تحول جديد في عالم الاتصال .. كيف ستغير شبكة 5G حياتنا الرقمية؟ | فيديو    التعليم العالي: تقدم واضح لمصر في نتائج مؤشر الابتكار العالمي السنوي لعام 2024    جولة تفقدية للمرور على مخرات السيول بالشلاتين    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم السبت 2 نوفمبر    عبد المنعم السيد يوضح أهمية رفع فيتش التصنيف الائتماني لمصر | خاص    تبدأ من 280 جنيها.. أسعار اللحوم اليوم السبت بالمنافذ والأسواق    رؤساء مدن «العبور والقاهرة الجديدة وبدر» يتفقدون مشروعات التطوير    محافظ أسيوط يواصل متابعته الميدانية للمراكز التكنولوجية    حديد عز ينخفض 1073 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 2 نوفمبر 2024    المشاط: التكامل بين الدبلوماسية الاقتصادية وآليات التخطيط يستهدف دفع جهود التنمية    9 شهداء و12 مصابا جراء استهداف الاحتلال قرى صور جنوب لبنان    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مدينة غزة ووسط القطاع    بعلبك تحت القصف.. 25 غارة إسرائيلية وعشرات الشهداء والمصابين    إعلام عبري ينشر صورا للمشتبه بتسريبه وثائق سرية    وزير الإعلام اللبنانى: نعول على دور مصر لوقف العدوان وإعادة الاستقرار    تحقيق قضائي بشأن ترامب بسبب تهديد نائبة جمهورية    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بث مباشر مباراة الأهلي وسيراميكا بالدوري    موقف محمد عبدالمنعم، تشكيل نيس المتوقع لمباراة بريست    تشكيل أرسنال المتوقع لمواجهة نيوكاسل.. ساكا يقود الهجوم    الأهلي يقص شريط مباريات الدوري فى مواجهة سيراميكا الليلة    حالة الطقس المتوقعة غدًا الأحد 3 نوفمبر | إنفوجراف    حبس المتهم بقتل شقيقه في بنها بسبب الخلاف على نشر الغسيل    حداد يطعن نجل عمه ب«مطواة» لخلافات على منزل ميراث في سوهاج    الاستعلام عن حالة شخص أصيب في حريق سيارة بطريق القاهرة السويس    ضبط شركة غير مرخصة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج في سوهاج    اليوم.. محاكمة السائق المتهم بدهس لاعبي الدراجات بنادي أكتوبر    وسامة مصطفى فهمي كانت طريقه للدخول عالم الفن والسينما    زيادات جديدة في أسعار تذاكر المتاحف والمواقع الأثرية    مفاجآت غير متوقعة ل«برج القوس».. حظ الأبراج النارية اليوم 2 نوفمبر 2024    إعلام لبنانى: 9 شهداء و12 مصابا جراء استهداف الاحتلال قرى صور جنوب البلاد    استئناف الجولة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة    اليوم.. محاكمة ميار الببلاوي والشيخ محمد أبو بكر بتهمة السب والقذف    قصور الثقافة بالبحيرة تنظم فعاليات متنوعة ضمن مبادرة "بداية"    عمرو أديب يطالب بتقنين الحشيش كدواء مسكن للآلام في مصر تحت رقابة صحية    البابا تواضروس يترأس صلوات تدشين كنيسة العذراء بمسرة.. بث مباشر    فستان شفاف وبدون بطانة.. بسمة وهبي تثير الجدل فى حفل خطوبة ابنتها    سعره مذهل .. منة شلبي تتألق بفستان لامع في ختام مهرجان الجونة    وزير الرياضة: «مدينة مصر الأولمبية» نموذجا للحداثة    اليوم.. إطلاق 9 قوافل طبية ضمن مبادرة حياة كريمة    أسامة كمال: مليار جنيه يوميا حجم دعم الدولة للمنتجات البترولية    جرائم على السوشيال ميديا.. الداخلية تصل إلى الجناة في زمن قياسي    النظارة الطبية تنقذ طفلك من «كسل العين»    «ظالمة».. تعليق مثير من طارق يحيى على عقوبات اتحاد الكرة ضد ثلاثي الزمالك    تجدد اشتعال النيران في مصنع جنوب بورسعيد    بعد تطبيق التوقيت الشتوي.. مواقيت الصلاة في مصر اليوم السبت    سد النهضة دخل مرحلة الخطر.. زلزالان جديدان في إثيوبيا    مصر «فرحانة» ب«شيخة مجاهدي سيناء»    روسيا: نموذج أوكرانيا منع مواطنى جورجيا من الانحياز للغرب ضدنا    اللجنة الأممية المشتركة تدعو لوقف مهاجمة الفلسطينيين وفرق الإغاثة بغزة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. من أفضل الأدعية بعد صلاة الفجر؟    دعاء الرزق والتوفيق في العمل.. يأتيك بخير الدنيا والآخرة    ماذا كان يقول النبي قبل النوم؟ ردد هذه الاذكار تحفظك من كل سوء    قبل مواجهة ليفربول.. باير ليفركوزن يتعثر أمام شتوتجارت    مهام متعددة للجنة دائمة لشؤون اللاجئين بالقانون الجديد    المثال الأعلى .. علي جمعة: كل أحد في العالمين يجد نفسه في الرسول    10 علاجات منزلية للتخلص من احتقان الأنف    عملية جراحية ناجحة لترميم عضلات المثانة بمستشفى دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتاكالي .. الفن المقدس
نشر في المساء يوم 06 - 05 - 2017

"المسرح هو يقظة الغافلين. وذكاء العلماء. وتسلية السادة العظماء. وراحة البائس. وغني الذين يعيشون علي الغني. وعزاء الأفئدة المضطربة". بهذه الكلمات وصف المسرح براهما خالق الحياة في الديانة الهندوسية.
