول "الوساطة" التي أراد تيلرسون تحويلها إلي أمر فوقي ملزم لنا وهذا لن يكون. وزراء خارجية الدول الأربع ليسوا تلاميذ في مدرسة تيلرسون وهو حضرة الناظر الذي يأمر فينفذون.. ولذا استبقوا اجتماعه بهم وأصدروا بيانا هو الأقوي ركزوا فيه علي دأب قطر علي نقض كل الاتفاقات والالتزامات واستمرارها في التدخل والتحريض والتآمر واحتضان الارهابيين وتمويل العمليات الارهابية ونشر خطاب الكراهية والتطرف مما لا يمكن معه الوثوق في أي التزام يصدر عنها تبعا لسياستها القائمة دون وضع ضوابط مراقبة صارمة تتحقق من جديتها العودة إلي المسار الطبيعي والصحيح.. وشددت الدول الأربع في النهاية علي استمرار اجراءاتها "الحالية" إلي ان تلتزم السلطات بتنفيذ المطالب العادلة كاملة. هناك تباين واضح بين موقف الرئيس الأمريكي الذي أعلن صراحة ان قطر تدعم الارهاب وموقف وزارتي خارجيته ودفاعه المساند لقطر.. وسواء كان هذا التباين حقيقيا أو مجرد توزيع أدوار فان ذلك لا يعنينا لأن الواقع يؤكد ان قطر عميل لأمريكا ومن سنوات وكانت تنفذ توجيهاتها حرفيا خاصة فيما يتعلق بايواء ارهابيين أو دعم تنظيمات بعينها.. هذا ليس سرا. الذي يهمنا هوا ن نتمسك بموقفنا.. لن نأخذ أوامر بشأن أمننا القومي لا من أمريكا ولا من الجن الأزرق.. وضوابط المراقبة التي ذكرها البيان الرباعي لابد ان تكون عربية وليست أمريكية.. يمكن ان تكون من خلال جامعة الدول العربية.. هذا الموقف هو حماية لبلادنا وشعوبنا وأولادنا.. واذا كانت قطر تلعب علي نغمة "السيادة" فنحن أيضا نتمسك بذات السيادة وأظن ان أبسط قواعد السيادة اننا أحرار في أراضينا واجوائنا ومياهنا بأن تكون لنا علاقات مع دول وان نقطعها مع دول أخري لأسباب جوهرية. الرد الرباعي المتمثل في البيان الأخير واضح ويقول لتيلرسون ضمنياً" "أهلاً بك في جدة.. تشرب القهوة العربي وتأكل الكبسة .. ثم مع السلامة".. رد يجب تعميمه علي العالم كله.