بالرغم من الأزمة التي تشهدها الإسكندرية بعقار الازاريطة المنكوب المائل إلا أن البناء المخالف لم يتوقف بل يسير في رتمه المعتاد من عمليات هدم غير مرخصة أو ارتفاعات عشوائية بدون ترخيص علي حساب المونة والحديد المستخدم في البناء فمافيا البناء المخالف بالثغر لها أسلوبها وشبكتها الممتدة والتي ترصدها "المساء" لكشف آلاعيب البناء المخالف. * في البداية تعد مناطق المنتزه والرمل والعجمي من أشهر مناطق البناء المخالف للصعايدة خاصة الصوامعة حيث يقوم المقاول الصعيدي بالبناء بنظام الجمعية مع مجموعة من أبناء قبيلته الذين حضروا للثغر بأموال لا تكفي لبناء عقار واحد بمفردهم محققين مكاسب تصل 300% فالبناء المخالف وبدون ترخيص دائما ما يكون علي حساب تكلفة البناء لتغطية المحسوبيات التي تدفع للعديد من الجهات من بينها الاحياء حتي تستمر عملية البناء بدون توقف لحين التسكين كما أن الصعايدة من المقاولين الكبار يحرصون علي دعم ابناء عمومتهم القادمين إلي الثغر باعطائهم عمليات صغيرة سواء في البناء أو الرصف حتي يتمكنوا من تحقيق مكاسب تأهلهم للعمل في البناء المخالف ويتخصص الصعايدة في منطقة العجمي أيضا بأغلب حراس العقارات من الصعايدة وهم الاجدر بمعرفة أماكن الاراضي الخالية أو التي تأخذ بوضع اليد أو المباني الآيلة للسقوط ونظراً لكون العجمي منطقة بلا صرف صحي وأغلب عقاراتها تعتمد علي العداد الكهربائي الموحد فإن عملية البناء فيها هي الأسرع لكون صرفها يعتمد علي الآبار والشوارع الداخلية غير مرصوفة وبالتالي مع كل نوة نفاجأ بارتفاع منسوب المياه لتغرق الأدوار الأولي من العقارات لكونها تبني بدون أساسات ومنخفضة عن مستوي الشارع. * يقول المهندس أحمد عبدالسلام إن الإسكندرية تواجه كوارث قادمة لا محالة فهناك البناء علي الأراضي الزراعية بشوارع المنتزه والمعمورة الداخلية ويحترف البناء فيها عمال حرفيون مثل سباك أو نقاش ليس لهم علاقة بالهندسة ويتم البناء بنظام الجدعنة بدون أساسات أو رسم هندسي علي أرض في الاساس هي زراعية وتحتاج إلي معالجة وبالتالي فالانهيارات كثيرة والميل بها واضح بصورة مستمرة ورخص أسعار الشقق والدفع بالقسط يجعل عملية البيع سهلة ومستمرة علي حساب أرواح قاطنيها واضاف هناك مناطق شعبية عشوائية داخل حواري الرمل والمنتزة تتعدي ارتفاعاتها ال20 طابقا ولا تطبق عليها أي قرارات إزالة فمهندسون الحي يخافون من الدخول في تلك المناطق خوفا من الاعتداء عليهم ولا تطبق قرارات إزالة ولا يجرؤ قاطنو المنطقة علي الابلاغ عن المخالفات خوفا من تعرضهم للضرب علي يد البلطجية الذين يقومون بالبناء وبالتالي لا نسمع عن هذه المناطق إلا مع حدوث الكوارث. * ويضيف المهندس أحمد عبيد عضو المجلس المحلي السابق أن عملية البناء المخالف أشبه بالمافيا وشبكة ممتدة كخيوط العنكبوت ولها طرق وأساليب غريبة فمثلا عند بناء العقار المخالف يتم استخراج الرخصة بطابق أرضي ودورين علويين ويتم عمل مقايسة الكهرباء والمياه والغاز وتركيب العدادات وهو ما يمكن مقاول