اكد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ان لدينا مسئولية كبري تجاه توفير الاحتياجات المعيشية لشعبنا العظيم.. مشيرا إلي ان البعض اساء استغلال الدين وتأويل نصوصه لنشر الافكار الهدامة والمتطرفة. قال الرئيس في احتفال مصر بليلة القدر والذي نظمته وزارة الاوقاف انه يجب وضع حد للتلاعب بمقدرات الشعوب سعيا للهيمنة والعظمة.. مشيرا إلي ان هناك اشقاء وغير اشقاء يوفرون الاموال والمنابر الاعلامية للارهاب. هنأ الرئيس السيسي في بداية كلمته الشعب المصري والعالم الاسلامي خلال كلمته التي القاها في احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر. فيما يلي نص كلمة الرئيس: اتوجه اليكم والمسلمين في انحاء العالم بالتحية والتقدير والتهاني. اتحدث اليكم اليوم احتفالا بليلة القدر ذات المكانة الخاصة لدي مسلمي العالم. الليلة التي انزل الله فيها القرآن الكريم يهدي به إلي الخير والسلام والبناء وينهي عن الشر والفرقة والاذي. ليلة وصفها جل وعلا بأنها كألف شهر "وسلام هي حتي مطلع الفجر". واليوم إذ نحتفل بهذه الليلة نتوجه الي الله بالرجاء أن يجعلها علي الدوام سلاماً علينا وعلي أمتنا وعلي عالمنا بأسره.. السيدات والسادة. مضي شهر رمضان الكريم علينا سريعا جاء في موعده ككل عام ليحتفل به المصريون كعادتهم علي طريقتهم الفريدة التي تجمع بين الدين والدنيا في مزيج متفرد بحجم تفرد شخصية هذا الشعب العظيم الكريم الذي عرف كيف يتصالح مع الزمن وصادقه فاستحق أن توصف بلاده بأنها أم الدنيا ويكون هو المعلم للانسانية. الحضارة الإنسانية قال الرئيس السيسي في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر: ولكن هل تشبه الليلة البارحة ام انه قد جري تحت الجسور مياه كثيرة واذا نظرنا إلي احوالانا وتساءلنا بصدق وصراحة: هل نحن راضون عن ما آلت اليه احوالنا كمصريين وعرب ومسلمين هل نحن في المكان الذي نريده لأنفسنا ولابنائنا وسط دول العالم وحضاراته؟ هل نشارك بقوة وفاعلية وثقة في صنع وقيادة الحضارة الانسانية الحالية؟ هل نحن في موقع الصدارة في تحقيق الاكتشافات العلمية والتكنولوجية؟ هل نصدر إلي العالم التسامح والتنوع والتعايش المشترك واخيرا؟ هل انتهي الفقر والمرض والجهل من بيننا واصبحنا آمنين مطمئنين علي مستقبل اولادنا وبناتنا. الفهم الديني قال الرئيس السيسي: اسمحوا لي أن اقدم محاولة متواضعة للتفاعل مع ما سبق من اسئلة من خلال مناقشة العلاقة بين ثلاثة مفاهيم وهي الفهم الديني والإرهاب والتنمية علي أن يطرح نقاش مجتمعي يركز علي الصورة الكبيرة الشاملة بدلا من الاجتزاء والاختزال والتحليلات غير الموضوعية.. فأولا لا اخفي عليكم انه قد خرجت من بيننا جماعات وأفراد أساءوا فهم الدين وفي احيان أخري تعمدوا اساءة فهم الدين واستغلاله لتحقيق أهداف سياسية وذهبوا علي مدي عقود من الزمان علي التأويل المتعسف للنصوص الدينية ليخرجوا منها ما يجعل الدنيا سوادا ويملأ القلوب كراهية ويغرس في العقول اقصي معاني التطرف والانغلاق. إن هذه الاساءة المتعمدة لفهم الدين وهذا الخطاب المتشدد الاقصائي لن يساهم فقط في توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف ولكن قام كذلك بتسميم مجمل نواحي الحياة بعيدا عن المبادئ التي ارستها الديانات المختلفة والتي تضمنتها الكتب السماوية. لذلك اكرر أن تصويب الفهم الديني وتجديد مجمل الخطاب الديني دون المساس بالثوابت هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة وأن ننظر بجدية إلي