حزمت أمتعتي. وقررت الذهاب في رحلة إلي بلاد العجائب الهند. تلك البلاد عتيقة الوجود الجغرافي والحضاري. ومن بين أراضيها المترامية الأطراف وقع اختياري علي ولاية كيرالا. تنقلت بين مدنها وتسلقت جبالها. وافترشت غاباتها ليلاً وسط رعب ممزوج يتحدي المغامرة. ركبت الأفيال وتجولت بين مزارع التوابل. تذوقت الشاي. وتعود لساني مذاق الأكل الهندي الحار. وأحببت كذلك كيرالا وأهلها حبا حارا.
بينما أجوب الولاية شاهدت فنونها التقليدية. أهمها وأشهرها فن "الكاتاكالي" وهو مصطلح سنسكريتي قديم يتكون من مقطعين. كانا تعني قصة. وكالي تعني مسرحية. وهو فن وثيق الصلة بالديانة الهندوسية. يقول براهما "يجب أن تعرفوا أن المسرح يمثل الأعمال الكاملة للآلهة والمتمردين والملوك والشعب وأنبياء الكلمة المقدسة". ومن ثم فهو يستمد قصصه من الكتب المقدسة "المهابهاراتا. الرامايانا. البهاغافادغيتا" إلي جانب قصص النالا. وقصص متنوعة من الميثولوجيا الهندوسية. وتقدم تلك القصص بدون كلمات. بل بتعبيرات الوجه وحركات الجسد والأيدي "لغة المودرا". ويستعان في الأداء بالماكياج والأزياء والاكسسوارات. وفي أعلي يمين المسرح منشد يغني. وفي أقصي اليسار يجلس اثنان من قارعي الطبول. بينما تتخذ المشاهد التمثيلية من مبني المسرح كاملا. منصة وقاعة. صرحا للأداء. دون فصل أو تحديد. وتتجول صعودا وهبوطا بحرية مطلقة. وتفاعلا من الجمهور في الاتجاهين.
شاهدت في مركز تيكادي للكاتاكالي عرضا لقصة كيراتا "kirata). والعرض لا يخرج عن الوصف السابق لسينوغرافيا خشبة المسرح. مسرح بسيط المساحة والإمكانيات. المقاعد بلاستيكية متينة. تشبه تلك التي تجلس عليها في شرفة منزلك.
كانت البداية ظهور أحد الممثلين. ليتخذ استعداداته من وضع الماكياج وارتداء زي الشخصية أمام المتفرجين. أما القسم الثاني فلفك مزيد من شفرات العرض المسرحي. يقدم أحد الممثلين حركات الأيدي والعيون من خلال أمثلة وتفاعل متبادل. بينما يشرح المنشد بالكلمات ماهية لغة المودرا التي لم تعد تفهم من الجميع في الهند في وقتنا الحالي.
أما القسم الأخير من العرض. القصة المسرحية نفسها. فهي متغيرة دائما. ومن بين العروض العديدة التي شاهدتها. عرض كيراتا "kirata) وقصته مستمدة من المهابهاراتا. أطول ملحمة أسطورية هندية. فهي تتكون من 18 كتابا. وهي أطول 7 مرات من الإلياذة والأودينسة مجتمعتين. وتتناول قصة الحرب ما بين الباندفاس والكاورافاس. وصراعهما علي الملك.
