من جميع محافظات الجمهورية جاءوا لتنفيذ مشروعات كانت أحلاماً وأصبحت واقعاً تراه الأعين.. آلاف العاملين في مجالات الحفر والري والزراعة ورصف الطرق وإنشاء الصوامع ومحطات التموين نظموا ملحمة وطنية للانتهاء من مشروع متكامل لتنمية المنطقة الصحراوية بقرية المراشدة بمركز الوقف بعد أن ظلت لعشرات السنين حكراً علي مافيا الاستيلاء علي أراضي الدولة. المشروع الحلم الذي تقوده الهيئة الهندسية للقوات المسلحة يشمل استصلاح 50 ألف فدان وإنشاء صومعة بطاقة 60 ألف طن و15 صوبة زراعية لتجربة زراعة النباتات الطبية والكنتالوب والفلفل الألوان للتصدير وازدواج الطريق الصحراوي "قناسوهاج" ومحطتي تموين للسيارات بالإضافة إلي إحياء قرية الحرية التي توقفت منذ 30 عاماً وجاء اكتمال الحلم بصدور قرار جمهوري بتخصيص 9 آلاف فدان لإنشاء مجتمع عمراني جديد. "المساء" التقت بصناع المستقبل من العاملين في المشروع وعاشت معهم وشاهدت ما يبذلونه من مجهودات وما يشعرون به أثناء أداء أعمالهم في قلب الصحراء. قال المهندس مصطفي حمدنا الله رئيس قسم تركيب وتشغيل أجهزة الري المحوري "بيوفيت" من محافظة أسوان إننا نشرف علي أعمال تشغيل وصيانة الأجهزة وضمان استمرارها في العمل لمدة 22 ساعة يومياً في الصيف و12 ساعة يومياً في الشتاء ويوجد نوعان من الأجهزة أحدهما 4 أبراج تروي مساحة 40 فداناً والثاني 7 أبراج تروي مساحة 120 فداناً. مشيراً إلي أن الري المحوري أفضل من التنقيط لأنه يوفر المياه أكثر ويستخدم في المساحات الكبيرة كما أنه يعمل بدون تسوية الأرض. قال محمد عبدالراضي فني إصلاح أجهزة الري بيوفيت حاصل علي بكالوريوس تجارة من مركز قفط بقنا إنه لم يكتف بالمؤهل ولكنه حصل علي دورات تدريبية في مجال البيوفيت ووجد فرصاً واسعة للعمل في هذا المجال مع عدد كبير من الشركات.. وأضاف: أشعر ومعي كثير من العاملين في هذه المشروعات التي تجري في صحراء المراشدة أننا لا نعمل فقط من أجل الحصول علي رواتب لنعول أسرنا ولكننا نشعر أننا نكتب تاريخاً جديداً في بلادنا فرغم أننا عملنا في مشروعات كثيرة إلا أن هذا المشروع الذي يبدو متكاملاً ومنظماً وعلي درجة عالية من التخطيط وبمواعيد محددة أموراً جديدة علينا وكنا نسمع عنها في الدول الأوروبية. في الطريق إلي المراشدة تري مئات العمال والمهندسين يعملون بجد وحماس للانتهاء من العمل في ازدواج الطريق الصحراوي قنا نجع حمادي سوهاج بالتوازي مع أعمال ازدواج الطريق الصحراوي قنا سفاجا لتيسير نقل المحاصيل للتصدير عن طريق ميناء سفاجا. المهندس محمد الجندي من محافظة الشرقية قال إن العمل في رصف الطريق موزع علي أكثر من شركة بهدف سرعة الإنجاز وشركتنا تقوم برصف مسافة بطول 35 كيلو متراً ما بين مركزي الوقف ونجع حمادي وتم بدء العمل في أول يناير الماضي علي أن يتم انتهاء الأعمال خلال 6 شهور. أضاف بيومي السعيد كبير الفنيين من محافظة الإسكندرية حتي الآن قمنا بالانتهاء من 40% من قيمة الأعمال وبهذا المعدل الذي تسير به جميع الشركات سيتم الانتهاء من الطريق قبل موعده