فجأة وبدون مقدمات أعلن حلمي النمنم وزير الثقافة في ختام معرض القاهرة الدولي للكتاب نقل المعرض بدءاً من العام القادم إلي التجمع الخامس. وهو ماأثار جماعة المثقفين واعتبروه قراراً الغرض منه القضاء علي المعرض تماماً. وتساءلوا كيف يتم نقل المعرض إلي مكان ناء بعد أن وصل مترو الأنفاق إلي أرض المعارض وجعل من الوصول إليه أمراً سهلاً قال الكاتب أحمد عبدالرزاق أبوالعلا: إننا نعيش عصر القرارات العشوائية في كل المجالات.. انظر الي قرار تعويم الجنيه الذي طُبق قبل الاعداد الجيد لاستقبال نتائجه. وانظر إلي قرارات وزير التربية والتعليم المتعلقة بتغيير نُظم الامتحانات. أثناء سير العملية التعليمية وفي منتصفها. وانظر إلي قرارات مجلس النواب التي لا تستند إلي منهج. وكل قرارات مجلس الوزراء. تجيء بطريقة غير مدروسة. بسبب غياب المنهج. والاستراتيجية.. ولذلك لم أندهش كثيرا بقرار "حلمي النمنم" وزير الثقافة. المتعلق بنقل معرض القاهرة الدولي للكتاب. من مكانه الحالي بأرض المعارض بمدينة نصر. إلي أرض فضاء يتم تجهيزها في التجمع الخامس. أضاف أعتقد أنه بهذا القرار غير المدروس. ينفذ أوامر تؤكد علي تلك العشوائية التي أشارت اليها.. أذكر أن المعرض حين كان في أرض المعارض بالجزيرة - مكان دار الأوبرا الآن - في الثمانينيات. كان أكثر قُربا من الناس. ويبدو أنه كلما ابتعدت الثقافة عن الناس ابتعدت أدواتها - أيضا - والمعرض أداة من تلك الأدوات. بل وعنوانا لها.. أشار إلي أن الدولة لم تعد تهتم بالثقافة أو فعلها. والدلائل علي ذلك كثيرة. آخرها هذا القرار. ولكنها ترجمت كراهيتها للثقافة. من اللحظة التي وضعت أفرادا علي رأس المؤسسات الثقافية. وأصبحوا قيادات دون امتلاكهم لأي رؤية. أو استراتيجية. باتوا يخربون في تلك المؤسسات التي ظلت لسنوات تعمل بكفاءة. فضلا عن الغاء معظم البرامج الثقافية في الاذاعة والتلفزيون. وعدم صرف أيه مكافآت لضيوف تلك البرامج حتي ينصرفوا عنها. وهذا هو المطلوب.. عداء الحكومة للثقافة أصبح أمرا واضحا. وليس مجرد استنتاج بدون أدلة. الوزير الحالي خير نموذج علي ذلك. لأنه أهدر فكرة الثقافة ذاتها. ولم يسع لا هو ولا قيادات وزارته لتفعيلهاعلي أرض الواقع. فكيف - أذن - نندهش حين يتخذ مثل هذا القرار.. ربما يتحججون بأن أرض المعارض تفرض رسوما وإيجارا للمكان يتجاوز خمسة ملايين جنيه. بدون تقديم خدمات. وهذه حُجة وذريعة لا يُعتد بها. لماذا؟؟ لأن كل تلك الأراضي. التابعة لمؤسسات. هي في واقع الأمر ملك للدولة. إلا اذا كان الأمر قد تعدي ذلك . وأصبح كل جهاز أو كل مؤسسة من مؤسسات الدولة عزبة خاصة لمن يقودها. أو لمن يعملون بها!! الدولة إذا أرادت أن تفعل شيئا ستفعله. واذا أرادت تذليل العقبات أمام فعاليات المعرض. أو أي نشاط. تستطيع أن تقوم بذلك. حتي وإن كانت ضعيفة كوضعنا الحالي.. "النمنم" بقراره يؤكد علي حقيقة مُرة. مؤداها: أنه مجرد أداة في أيدي من يملكون سلطة اصدار القرارات. يوجهُونه ليفعل ما يريدون لمصالحهم يعلمونها. وليس من بينها المصلحة العامة أو مصلحة المستفيدين من الثقافة وفعلها. ربما يريدون بيع تلك الأراضي. وبالتالي يمهدون بعملية النقل. هكذا تدار الأمور في بلادنا.. خاطئ خاطئ ويري الشاعر محمد كشيك إنه قرار خاطئ تماما. فالوزير بعد أن إنتهت حيله. حاول أن يبتكر أي شئ جديد ربما ليستمر في وظيفته. فالمكان الجديد ناء عن المبدعين. كما أنه ناء عن مراكز الثقافة. والوزير يعتقد أن هناك مثقفين كثر. فيريد أن يبعثرهم. أويبددهم. فجاء بالمكان الجديد. الذي سوف ينهي علي البقية الباقية من المثقفين. أبشرك ياسيادة الوزير. بأنك تخترع أشياء. ضارة. وغير نافعة. فأنت تزيد من غربة الكتاب. والمبدعون سوف يعانون من بعده طويلا. فهل أنت راض ياسيادة الوزير. لقد إنتهكت حقا للمثقفين. بعد أن استقروا. وباتوا يعرفون مواقع أقدامهم. المكان القديم أكثرملاءمة. والكتاب يتمنون أن تغادر سريعا وزارة الثقافة. حتي لاتفكر في فكرة جديدة. نحو إلغاء الكتاب. الذي نقدره ونحترمة. ونعيش لأجل أن يزدهر. وينتعش. ليحيا ويعيش..... الكاتب