البناء المخالف الشروع بالارتفاع وتوصيل الكهرباء والمياه من خلال العدادات التي تم تركيبها علي الرخصة القديمة وبالطبع يتم كل هذا باتفاق مسبق مع موظفين بالاحياء وبالتالي فالمخالفات تتم علي الورق والانذارات أيضاً ليصبح الموظف أوراقه جاهزة عند أي تحقيق بينما عملية البناء تتم بدون توقف حتي الدراسات الأمنية لتنفيذ قرارات الإزالة يتم التلاعب فيها لتصدر بعد عملية التسكين. أوضح أن لكل حي اسما معروفا به فحي شرق هو "الكنز" والمنتزه "الكويت" وحي وسط "المحافظ علي سعره" ليس لكون المناطق المتاحة فيه قليلة فحسب ولكنها أيضا من الأكثر المناطق التي تظهر بها الآثار وبالتالي يكون الربح مضاعفا. وقال إن عملية البناء المخالف خارج الرخصة تتم بالنصف بين مالك العقار الاصلي ومقاول البناء المخالف ويحرص المقاول علي أخذ طابق زيادة لنفسه يطلق عليه الطابق المحسور لكونه غير مثبت بالعقد وذلك حتي يحقق المقاول أرباحا مضاعفة لنفسه. * ويضيف المهندس هشام زبير رئيس لجنة الإسكان بالمجلس المحلي أن مقاولي البناء المخالف بالمنتزه والرمل بدأوا بالزحف لوسط الإسكندرية في السنوات الأخيرة وهو ما أدي إلي تغير شكل المنطقة بأكملها لتظهر ناطحات السحاب بالحواري والازقة والاسواق والمؤسف أن جميعها في شوارع خلف حي وسط وفي الشوارع الرئيسية أمامه دون حسيب أو رقيب حيث يتم تسكين الأدوار العليا أولا وبأسعار أرخص من الأرضية لتلافي أي قرار إزالة بدعوي أن العقار مسكون موضحا أن الارتفاع الجنوني باسعار العقارات يواجهه في نفس الوقت اقبال علي الشراء وهو ما جعل البناء المخالف في ازدهار مستمر موضحا أن هناك مناطق يطلق علي المقاولين فيها - خاصة بالرمل والمنتزه - لقب الامبراطور وهو يتولي عملية البناء المخالف لنفسه وحماية البناء المخالف لغيره حتي لا تطبق عليه أي قرارات إزالة أو يتم الابلاغ عنه كنوع من أنواع البلطجة والامبراطور معروف بالحماية لشبكة علاقاته واتصالات داخل الاحياء ولا يمكن التنفيذ عليها. أضاف.. أن الموظف الذي يشعر بأن هناك مراقبة عليه بأي حي يأخذ إجازة سنة بدون مرتب ويتولي مقاولو البناء المخالف المتعاملين معه صرف مرتبه حتي يعود للعمل من جديد مؤكدا أن شبكة البناء المخالف بالشوارع الجانبية والخلفية للاحياء في ازدياد مستمر دون أي إجراءات رادعة. * أما عملية بناء عقارات الأثرياء المخالفة بالمناطق الراقية في الإسكندرية فهي تختلف تماما عن البناء العشوائي بالمناطق الشعبية أو الحواري فاغلب القائمين عليها من المقاولين المعروفين فلا تطبق عليهم قرارات الازالة لايقاف اعمالهم قبل أن تستفحل ويتم تسكين الادوار العليا المخالفة لشخصيات عامة سواء مهندسين أو اطباء وغيرهم لحمايتهم من أي قرار إزالة ينفذ عليهم بل والاغرب أن يتم احيانا نشر اعلانات شكر من أحد قاطني العقار باسم القيادات التنفيذية لوجود هذا العقار الفاخر في منطقتهم حتي لا ينفذ أي قرار إزالة وتشهد هذه النوعية من العقارات ارتفاعا جنونيا في الاسعار بل أن العقارات التي تقع علي الكورنيش