بشهرين ولعل السبب في هذا الإنجاز الذي يتم في طريقي قناسوهاجوقنا سفاجا يعود إلي شعور العاملين أنهم يبنون مستقبلاً جديداً لأبنائهم خاصة مع مشاهدتهم للمشروعات الصناعية والزراعية المرتبطة بالمشروع. وعلي حفار عملاق ارتفاعه أكثر من 70 متراً يقف رئيس الحفار محمود عز من محافظة القليوبية ومعه مساعدوه حسني أحمد من كفر الشيخ وأحمد فؤاد من محافظة المنوفية الذين أكدوا أنهم يشعرون بالفخر بعملهم في مثل هذا المشروع الذي تستخدم فيه حفارات عملاقة يصل عمق بعضها إلي أكثر من ألف متر للوصول للخزان الجوفي الكبير وضمان استمرار تدفق المياه للزراعة لسنوات طويلة وكان هدا دافعاً لنا لنواصل العمل ليلاً ونهاراً حتي تمكنا من إنجاز مهمتنا في حفر 40 بئراً في المرحلة الأولي بالاشتراك مع زملائنا في المواقع الأخري بأعماق ما بين 220 متراً إلي ألف متر وذلك قبل المواعيد المقررة بأكثر من 50 يوماً وننتظر اليوم الذي نعود فيه للبدء في المرحلة الثانية من المشروع. يضيف محمد حسن من قنا "فلورمان" الجهاز الذي يتحكم في لوحة المفاتيح والطبلية عملت في مجال الحفر في ليبيا والعراق وكنت أحصل علي دخل أضعاف ما أحصل عليه هنا وقد لا يصدق البعض أنني أشعر بسعادة لا تقدر بمال وأنا أشارك في هذا المشروع الذي علمنا أنه سيكون مشروعاً زراعياً وصناعياً سيوفر آلاف فرص العمل وسيحقق طفرة اقتصادية كبيرة لمحافظة قنا التي ظلت عشرات السنين منسية وسيذكره التاريخ للرئيس عبدالفتاح السيسي لأنه اقتحم الصعاب ويبحث عن مستقبل مشرق لأبنائنا وأحفادنا الذين سنحكي لهم أننا شاركنا في هذا الإنجاز الضخم. علي الجانب الغربي من الطريق الصحراوي تم الانتهاء من تنفيذ مشروع صوامع المراشدة لتخزين القمح الناتج من الأراضي المستصلحة حيث أكد المهندس محمد أبوالوفا مدير المشروع علي أنه تم إنشاء الصوامع خلال 18 شهراً قبل الموعد الرسمي بأربعة شهور ويقع علي مساحة 29 ألف متر ويضم 12 خلية سعة كل منها 5 آلاف طن بإجمالي 60 ألف طن.. أما الحلم الكبير فهو العمل في استصلاح 50 ألف فدان والذي بدأت بشائره بالنجاح في زراعة مساحات كبيرة بالقمح وسيتم حصادها خلال شهري مارس وأبريل القادمين. بالإضافة إلي 15 صوبة زراعية لزراعة النباتات الطبية والعطرية والكنتالوب والفلفل بأنواعه المختلفة بهدف التصدير. قال حمام علي عمر رئيس مجلس محلي قرية المراشدة سابقاً إن قريتنا من أفقر قري الجمهورية حيث يعيش أهلها في قلب الصحراء وأنفقوا أموالاً طائلة لاستصلاح الأراضي ولكنها لا تكفي لتوفير فرص عمل لأبنائهم حتي جاءت قوافل التنمية لتحيي مشروعات طالبنا بها عشرات السنين وأولها قرية الحرية التي تم إنشاؤها منذ 30 عاماً وتكلفت مبالغ طائلة ولم يتم استكمال مرافقها وتحولت المنازل إلي خرائب ينعق فيها البوم وعادت إليها الروح بعد إعادة تأهيل المنازل واستكمال المرافق وإصلاح ماكينات الرفع ووصول المياه إليها والبدء في استصلاح 12 ألفاً و500 فدان إضافية وتسليمها للأهالي بهدف توطينهم في القرية التي تضم 500 منزل مساحة كل منها 200 متر. قال منتصر