افكارنا وما نردده وما ننقله وننشره وما نربي عليه ابناءنا وان نعلم الناس الدين الصحيح البسيط السهل الذي يراعي حياة الناس وظروفهم وان نؤسس خطابا دينيا حديثا يبني مجتمعا متماسكا يسوده التسامح والعدل والرحمة. خطابا يربي اجيالا قوية واعية مخلصة لوطنها وشعبها ويعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه إلي ما شاء الله. وانني إذ اثمن غاليا واشيد بدور الأزهر الشريف مؤسستنا العملاقة التي نفتخر بها التي كانت علي مدار أكثر من ألف عام ومازالت وستظل اهلا للافتخار والثقة. وقفة صادقة إنني أؤكد أن هذه المسئولية تقع علي عاتق المجتمع بأسره الذي يتعين عليه أن يقف وقفه صادقة مع ذاته يقرر فيها انه قد آن الأوان للنظر الي المستقبل وبنائه بدلا من التعلق بأهداب الماضي.. يقرر فيها انه قد آن الآن أوان نبذ التطرف والاقصاء والانغلاق والتشدد والانفتاح علي الدنيا بثقة وحب وتسامح ورحمة وإنني لعلي ثقة مطلقة في قدرتنا جميعا. المؤسسات الدينية ورجال الدين والفقه والمجتمع وقواه الحية وقوته الناعمة والمفكرين والمثقفين والعلماء والفنانين. في ان نقدم للعالم نورا يشع من مصر ونموذجا للخطاب الديني المتطور نحقق به الحسنيين ارضاء لله سبحانه وتعالي وتعمير الأرض واسعاد البشر. نحن من أكثر الأمم نظافة وعلما.. يا تري هل نحن قراء.. وأن تعليمنا هو أفضل تعليم.. والنشأة في المدارس أفضل نشأة.. وأولادنا أفضل ناس في الدنيا.. ونحن افضل خلق في الدنيا.. وهذا الكلام لنا جميعا كأمة. اقول لكم ودائما سنتحاسب امام الله علي ما نقوم بعمله وعلي ما نقدمه وما نفكر فيه وعلينا عدم التفكير في المصالح الشخصية وان نقف الي جانب الصالح العام ومصلحة الناس هي الأهم ولو كانت علي حساب مصلحتي الشخصية. عناصر المواجهة تابع الرئيس السيسي قائلا: "السيدات والسادة.. يقودنا الحديث عن تجديد الخطاب الديني الي ثاني ما يعيقنا عن تحقيق اهدافنا وتبوؤ ما نتمناه من مكانة وهو الارهاب بكل ما يتسبب فيه من إزهاق للارواح البريئة وألم في الصدور وشعور بالقلق وعدم الامان واهدار للفرص الاقتصادية وتعطيل للتنمية وتأثير سلبي علي مجمل أوضاعنا السياسية والاجتماعية. والارهاب كما قلت من قبل في الشهر الماضي يتطلب 4 عناصر لمواجهته والقضاء عليه منها تجديد الخطاب الديني والتعامل مع جميع التنظيمات الارهابية بمعيار واحد واعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها لاستعادة الاستقرار بالمنطقة. وأخيرا منع تمويل الجماعات الارهابية وايقاف مدها بالسلاح والمقاتلين. اسمحوا لي ان اتحدث اليكم بصراحة فبينما نبذل نحن حكومة وشعبا اقصي الجهد في مكافحة الارهاب والتصدي له عسكريا وأمنيا وفكريا وسياسيا ونبذل كذلك اقصي الجهد في دعم التسويات السياسية والسلمية للأزمات القائمة في المنطقة بما يعيد لدولها الاستقرار والامن ويقضي علي الفراغ الذي يستغله الارهاب ليتمدد وينمو بينما نفعل كل ذلك نجد اشقاء لنا وغير أشقاء يقومون بدعم الارهاب وتمويله ورعايته ونجدهم يوفرون لجماعات الارهاب وفكر الارهاب المنابر الاعلامية والثقافية ينفقون عليها مليارات الدولارات سنويا ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والاسلامية لهذا الفكر الاجرامي المدمر. يستغلون التكنولوجيا الحديثة وما انتجته الحضارة الانسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من امان وكل ذلك لماذا؟ ابتغاء اوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة. هل اصبحت مقدرات الشعوب لعبة سياسية؟ هل تهون ارواح الشباب والرجال والنساء والاطفال من اجل احلام الزعامة والمجد الكاذبة؟ هل تستحق هذه الاوهام ازهاق روح انسانية واحدة؟ انني وبكل الوضوح والصراحة اقول لكم وللعالم انه يجب ان يتم وضع حد لهذا الامر. فرض واجب قال الرئيس السيسي ان التصدي للدول الراعية للارهاب بكل حزم وقوة اصبح فرضا واجبا واذا ما أردنا ارادة حقيقية لظاهرة الارهاب اقول ان استراتيجية مكافحة الارهاب يجب ان تسير علي اقدام ثابتة وليست مرتعشة وان القضاء علي خطر الارهاب لايمكن ان يتم بدون تدمير بنيته التحتية سواء المالية أو الفكرية ونقول لهذه الدول كفاكم تماديا وتعالوا الي كلمة سواء نجتمع فيها علي التعاون والخير والبناء لما فيه صالح شعوبنا. كما اقول للشعب المصري العظيم ان أمن مصر القومي هو خط احمر لاتهاون فيه وان مصر ستنتصر بمشيئة الله علي الارهاب بفضل صمودكم ايها المصريون وبفضل تضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة.. السيدات والسادة شعب مصر الابي الكريم اخيرا وليس آخرا لان الضلع الثالث من مثلث التقدم هو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وثيق الصلة بما سبق من مفاهيم فالتنمية الحقيقية الشاملة التي تنقلنا من حال الي حال تحتاج لكي يتوفر المناخ الملائم لها إلي خطاب ديني وثقافي وفكري متطور ومجتمع ودولة خاليين من الارهاب بصوره المختلفة.. فبدون ثورة فكرية شاملة نغير بها طريقة نظرنا للامور ونوثق اتصالنا بالعالم الحديث والروح العصرية المنطلقة لن يمكن تحقيق التنمية التي نصبو اليها فالتنمية لاتقوم علي الاساس المادي فقط بل تستلزم اساسا فكريا ومعنويا وروحيا ولا اجد ادل من كلمات الاديب الراحل الدكتور يوسف ادريس عندما تحدث عن "فقر الفكر وفكر الفقر" فالحقيقة اننا نحتاج الي غني الفكر وثرائه وتجديده وانفتاحه ومرونته والي فكر الغني والرخاء بدلاً من الضيق والعوز. تجديد الفكر اضاف الرئيس السيسي ان مصر بحاجة الي جانب ما نحققه من انجازات تنموية تتزايد يوما بعد يوم- الي تجديد منهج فكرنا ومواجهة الارهاب واضعافه وصولا للقضاء عليه نهائيا وبحيث تنطلق التنمية بسرعة اكبر ووسط ظروف اكثر ملاءمة وبينما نسير في هذا الطريق طريق تمهيد الارض لتنمية مستدامة حقيقية لم نغفل ان لدينا مسئولية كبري تجاه شعبنا العظيم لاحتياجاته المعيشية والتنموية ولذلك فضلنا عدم اضاعة المزيد من الوقت واهدار مزيد من الجهد في التحايل علي مشكلاتنا الاقتصادية وان نواجهها والتعامل مع جوهرها. كنا ومازلنا في سباق مع الزمن لتصحيح الاختلال الاقتصاد. وتوفير سبل المعيشة الكريمة للمصريين. كان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد شهد احتفال مصر بليلة القدر والذي نظمته وزارة الاوقاف وحضره رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف اسماعيل وشيخ الازهر الدكتور احمد الطيب ومفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام ورئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال ووزير الاوقاف رئيس المجلس الاعلي للشئون الاسلامية الدكتور محمد مختار جمعة والوزراء وبعض المحافظين وسفراء الدول الاسلامية والعربية. وكرم رئيس الجمهورية خلال الاحتفال اوائل الفائزين في المسابقة العالمية لحفظ وتفسير القرآن الكريم التي نظمتها وزارة الاوقاف بفروعها الاربعة وهم 8 اوائل الفائزين بكل الفروع منهم 3 من مصر. كما القي كل من شيخ الازهر ووزير الاوقاف كلمة بهذه المناسبة حول جهودهما لتجديد الخطاب الديني.