ما جري في اجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب يوم الأربعاء الماضي أثناء مناقشة مشروع قانون الاستثمار الجديد ليس طبيعياً ولا مفهوماً. دعك من المشادات التي حدثت بين بعض النواب وبين الوزراء الذين حضروا الاجتماع. فهذه مسألة عادية وتحدث في كل اللجان. وفي الجلسات العامة. سواء في برلماننا أو في برلمانات دول العالم الأخري. فالحكومة لها وجهة نظر نابعة من مسئوليتها ووظيفتها. ومن تقديرها لإمكانياتها وللحدود القصوي التي يمكنها الذهاب إليها وعدم تخطيها. بينما النواب عادة ما تكون لهم وجهة نظر مختلفة. غير مكتبية. ونابعة من مطالب ناخبيهم ومن رؤيتهم الخاصة. لما يجب أن تكون عليه القوانين. لكن. ما ليس طبيعياً ولا مفهوماً. أن يأتي وزراء الحكومة ليختلفوا فيما بينهم أمام اللجنة حول بعض مواد مشروع القانون. وأن يقول أحدهم إن وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي. وهي زميلتهم في مجلس الوزراء قد أضافت نصوصاً للمشروع دون علمهم. وأن يتمسك كل منهم بما يخص وزارته أو يتبعها من هيئات أو مصالح. ويرفض نصوص المشروع التي تنقل تبعيتها إلي وزارة الاستثمار. ومصدر الدهشة هنا. أن المعروف أن أي مشروع قانون لا يصل إلي مجلس النواب من الحكومة. ويحيله المجلس إلي اللجنة المختصة. إلا بعد أن تكون الحكومة قد قتلته مناقشة. سواء علي مستوي المجموعة الوزارية المختصة. وهي بالنسبة لمشروع قانون الاستثمار. المجموعة الاقتصادية. أو علي مستوي مجلس الوزراء ككل. والمفترض أن يكون كل وزير قد أدلي برأيه وملاحظاته في هذه المناقشات. حول مشروع القانون ككل. وحول ما استلفت انتباهه. خصوصاً من مواده وتفصيلاته. وأن يكون المشروع قد عرض علي اللجنة المختصة بالتشريع في مجلس الدولة لمراجعة الصياغات القانونية لمواده. ثم تحيله الحكومة بعد استعادته من مجلس الدولة وتحقيق ملاحظاته عليه. إلي مجلس النواب. هنا تصبح مسئولية كل وزراء الحكومة تجاه مشروع القانون.. تضامنية. ولا يعود المشروع متعلقاً بوزارة بمفردها. خاصة أن هذا المشروع بالذات يجري وضعه ومناقشته منذ وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد. ولابد أن تظهر هذه المسئولية التضامنية أثناء مناقشة اللجنة البرلمانية للمشروع وكذلك أثناء عرضه للمناقشة العامة في المجلس. فلا يختلف الوزراء حوله. ولا يتبادلون مناقشته فيما بينهم فقد انتهت هذه المرحلة في مجلس الوزراء.. وأغلق باب المناقشة.. وإنما حق المناقشة يصبح للنواب. ومسئولية الوزراء الرد. دون انتقاد للمشروع ودون اختلاف عليه. إن ما حدث في اللجنة الاقتصادية يثبت أن الحكومة مازالت تعمل بنظرية الجزر المنعزلة. أو أن بعض الوزراء لا يدركون أهمية المسئولية التضامنية. أو أنهم يستقوون بالنواب علي بعضهم البعض. لإقرار ما عجزوا عن إقراره في مناقشات مجلس الوزراء للقانون. وهذا يترك انطباعاً سلبياً عن الحكومة. سواء لدي النواب. أو لدينا نحن جموع المواطنين بأنها حكومة ضعيفة ووزراء غير متجانسين. وأقل من متطلبات المرحلة. ومن حجم التحديات التي نواجهها.