هل أصبحت روسيا هي التي تحرك الأحداث في العالم؟ أم أن العالم أصبح مسرحا للعرائس. تقوم روسيا فيه بتحريكها كما تشاء وانطاقها بما تشاء؟ وإذا كنا نعيب علي البعض حديثهم عما يسمي بنظرية المؤامرة. فهل الغرب كله يؤمن بنظرية المؤامرة؟ لقد سبق أن رددت بعض الأوساط الأمريكية ان دونالد ترامب فاز بانتخابات الرئاسة نتيجة لتدخل روسيا في هذه الانتخابات وأن جيش بوتين الالكتروني سيوجه انظاره إلي الانتخابات التي ستجري في الدول الأوروبية خلال 2017. وقالت وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه" إن لديها أدلة كثيرة علي أن القراصنة الروس هم الذين شنوا هجمات الكترونية شملت البريد الالكتروني لهيلاري كلينتون ومدير حملتها الانتخابية وقادة الحزب الديمقراطي. وأن هدف روسيا من ذلك كان توجيه دفة الانتخابات لصالح ترامب الذي فاز بها فعلا. الآن تتردد أنباء عن وجود مخاوف في فرنسا من تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في أبريل القادم. لصالح مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف. وذكرت صحيفة "لو كانار انشاينيه" الفرنسية ان الإدارة العامة للأمن الخارجي في فرنسا تعتقد بأن الكرملين ينظم حملة من التضليل الاعلامي. تهدد بتقويض انتخابات الرئاسة في ابريل. ويشير موقع فايس نيوز إلي أن هذه الادعاءات تؤخذ علي محمل الجد. لدرجة أن الصحيفة المذكورة تزعم بأن اجتماع مجلس الدفاع المقبل في قصر الإليزيه سيخصص لمناقشة هذا الموضوع. علي وجه التحديد. ولم يصدر تعليق رسمي من الكرملين. ولا من الإدارة الفرنسية للأمن الخارجي. حول هذه المعلومات أو المزاعم. ويفيد استطلاع للرأي نشر أول أمس بأن لوبان ستفوز بالجولة الأولي للتصويت. لكنها ستخسر في النهاية لصالح مرشح الوسط ايمانويل ماكرون. ويقال إن موسكو علي علاقة مع موقع ويكيليكس الشهير. الذي نشر كثيرا من التسريبات التي هزت العالم. لكن جوليان اسانج. مؤسس الموقع ينفي بشدة أن تكون روسيا هي مصدر المعلومات التي يقوم بتسريبها. وحسبما يقول بن نيمو خبير أبحاث الطب الشرعي الرقمية في مجلس الأطلسي. لموقع بايسنسوز. فإن أية حملة روسية تتكون من ثلاثة عناصر. وتشمل هذه العناصر نشر رسائل عبر الانترنت تروج للمرشحة اليمينية المتطرفة وتشوه صورة خصومها. كما يقوم الهاكرز الروس باختراق حسابات المرشحين المنافسين ونشر معلومات تسئ إليهم. سواء عبر ويكيليكس. أو ببثها لوسائل الاعلام. دون أن يكشف هؤلاء القراصنة عن هويتهم. أما العنصر الثالث في الحملة فيتمثل في أن وكالة سبيوتنك الروسية التي يديرها الكرملين. اطلقت خدمة باللغة الفرنسية علي موقعها الالكتروني وهذه الخدمة تنشر تقارير تشيد بلوبان وتنتقد خصومها. وتثور التساؤلات حول ما إذا كان لمثل هذه ا لحملات أن تحول دفة الانتخابات لصالح لوبان. يقول الخبراء إن تلك المحاولات ليس لها سوي تأثير هامشي. ولكنها تعلي من شأن لوبان. ويقولون إن السعي لزيادة التصويت لصالح شخص. ما أو اتجاه ما. ولو بنسبة 2% يمكن أن يأتي بآثار كبيرة علي النتيجة النهائية. ومهما كانت درجة مصداقية هذه المعلومات أو عدم مصداقيتها. يشير التقرير إلي أن لوبان لها تاريخ طويل من المواقف التي تؤيد روسيا في القضايا الدولية كما انتقدت بشدة العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي ضد روسيا بعد ضم القرم من أوكرانيا في 2014 ويقال إن لوبان وعدت بالاعتراف بضم القرم لو فازت بالانتخابات. ولو فرضنا صحة ما يثار حول تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية والفرنسية وغيرها. أفليس الغرب نفسه هو الذي يتدخل في كثير من الانتخابات التي تجري في مختلف بقاع العالم. وألم تتدخل المخابرات المركزية الأمريكية. ليس فقط في الانتخابات التي تجري في دول العالم. وإنما تدبر المكائد والمؤامرات للاطاحة بالنظم والرؤساء الذين لا يخضعون للهيمنة الأمريكية؟ والتاريخ حافل بالكثير من نماذج وصور التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر في كثير من الدول. وعلي أية حال. فإن السياسة لا تخلو من المؤامرات. ولو خلت منها تصبح أي شيء آخر إلا أن تكون سياسة!!