قد تتشابه الكثير من الاشياء وقد تختلط الأمور وقد ينخدع الانسان في السراب فيتصور وهماً أنه ماء وقد نستطيع أن نخدع بعض الناس كل الوقت ولكن محال أن نخدع كل الناس كل الوقت فالحقيقة دائما شمس بهية تتواري خلف السحب أحيانا ولكن سريعاً ما تعود للسطوع لتنجلي مع بزوغها مزن الزيف والضلال والنفاق وتبقي أشعة الحقيقة في كبد السماء مناراً وهداية. ولعل ما تعيشه أوطاننا الآن من تقلبات اجتماعية وثقافية وانفتاح هو أقرب لكشف العورات خاصة مع استشراء ما يطلق عليها مواضع التواصل الاجتماعي وهي في الأصل قاطعة للروابط الأسرية فقد حولت أفراد الاسرة الواحدة مع تلك المواقع لإشلاء. كل فرد فيها له عالمه الخاص حتي الكلام بينهم أصبح شحيحاً إن لم يكن منعدماً فتجد افراد الاسرة كلا منهم منكباً علي هاتفه يعبث به دون وعي أو إدراك يستوي في ذلك الأب والأم والابناء إناثا كن أو ذكورًا إنه عالم التفريق لا التقريب. ولذلك لا يكون من الغريب أن تتفشي في عالمنا آفة النفاق.. هذه الصفة الذميمة التي يتخذ منها الكثيرون وسيلة لتحقيق مآرب وأهداف هي في الغالب دنيئة فيصف المنافق رئيسه بصفات وينعته بسمات ويصبغ عليه من مكتبة الألقاب ما يجعله يصدق نفسه وهنا تتفتح الابواب المغلقة ويأخذ المنافق مكانة هي في الغالب ليست وتجد الصادق الجاد متقوقعاً في أثمال صدقه لأنه لا يجيد مفردات النفاق ولعل ذلك يعد من الامراض النفسية التي تتفشي في عوالم الجهل والرياء فتجد الموظف علي درجة وكيل وزارة وبلغ من العمر أرذله ولا يتورع أن يكني رئيسه إن كان محافظاً مثلا فيسبق اسمه بلقب معالي اللواء الوزير المحافظ وإن أنجز عملاً هو من صميم العمل الذي يتقاضي عليه الأجر فيقول بتعليمات وتوجيهات ورعاية سيادته تم الانجاز. ناسيا أن كل وظيفة لها توصيف ولها مهام لزاما عليه تنفيذها دون حاجة لتوجيه أو تعليمات وإن لم يفعل يكون مقصرا ويجب معاقبته ولكن ماذا عسنا أن نفعل والنفاق أصبح من مكونات الهواء الذي يتنفسه المنافقون وما أكثرهم. لقد أصبح النفاق مرضاً اجتماعياً يتجسد ويتمثل في التلون والتزلف والتملق والخداع والرياء والاطراءات المزيفة والقبل المصطنعة بحثا عن المصالح والمطامع الشخصية العفنة. هذه الظاهرة السلبية تغلغت في عمق بعض النفوس من الرأس حتي أخمص القدم وحتي بين الزوجين اللذين يربطهما أقدس وأعمق الروابط والمشاعر والاحاسيس الانسانية واصبح المنافق يتصدر المشهد الآن بكل قوة. وللنفاق مساويء وأضرار جمة فهو كالسرطان يفتك بالجسد ويدمر خلاياه وأري أن التخلص من هذه الآفة يتطلب منا التنشئة الاجتماعية الصحيحة لأولادنا والعمل علي تهذيب النفوس وتصويب السلوك والأخلاق وتعزيز الوعي الاخلاقي والقيم الجميلة التي تدعونا إليها الأيديولوجيات والديانات السماوية السمحة. وهنا تبرز مهمة كل المثقفين والمصلحين الاجتماعيين وأئمة المساجد وكل الغيورين علي مستقبل هذا المجتمع حتي نجتث ونقتلع هذه النبته من جذورها التي تتعارض مع قيمنا الدينية والاخلاقية ومصريتنا همسة لا خير في ود إمريء متلون إذا الريح مالت مال حيث تميل وما أكثر الإخوان حيث تعدهم ولكنهم في النائبات قليل