انتشار برامج الإثارة واشعال الخلافات أمر ملفت للنظر علي شاشات الفضائيات التي تطالعنا كل يوم ببرنامج ينبش في أسرار النجوم وحياتهم الخاصة ليخرج منها بفضائح بينما تلعب بعض هذه البرامج علي غرائز الجمهور من خلال تناولها لموضوعات مثيرة..أما النوعية الثالثة من هذه البرامج فقد تحولت إلي ساحة لتصفية خلاف بعض المشاهير مع بعضهم الآخر وأحياناً باستخدام ألفاظ نابية يعاقب عليها القانون. تقول الإعلامية ريهام السهلي: هذه النوعية من البرامج لا تستهويني علي الاطلاق لكنها تستهوي عددا من جمهور المشاهدين الذين يقبلون عليها بهدف البحث عن تسلية. أما مقدمو هذه البرامج فهم يبحثون عن نسبة مشاهدة أعلي من خلال اشعال الخلافات الموجودة بين المشاهير. كشفت السهلي ان هناك عدداً من النجوم يظهرون لأسباب مختلفة متعلقة بالأجر الذي يحصلون عليه أو لوجود خلافات بينهم وبين آخرين يريدون طرحها للرأي العام. يري الإعلامي حمدي الكنيسي ان الفضائيات هي السبب في هذه الظاهرة الإعلامية المخجلة فهذه البرامج حققت نسبة مشاهدة مرتفعة وبالتالي أقبل المعلنون علي قنواتهم بشكل أكبر وهم لا يفكرون سوي في الربح المادي فقط. ففي كل دول العالم هناك اختبارات اساسية لابد ان يجتازها أي مقدم برامج قبل أن يقف امام الميكروفون أو الكاميرا.. لكن القنوات الفضائية تسير علي نفس الدرب الذي كانت تسير عليه الإذاعات الأهلية منذ عشرات السنوات فهم يسمحون لأي شخص بممارسة مهنة مقدم البرامج حتي لو كان هذا الشخص لا يعرف شيئا عن مواثيق الشرف الإعلامي ولا يتمتع بأي خلفية ثقافية. أشار الكنيسي إلي أن هناك فئة من الجمهور تبحث عن الإثارة في البرامج وفي الأفلام بل وحتي علي صفحات الصحف الصفراء خاصة حينما تكون هذه الإثارة مرتبطة بحياة النجوم الخاصة لكن الجمهور سرعان ما يتشبع من هذه النوعية البرامجية بل وينتقدها. أرجع الكنيسي سبب اقبال النجوم علي هذه البرامج إلي ضعفهم الشديد امام الأضواء وإلي الأجور المرتفعة التي يتقاضونها نظير مشاركتهم في أي برنامج والتي تنسيهم أن هذا الظهور يسيء إلي شخصياتهم وتاريخهم وأحيانا سمعتهم.. ارجع الدكتور علي عجوة استاذ الإعلام بجامعة القاهرة تنامي هذه الظاهرة إلي ان الفضائيات تفتقر للبرامج الجادة فتلجأ لملء ساعات ارسالها بأي مادة رخيصة تجنح إلي الاثارة لعلها تجذب البسطاء الذين يتصوروا أن هذه هي الحرية فهؤلاء البسطاء الذين يتصورون ان هذه هي الحرية فهؤلاء البسطاء لا يعلمون أن هذه البرامج ما هي إلا فوضي اعلامية بعيدة تماما عن الخلق الكريم. قال: منذ 200 عام قال فيلسوف انجليزي "لكل مجتمع صحافته التي يستحقها" فإذا أردنا تطبيق هذه المقولة علي مجتمع اليوم سنجد أن ما نحن فيه الآن نستحقه لأن مجتمعنا به نسبة أمية مرتفعة من الطبيعي أن تستغلها وسائل الاعلام أما في الدول المتقدمة فلا يستطيع الاعلام التعامل مع الجمهور علي هذا النمو لأن هناك جمهورا واعيا يلفظ هذه الغوغائية الإعلامية. أشار عجوة إلي أن نجوم الصف الثاني يتعاملون مع هذه البرامج علي أنها فرصة للصعود إلي الصف الأول فيوافقون علي الظهور بها لكنها في الحقيقة تسيء إليهم وإلي تاريخهم الفني المتواضع. تري د. ليلي عبدالمجيد عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة سابقاً أن هناك أسباباً تجارية بحتة تقف خلف هذه الظاهرة فالفضائيات تلعب علي غرائز الجمهور وحب الاستطلاع لديهم لتحقيق عائد إعلاني أكبر أو لتحقيق عدد اشتراكات أكبر إذا كانت مشفرة. اضافت: لسنا معترضين إطلاقا علي أن الاعلام صناعة لابد أن تربح كي تستمر. لكن هذا الربح لابد ألا يكون بهذه الأساليب السريعة والدنيئة والتي تعود الجمهور علي عادات سيئة كالنميمة وحب اختراق خصوصية الآخرين. اضافت: المتابع جيداً لتاريخ الاتصال سيلاحظ أن هذه الظواهر الاعلامية لا تدوم طويلا فهي في البداية تنجح في جذب الجمهور الذي سرعان ما يدرك أنه اضاع وقته في متابعة مادة اعلامية مخربة للعقول. فتتحول هذه البرامج لبضاعة راكدة تدفع اصحابها للخلاص منها.