حلمي رجل أعمال إن أهالي المراشدة الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 40 ألف نسمة يشعرون كأنهم في حلم بعد أن ظلوا يعانون سنوات طويلة ولكنهم الآن يشعرون بالأمل وهم يشاهدون قوافل التعمير في كل مكان ويشارك كثير من أبناء القرية في هذه الأعمال وننتظر زيادة فرص العمل بعد استكمال المشروعات. من جانبه قال اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا إن ما يجري في المنطقة الصحراوية بقرية المراشدة بطول 60 كيلو متراً بين مركزي قنا والوقف يعد ملحمة وطنية يقودها رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الذين يعملون في صمت طوال 24 ساعة لإنشاء مشروعات زراعية متكاملة لتحويل الصحراء إلي أرض خضراء بهدف توفير المنتجات الزراعية سواء للاستهلاك المحلي أو التصدير مع إقامة مجتمعات عمرانية متكاملة لتحقيق الاستقرار للعاملين والاستمرار في مراحل المشروع المختلفة التي بدأت بشائرها باستصلاح 45 ألف فدان وزراعة مساحات كبيرة بالقمح وهو ما سيتم حصاده خلال الشهر القادم بالإضافة إلي 15 صوبة زراعية لزراعة النباتات الطبية والعطرية والكنتالوب والفلفل الألوان وأثبتت التجارب نجاح هذه الزراعات التي سيتم التوسع في زراعتها للتصدير خلال العام القادم. أضاف أن بداية المشروع كانت بإزالة جميع التعديات علي أملاك الدولة في هذه المنطقة مع إعداد الدراسات التي أثبتت وجود المياه الجوفية التي تكفي للزراعة حيث يتم ري 20 ألف فدان بالمياه الجوفية من خلال 40 بئراً تم الانتهاء من حفرها كمرحلة أولي علي أن يتم حفر 35 بئراً أخري في المرحلة الثانية. مشيراً إلي ري 30 ألف فدان عن طريق ترعة المراشدة عقب إصلاح 3 محطات مياه تضم 15 وحدة لرفع المياه من ترعة المراشدة بعد تعطلها لأكثر من 20 عاماً كما سيتم من خلالها ري مساحة 12 ألفاً و500 فدان إضافية لتسليمها للأهالي. ذكر المحافظ إن الجديد في المشروع هو التخطيط للمستقبل وتوفير المسكن الملائم للعاملين في جميع مراحل المشروع وهو ما تم بإصدار قرار جمهوري في شهر يناير الماضي بتخصيص 9 آلاف فدان لإنشاء مجتمع عمراني جديد بالمنطقة بالإضافة إلي إعادة تأهيل قرية الحرية التي تم إنشاؤها منذ ثلاثين عاماً ولم يتم استكمالها وتضم 500 منزل ووحدة صحية ومدرسة تعليم أساسي ومخبزاً ووحدة بيطرية ومكتب بريد ونقطة شرطة وسوقاً تجارياً ويجري العمل لاستكمال جميع المرافق بها وسيتم تسليم المنازل للمستحقين. أضاف أن المشروع يشمل ازدواج الطريق الصحراوي بين محافظتي قناوسوهاج بطول 140 كيلو متراً بتكلفة 400 مليون جنيه ليربط المنطقة الصناعية بنجع حمادي مع الأراضي المستصلحة بالمراشدة مع طريق قنا سفاجا الذي يجري العمل في ازدواجه أيضاً لتيسير أعمال التصدير من ميناء سفاجا. مشيراً إلي أن المشروع يشمل أيضاً إنشاء صومعة للغلال بتكلفة 100 مليون جنيه بطاقة 60 ألف طن ومركز متكامل للإسعاف السريع ومحطتي وقود وطنية تابعة للخدمة الوطنية للقوات المسلحة مساحة كل منها 10 آلاف متر وتقدم كافة الخدمات لجميع أنواع السيارات.