كتب سيناريو العرض ايراتاكالينجارا رام فاريار في الفترة من 1801 : 1845. والقصة تتناول فترة نفي الباندو. فبينما هم يواجهون العديد من المحن في الغابة. جاء لزيارتهم فياسا. الذي نصح أرجونا بالذهاب للهيمالايا. وممارسة شعيرة التكفير عن الذنوب. وقدم العرض في ثلاثة مشاهد بداية من مشهد أرجونا يتضرع للإله شيفا ليعطيه سلاح الباساباتي "القوس المقدس" "pasupatha). ليعزز من قوته في مواجهة الكاورافاس. يليه استغراق أرجونا في تأمل عميق. والمشهد الثاني يكشف عن تجسد شيفا وزوجته في هيئة صيادين وخطتهما لاختبار قوة وإيمان أرجونا. أما المشهد الثالث والأخير فيجسد مرحلة الاختبار. وفيها حاول أرجونا الانتصار بكافة الوسائل. باستخدام السهام الثاقبة. فحولتها برافاتي إلي زهور. فقاتل بالقوس بدون سهام. لكن الإله جانجا قامت بانتزاعه منه. وهنا لا يجد سوي قبضة يده ليقاتل بها. وسرعان ما تبوء كل محاولاته بالفشل وينهزم. فيعود أرجونا لتقديم الزهور كقرابين لشيفا. وهنا يفاجأ بشعر الصياد مزدانًا بجميع زهور القرابين. فيدرك أرجونا أنه كان يقاتل شيفا. فيعتذر للإله الذي يعطيه القوس المقدس. وينتهي العرض نهاية سعيدة.
تخلل العرض ظهور شخصية لم يكن لها وجود في الخطوط القصة الأصلية. وهي شخصية الإله جنيشا. ابن الإله شيفا الذي لم يلعب أي دور في الحبكة الميلودرامية الشبيهة بمسرحيات المعجزات في العصور الوسطي. إلا أنه ظهر في مشهد للترويج الكوميدي الذي تم وسط تفاعل من الجمهور.
إن شخصيات الكاتالكالي التي تتكون ملابسها من 55 طبقة. ومليئة بالزخرفة. هي شخصيات نمطية مقسمة إلي عالم الآلهة. عالم البشر. وعالم الشياطين. والماكياج والاكسسوارات أساسية للتجسيد. ماكياج الوجه الأخضر للآلهة والأبطال فشخصية أرجونا تستخدم تكنيك ماكياج يدعي "باشا" "paccha). وهو عبارة عن طلاء كامل للوجه باللون الأخضر مع رسم علامات سوداء حول الأعين والحواجب. ولحية بيضاء تصنع من عجينة الأرز. ويوضع علي الرأس تاج طاووسي أبيض ممزوج بالذهبي. ويدعي هذا التاج "ماتي" "muti). وهناك أنواع عدة من قبعات وتيجان الرأس تميز كل شخصية بطولية عن الأخري.
أما الأحمر والأسود للأشرار ورجال الصيد فنجد ماكياج شيفا عندما تجسد في هيئة صياد. تم بتكنيك "karutta tadi) "كاريتي تادي" أو ماكياج اللحية السوداء. حيث تم طلاء كامل الوجه باللون الأسود مع وجود علامات حمراء حول الحواجب والعيون وعلامات بيضاء حول الفم والأنف. وزهرة بيضاء علي مقدمة الأنف. ولحية سوداء كبيرة. أما قبعة الرأس فهي علي هيئة دلو. ولها نهاية ونقوش طاووسية وتدعي "كارميتي". وجدير بالإشارة إلي أنه لا توجد شخصية من شخصيات الكاتاكالي تظهر بدون غطاء رأس.
وإذا كنا قد تناولنا بإيجاز عناصر عرض الكاتاكالي. والذي شرع العديد من فناني الحداثة وما بعد الحداثة. بداية من بريشت. أنطونين أرتو. بيتر بروك. في السطو علي عناصره الأصيلة. والاغتراف من فنون الشرق الأقصي. وإعادة تقديمها في ثوب غربي. إلا أن هناك شيئا أصيلا مختلفا لم ولن يتم السطو عليه. متمثلا في ذلك الشمعدان. أو المصباح الدائري المتعدد الطوابق الذي يوضع عليه شموع تنيره من الجانبين "المنصة والقاعة". ذلك الشمعدان الذي يرمز للرب حين يشاهد العرض المسرحي. والذي يعد جزءا أصيلا من عرض الكاتاكالي. بل شخصية من شخصياته غير المجسدة. بالإضافة إلي خلع الأحذية عند الصعود إلي خشبة المسرح المقدسة. ومن هنا فإن العنصر الأساس الذي لم ولن يستطيع أحد السطو عليه هو القداسة. قداسة المسرح. ذلك المسرح الذي قال عنه براهما "إنه سيكون مكانا للمعرفة المقدسة والعلم والأساطير: هكذا هو المسرح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.