لم أصدق وأنا اقرأ هذا التحقيق الصحفي في عدد الأحد الماضي من صحيفة "الصنداي تايمز" الأسبوعية البريطانية. عن تكاليف "ليلة الفرح" أو الزفاف في بريطانيا. أن البريطانيين هم من يتحدثون في هذا التحقيق. التحقيق عبارة عن شكوي من ارتفاع تكلفة ليلة الفرح علي العروسين وأسرتيهما.. وعلي المعازيم أو المدعوين أيضاً. يقولون ان التكلفة بلغت حداً لا يحتمل.. كم إجماليها؟! لقد وضعت الصحيفة الرقم في مانشيت التحقيق وهو: 25 ألف جنيه "استرليني طبعاً". لا تحسبها بالمصري وتقول: طبعاً لهم حق.. اضرب 25 * 23 جنيه مصري وهو سعر صرف الاسترليني الآن. سيكون حاصل الضرب 575 ألف جنيه مصري أي ما يزيد علي نصف المليون. لماذا؟! لأن التكلفة في أي بلد تقاس بعملته وليست بعملة الآخرين.. وتقارن بمستوي دخل من يدفع وليس بمستوي دخل من يقرأ. والجنيه هو الجنيه.. استرليني في بريطانيا. ومصري في مصر. ودخل الفرد البريطاني الذي يشكو من 25 ألف جنيه يدفعها مرة واحدة في العمر. يزيد كثيراً علي متوسط دخل المواطن المصري. ومع ذلك يبدو المبلغ بالنسبة لهم مرتفعاً أكثر مما يجب. وإلا ما أثيرت القضية في صحيفة كبري مثل الصنداي تايمز. ولكي تؤكد الصحيفة ذلك. نشرت بعض "مفردات" هذا المبلغ والبنود التي تتكلفها. فمثلاً.. تأجير القاعة التي يتم فيها الفرح يتكلف 5 آلاف جنيه بدون أي خدمات. فستان العروس 1300 جنيه. رغم أنها ترتديه جزءاً من ليلة واحدة. ولا تحتاجه بعد ذلك بقية عمرها "الصحيفة هي التي تقول ذلك". الورود تتكلف 777 جنيهاً. التورته. أقل سعر 318 جنيهاً. ثم الوجبات والمشروبات لنحو 200 مدعو. وهي تلتهم الجزء الأكبر من التكلفة. وتنظر إلي هذه الأرقام التي يشكو من ارتفاعها أولئك الذين دخولهم أكبر منا فتندهش لأن مبلغ 25 ألف جنيه عندنا هو تكلفة عادية لفرح عروسين. لا أقول من الطبقة المتوسطة. بل الأقل من المتوسطة. والأرقام التفصيلية عندهم. ندفع مثلها وأكثر منها عندنا. سواء في تأجير القاعة أو فستان العروس أو الورود أو غيرها. ومع ذلك هم يناقشون امكانية ان تتنازل العروس عن الفستان. أو أن يقام الفرح بمنزل العائلة للتوفير. علي ان يتم تخصيص ما يتم توفيره من بنود التكلفة. لتأجير شقة أو شراء مستلزمات الحياة. هم يحسبونها بكسور الجنيه. ويحرصون علي التوفير ما أمكنهم ذلك. رغم أنهم ليسوا فقراء.. ولذلك تقدمت بلادهم بهم. ورفعت مستويات دخولهم فأصبحوا أغنياء.