يوجد منها ما يباع المتر فيه بالدولار حسب سعره في السوق ويتعدي ثمنها ال30 مليون جنيه ولا يطبق عليها أي قرار إزالة وبها تكييف مركزي يوضع تحت السيراميك الخاص بكل شقة ليعطيك برودة صيفا ودفئاً في الشتاء ورخام المدخل مستورد من أسبانيا وكاميرات مراقبة موصلة بتليفون مالك الشقة ليراقبها ال24 ساعة وغيرها من الملايين تبرر ما يدع في الشقة من أموال. * ويقول الدكتور هشام سعودي مستشار المحافظة للمناطق العشوائية وعميد كلية الفنون الجميلة الاسبق لا أري ما الجديد فالإسكندرية كلها مبنية مخالف وكل ما تفعله الأحياء هو تستيف أوراق ملفات لعرضها علي أي جهة تحقيق تكتب في مكاتبهم دون تنفيذ وكثيرا ما حذرنا واكدنا علي أن شرق الإسكندرية مبني علي أراض زراعية وأي هزة بسيطة ستؤدي إلي كارثة بل والاخطر انه لا توجد اساسات للعقارات بشرق الاسكندرية والمنتزه والرمل وبالتالي فالارتفاعات والاحمال لا تتناسب مع طبيعة التربة وأصبح من المعتاد أن تري المباني مائلة بشارع 45 وشارع مصطفي كامل في طريق الخروج إلي الزراعي حتي أصبحت الإسكندرية مثل مدينة الملاهي التي نراها في الرسوم المتحركة كل هذا علي مسمع ومرأي من الجهاز التنفيذي ولا أحد يتحرك واتخذنا من الكحول شماعة لنتهرب من عقاب المسئول لأن هناك شخصيات عامة وراء البناء المخالف وتدعمه ولابد من تحرك جنائي سريع لضبط المقاول الاصيل وراء أي عقار مخالف دون مجاملة أو محسوبية وللأسف هذا لا يحدث في الإسكندرية فالاحياء كلها مبنية علي مخالفات ولا يوجد تحرك لأي شكوي وضاعت الحقوق واسماء الفاسدين في الاحياء معروفة ولا أحد يتحرك لضبطهم ولعل من الطرائف حينما قام أحد المقاولين ببناء عقار بالطاقة الشمسية وأحضر محافظها الاسبق للثغر لزوم الدعاية ثم اتضح أنه ورطه لأن العمارة بأكملها بدون ترخيص ومخالفة والمقاول معروف بالمنطقة يكون صاحب أكبر نسبة مخالفات وتمكن من خداع المحافظ. * يقول محمد توفيق منسق "الحملة الشعبية تراقب الإسكندرية" إن بالاسكندرية مناطق منكوبة تدخل في إطار 10 مناطق ذات خطورة داهمة علي رأسها حي الجمرك والذي يضم عدداً كبيراً من الحواري والاسواق العشوائية القديمة التي بدورها آيلة للسقوط إلا أن الجمرك أطرف ما فيه هو أنه بالرغم من كون عقاراته متهالكة إلا أن عددا كبيرا من سكان الأدوار الأرضية يقومون بالتنقيب عن الآثار لتعرضهم لخدعة وجود آثار أسفل عقاراتهم وهو ما يعجل بانهيار العقارات بل وحتي وفاة العاملين بالتنقيب لتزداد كارثة الجمرك للبحث عن الكنز المفقود واضاف أن الجمرك أيضا كباقي الاحياء القديمة فعملية البناء العشوائي الذي يتم من يؤثر علي العقارات المتهالكة فتؤدي لانهيارها سريعا في ظل عدم انتقال الاحياء أو الاجهزة الأمنية لحماية سكان العقارات القديمة الذين يتقدمون بالعديد من الشكاوي. * قال د. سعيد علام وكيل كلية الهندسة للاسف الإسكندرية أصبحت تتميز بالبناء المخالف وحي المنتزه هو أكثر الاحياء في مخالفات البناء علي مستوي المحافظة وهناك اعتقاد خاطئ بأن الخوازيق