لا يوجد منصف يقرأ بموضوعية الواقع الذي نعيشه الآن ويرضيه ما يحدث من طحن وعصر لشعب كان مطحوناً بالفعل.. فما معني اصلاح اقتصادي يجرف في طريقه أكبر عدد ممكن من المواطنين الذين ظلوا سنوات يلهثون في انتظار هذا الاصلاح ليخرجه من ضيق العيش إلي سعته ومن ظلام الظلم إلي نور العدل.. أي خبير اقتصادي لا يدرك هذه الحقائق ويتعامل وفقها فخبرته ناقصة فما يحدث من انفلات في الاسعار واختفاء للأدوية وتجاهل آلام الناس يوجه رسالة واضحة للشعب من القائمين عليه تقول بمنتهي الصراحة أنت لا تعنينا في هذه المرحلة فلتمت أنت ليحيا من سيأتي بعدك.. وهذا أمر غير منطقي لأن من سيربي الجيل القادم هو من يعيش مرارة وضغوط الحاضر ستنعكس عليه لا محالة فعن اي إصلاح نتحدث لشعب كان شعار ثورته عيش حرية عدالة اجتماعية فبدأ مطالبه بالعيش ثم نطلب منه ان يجوع فوق جوعه والامر المستفز أن من يطلب منه أن يصبرهم اصحاب الملايين المنعمين فكل يوم يخرج علينا من التلفاز من يضع يده في الماء البارد ليعطي الغلابة دروساً في التحمل لانه لا يعرف أن الله سبحانه وتعالي قرن الطعام بالامن كاهم مطلبين للانسان بل قدم الطعام علي الأمن "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" المنطقي أن تبدأ أي خطة اصلاح بتوفير هذين المطلبين ثم نتحدث عن أي شئ آخر فصحيح اننا يجب الا ننظر تحت اقدامنا ونسعي لمشاريع مستقبلية طويلة المدي تضع مصر في مكانتها الي تستحقها الخ الخ الخ ولكن اين الخطط الحالية والقصيرة المدي وثمرتها التي تعطي طاقة وشحناً لانتظار المستقبل فلنصعد السلم درجة درجة أو نسير علي الخطط بالتوازي دون أن تجير إحداها علي الأخري. ورغم كل هذا فأنا مازلت متفائلة في تحد لكل المتشائمين من حولي اؤمن انه عسي أن نكره شيئا وهو خير لنا والدليل أن وسط هذه الضغوط ظهرت العديد من الايجابيات التي تبين معدن هذا الشعب الاصيل الذي عادة ما يظهر جليا في الأزمات فهذه صيدلية فتحت ابوابها لإعطاء الدواء مجاناً للمحتاجين وانهالت عليها تبرعات من كل مكان لتستوعب أكبر عدد ممكن وهذا صاحب مخبز خصص أول ساعتين من كل يوم لمنح الخبز مجاناً للفقراء وثالث بدأ يعد لفتح متجر كبير يبيع باسعار رمزية ليمرر من خلاله صدقاته وزكاة ماله وغيرهم كثيرون ممن يعملون في صمت وخفاء اتقاء شبهة الرياء الخوف هنا أن يأتي من بين القادرين من يشارك هؤلاء المحتاجين ما بعثه لهم الله من رزق لان الرقيب هنا هو الضمير لأن كل شئ أصبح سهل التزوير التقارير الطبية والابحاث الاجتماعية فقد أتلف الفساد وخراب الضمائر الكثير من الاشياء الجميلة في بلدنا ونهب ثرواتها فليترك هذا الفساد للفقراء الفتات يعشون منه حتي يأذن الله بفرجه وتصبح مصر كما نتمناها جميعاً.