أودعت الدائرة السادسة "تعليم" بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة. حيثيات حكمها. بقبول الدعوي المقامة من محمود محمد فهمي المحامي. وكيلا عن 60 ولي أمر لطلاب بالجامعة الامريكية بإلزام الجامعة الأمريكية في مصر بقبول سداد المصاريف الدراسية بالجنيه المصري دون أي مكون من الدولار الأمريكي. قال المحكمة في حيثيات حكمها: ان التعليم كمقوم من المقومات الاساسية للمجتمع. بين المشرع الدستوري أن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ علي الهوية الوطنية. وتأصيل المنهج العلمي في التفكير. وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية وارساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز. وألزم المشرع الدولة بمراعاة تحقيق هذه الأهداف سواء فيما يتعلق بمناهج التعليم أو بوسائله بما يكون متعينا معه قيامها بهذه المسئولية أيا ما كان صعيد تلقي العلم وأيا ما كان الشخص الاعتباري القائم عليه مصريا كان أو اجنبيا وموجبات ذاك الالتزام علي جميع معاهد العلم. المصري منها والأجنبي الذي يمارس دوره علي أرض الدولة. أضافت الحيثيات أنه في ضوء ما تضمنته الاتفاقية المبرمة بين مصر والولايات المتحدةالامريكية عام 1962 والتي كان من أهدافها انشاء مراكز ومؤسسات ثقافية في أي من الدولتين ووفق القوانين والنظم المطبقة في كل منهما والالتزام بما تنص عليه من أحكام. انشئت الجامعة الأمريكية بالقاهرة وصدر القرار الجمهوري رقم 146 لسنة 1976 بوضع وتنظيم هذه الجامعة والتي تعتبر معهدا ثقافيا يخرج عن نطاق تطبيق أحكام قانون المعاهد العالية الخاصة رقم 52 لسنة 1970 والذي نص صراحة في الفقرة الثالثة من المادة الاولي منه علي أنه "لا يعتبر معهدا عاليا خاصا المراكز والمعاهد الثقافية التي تنشئها الدول الأجنبية أو الهيئات الدولية في الجمهورية العربية المتحدة وفقا لمعاهدات ثقافية". وتناولت المادة "1" من هذا البروتوكول ما تهدف اليه الجامعة بحسبانها معهدا ثقافيا مؤكدة علي عدم تعارض أي من الاهداف التي عددتها هذه المادة مع القوانين المعمول بها في مصر وموجبة وفق المادة "3" منه موافقة السلطة المصرية ممثلة في وزارة التعليم العالي علي استخدام غير المصريين في الوظائف الادارية الرئيسية أو وظائف هيئة التدريس وموافقتها كذلك علي المطلوب تجديد استخدامهم من هؤلاء مع حق الحكومة المصرية في تعيين مستشار مصري علي نحو ما نصت عليه المادة "4" من البروتوكول للمشاركة في إدارة الجامعة والاشراف علي أوجه نشاطها وبحيث يكون هو حلقة الاتصال بين السلطات المصرية المختصة والجامعة. أوضحت المحكمة أن للدولة المصرية السيادة المطلقة بشأن ما يقدم علي أراضيها من أنشطة وخدمات وأن من مظاهر هذه السيادة أن ترعي المقوم الاساسي من مقومات المجتمع المتمثل في تعليم قومي وطني يخضع للاشراف الكامل من قبلها باعتبار أن التعليم كان ومازال من أكثر المهام خطرا وأعمقها اتصالا ببناء الشخصية المصرية وترسيم حدود الهوية الوطنية وأوثقها ارتباطا بالقيم الحضارية والروحية. ومن ثم كان لزاما علي الدولة ان تهيمن علي عناصره الرئيسية وان توليه رعايتها أيا ما كان القائم به سواء في ذلك المعاهد والجامعات الحكومية أو الخاصة أو الأهلية أو ذات الطبيعة الدولية وسواء المصري منها أو الاجنبي. وحرصت الدساتير المتعاقبة منذ سنة 1956 وانتهاء بالدستور الحالي علي النص صراحة علي أن تتولي الدولة الإشراف علي التعليم ترسيخا لمظهر سيادة الدولة الذي لا يجوز التنازل عنه أو التفريط فيه وان الجامعة الامريكية في مصر وإن كانت تعد مؤسسة تعليمية أمريكية اقيمت علي أرض مصر تقبل المصريين بنسبة لا تقل عن 75% من عدد طلابها وفقا لاحكام البروتوكول المشار اليه الا ان هذه الجامعة تخضع للاشراف الكامل لوزارة التعليم العالي ومن ثم لا يستقيم لها ان تعمل بمعزل عن القوانين المصرية علي اعتبار ان البروتوكول المشار اليه صريح في أن العلاقة بين الجامعة الامريكية بالقاهرة والحكومة المصرية ممثلة في وزارة التعليم العالي تحكمها كافة القوانين المصرية دون غيرها. كما أن من مظاهر السيادة فرض التعامل بعملة وطنية فيما يستأهل اقتضاء مقابل عند تقديمه بما في ذلك الخدمات وذلك بحسبان أن التعامل بالعملة الوطنية واجب قانوني فإنه لا خلاف تحصيل المصروفات الدراسية من الطلاب داخل مصر يجب أن يكون بالعملة الوطنية حتي لو كان مقدم خدمة التعليم معهدا ثقافيا انشأته دولة اجنبية أو هيئة دولية في جمهورية مصر العربية وفقا لاتفاقية ثقافية بحكم خضوعها للقوانين الوطنية المطبقة في شأنها وجوبا هو ما ينسجم مع احكام الدستور والقانون. وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها ان وزارة التعليم العالي تقاعست عن القيام بدورها وكان لزاما عليها اتخاذ ما يلزم من قرار إداري محوا لقرار الجامعة المخالف لاحكام القانون ومن ثم يكون امتناعها عن ذلك قرارا سلبيا بالامتناع عن الغاء قرار الجامعة فيما تضمنه من تقدير جزء من المصروفات الدراسية نسبته 50% منها بالعملة الاجنبية وتحصيله من الطلاب بهذه العملة أو بما يعادلها بالجنيه المصري وفقا لسعر الصرف وقت السداد مخالفا للقانون ومرجحا الغاؤه عند الفصل في موضوع الدعوي. أوضحت المحكمة انه لا ينال مما تقدم ما ذكرته الجامعة الامريكية بالقاهرة في مذكرة دفاعها وما قدمته من مستندات من أنها خصصت منحة مقدرها خمسة ملايين دولار امريكي في العام الدراسي الحالي 2016/2017 لسداد المصروفات الدراسية للطلبة غير القادرين حسب كل حالة علي حدة لأن ذلك ليس من شأنه اضفاء أية شرعية علي ما اتخذته الجامعة من قرار مجاف ومناهض لصحيح حكم القانون.