احمد زحام يقول إن قرار وزير الثقافة بنقل معرض الكتاب إلي التجمع الخامس ليس وليد اليوم وليس قرارا يعود إلي الوزير الحالي. فكلنا نعرف أن هؤلاء الوزراء يلعبون أدوارا علي المسرح كما كتبت لهم. فالقرار كان سيتم اتخاذه قبل ثورة يناير. ولكن مجيء الثورة أوقفه. فحكومة مبارك كانت تعد العدة لبيع أرض المعرض وكان الشاري موجودا. ولكن فقط تم تأخير العرض وتم تغيير الممثلين الذين سيؤدون نفس الأدوار. الكارثة أن لا أحد يفكر بمفهوم المنفعة الكلية للمواطن المصري. فمنذ يومين أقاموا الأفراح بمليونية زوار المعرض. وسبب حدوث ذلك سهولة وصول المواطن البسيط الفقير إلي المعرض بأقل التكاليف. يحدث هذا في الوقت الذي ننادي فيه بأهمية الكتاب في مواجهة الإرهاب. هل يزعجكم وجود الكتاب في حياة المواطن المصري. وأن يحصل عليه بسهولة ويسر. انها سلسلة من الممارسات الكفيلة بالقضاء علي مفهوم القراءة. لن أذهب ويقول الشاعر والروائي صبحي موسي عن نفسي لن أذهب اليه حال نقله الي التجمع الخامس.. فثمة رسالة واضحة ان هذا المعرض للقادرين. فهناك مشكلات جمة ستواجه من يفكر في الذهاب. بدءا من المواصلات وصولا الي الحياة الصحراوية المحيطة بالمكان ككل... وهو ما يجعلنا نقتنع ان المكان الجديد ليس للتنشيط الثقافي ولكن للتحنيط الثقافي... وكان ينبغي قبل ان يطلب الوزير هذا الطلب ان يقوم بأمور كأن يعقد معرض رمضان به. اوليالي رمضان الثقافية... فإذا اتضح نجاح التجربة يصبح من السهل الاقتناع بها فقد كان المعرض من قبل في أرض المعارض بالجزيرة وتم نقله إلي خارج الحدود في مدينة نصر التي أصبحت قريبة بوصول المترو إليها. لكن يبدو أن حكوماتنا المتعاقبة تكره الثقافة ولاترغب في الإقبال عليها وكلنا حدث رواج بها قررت إبعادها عن الناس. ويبدو أن مالم يستطع مبارك القيام به فإن حكومتنا الموقرة تقوم به بدءاً من رفع الدعم وصولا إلي نقل أرض المعارض وتحويلها إلي مشروع استثماري. وفي رأي صبحي موسي فإن القرار ليس قرار النمنم حتي وإن كان تحريك الورق باسمه. فهذه المرة أكبر من إمكانات وجرأة الوزير الذي لم يستطع أن يقنع وزارة المالية بأهمية تخفيض سعر إيجار المتر في معرض الكتاب..... الشاعراحمد سراج: من ضمن الميزات التي يطرحها معرض اسطنبول للكتاب هي توفير مواصلات مجانية من المترو إلي المعرض. وها نحن نجد وزير الثقافة الهمام يريد إلقاء المعرض في التجمع الخامس.. أي أنك بحاجة لأربع وسائل مواصلات. مرهقة لتصل إلي التجمع الخامس إن تحركت من وسط البلد. ولكن السؤال: لماذا ياسيد نمنم؟ هل لإخلاء أرض المعارض للمشروع الذي كان يخطط له قبل الثورة؟ ماأفهمه لأن يصدر هذا القرار عن دراسات منشورة واجتماعات معلنة. أما أن يعلن القرار في نهاية أسوأ دورات المعرض فلهذا سببان من وجهة نظري. التغطية علي الفشل وإلهاء الناس. أو أوامر ما من إحدي الجهات. واقترح أحمد سراج إذا كان لابد من نقل المعرض أن يتم نقله إلي شارع المعز مثلاً. ويكون بيت السحيمي أو وكالة الغوري مكانين للعرض والبيع. ويختص بيت الست وسيلة بعرض كتب الشعر. ربما يظن النمنم أنه مستمر إلي العام القادم. والرد لن تبقي ولن يتم نقل المعرض لأنه قرار غير مسئول يعبر عن الجهل والعشوائية. الشاعرعبده الزراع: لا أدري ما وجهة نظر وزير الثقافة في نقل معرض الكتاب الدولي من مكانه بأرض المعارض بمدينة نصر. إلي التجمع الخامس. وأري أنها خطوة غير موفقة. وبها سوف يحرم عدداً كبيراً من المترددين علي المعرض كل عام من حضوره. بسبب بعد المكان عن وسط المدينة وعن أطرافها. فالقادم من مدينة السادس من أكتوبر. سوف يستغرق اكثر من ساعتين ونصف الساعة حتي يصل إلي المعرض. فما بالك بمن يأتي إلي المعرض من الأقاليم. فمن يذهب إليه مرة لن يعود مرة أخري. بسبب المواصلات المرهقة في القاهرة. وقد أحدث وصول المترو في السنتين الأخيرتين إلي أرض المعارض. انتعاشا كبيرا لمعرض الكتاب. وتشجعت آلاف الجماهير في التردد عليه يوميا عليه. وشهد المعرض ازدحاما كبيرا واقبالا غير مسبوق. واتمني أن يظل المعرض من مكانه الحالي. حتي لا يفقد جزءا كبيرا من جمهوره.