المتعمقة بالتربة تسمح بارتفاعات مختلفة وبالطبع هذا ليس صحيحا فلابد أن تكون هناك نسبة وتناسب بين المساحة والارتفاع فالعقار المرتفع علي مساحة ضيقة يؤدي إلي خلخلة في التربة ومن ثم تحدث الكارثة.. وأضاف أنه مع حدوث أي زلزال وهزات أرضية ستشهد الإسكندرية كارثة لم نسمع عنها من قبل. أما الدكتور شفيق خوري استاذ الترميم بكلية الهندسة لا يوجد أي رقابة فعلية بالإسكندرية علي منظومة البناء وهو ما أدي إلي انهيار المنظومة ولدينا المئات من العقارات في طريقها للانهيار علي رءوس سكانها وأضاف أن انعدام الامانة لدي مهندسي الاحياء وعدم عقوبات رادعة أدي ذلك إلي استفحال الامر بصورة غير متوقعة خلال السنوات السبع الأخيرة خاصة واننا نفاجأ بأن الصبة الخرسانية لكي تطابق تتم في يوم واحد دون إعطاء فرصة لعملية البناء بالشكل الصحيح. * وأضاف هناك آلاعيب يتم ممارستها في عملية البناء سواء لخداع الجهاز التنفيذي أو للتحايل بالتعاون معه منها الاستعانة بمهندس حديث التخرج دون خبرة كافية للاشراف علي عملية البناء فالمهم فقط أنه يحمل رقم قيد النقابة وتوفيرا لنفقات أي مكتب استشاري متخصص للاشراف علي عملية البناء بالصورة الصحيحة واصبحت عملية بناء العقارات أو هدمها قائمة علي الفهلوة وبالتالي نفاجأ بأن عملية هدم أي عقار يترتب عليها تصدع العقارات المجاورة له أو انهيارها نتيجة للهدم بصورة عشوائية وعدم الحصول علي رخصة للهدم والاستعانة بمقاول جاهل لتوفير النفقات وتكون النهاية خسائر وضحايا مؤكدا علي أن العقارات التي بنيت خلال السنوات الأخيرة لابد من هدمها فهي غير آمنة لسكانها لوجود عيوب في البناء أو نسبة الخرسانة أو الحديد وبالتالي لا نتعجب أن نسمع كل يوم عن كارثة جديدة مثلما حدث في عقار الازاريطة وعلي المواطن أن يكون أكثر وعياً. * ويضيف الدكتور هيثم ممدوح الاستاذ بكلية الهندسة أن يد المحليات المرتعشة هي سبب الازمة مع ع دم وجود عقوبات رادعة منذ البداية وهو ما أدي إلي استفحال الأمر فالمواطن شريك أصيل في جريمة البناء المخالف ويجب أن يعاقب جنائيا لأنه يعلم أنه يقطن في شقة أو عمارة بدون ترخيص وبسعر منخفض عن أسعار الشقق بالمنطقة ثم يدعي عند حدوث الكارثة بأنه قد تفاجأ بالأمر متسائلا كيف يتم دخول مرافق لعقارات مخالفة في غفلة من الدولة وكأننا نقنن أوضاعها بصورة غير مباشرة ولماذا يتم تنفيذ قرارات الازالة علي العقارات بعد تسكينها لقد اصبحت فئة المقاولين ذوي سطوة ونفوذ حتي أن هناك تعديات علي الحملات الأمنية بالاسلحة البيضاء بالشوارع الرئيسية فما بالكم بالعقارات التي تبني بالمناطق الشعبية والتي تبني بارتفاعات جنونية دون أي تخطيط فهي بمثابة عقارات ورقية بارتفاع جنوني علي سطح الارض وقال إن مشكلة شبكات الصرف الصحي لم تتحمل هذا الضغط المبالغ فيه لأن شبكات البنية التحتية عندما تم انشاؤها لم يخطر علي بال أحد وقوع هذه التجاوزات المبالغ فيها وبالتالي هناك كوارث من نوعيات مختلفة يجب أن نتوقعها إذا لم نجد حلولا سريعة لانقاذ الإسكندرية.