هل عجزت الحكومة عن مواجهة جشع التجار والمحتكرين؟! الأسعار تشهد زيادات رهيبة كل يوم. بل كل ساعة. حتي البيض الذي أعلنت وزارة الزراعة مرارًا وتكرارًا تحقيق الاكتفاء الذاتي منه وإنتاج 10 ملايين بيضة تكفي الاستهلاك المحلي ويزيد حتي ظننت أننا سنقوم بتصديره ارتفعت أسعاره وأصبحت الواحدة ب 150 قرشًا ليجد المواطن البسيط والموظف المسكين نفسه في "حيص بيص" وغير قادر حتي علي إعداد ساندوتش المدرسة لأولاده.. طبعًا كبار القوم يأكلون ويتمتعون ولا يشغلهم ارتفاع أسعار البيض ولا حتي الجمبري وعلي دربهم يسير أصحاب الرواتب الخيالية. الرئيس أعطي توجيهات عديدة بضرورة الرقابة علي الأسواق وضبط الأسعار ومواجهة جشع التجار واحتكار المواد الغذائية.. وكان كعادته واضحًا وصريحًا عندما أكد في حواره لرؤساء تحرير الصحف القومية الصباحية أنه لن يترك الناس أسري لآليات السوق أو فريسة للجشعين.. السؤال إذن: لماذا تتباطأ الحكومة في تنفيذ توجيهات الرئيس؟! ولماذا لا تتحرك من خلال خطط مدروسة وأفكار خارج الصندوق بعيدًا عن الروتين القاتل في الإدارة والأساليب العقيمة والأفكار التي عفا عليها الزمن لمواجهة الأزمات وعلي رأسها غول الأسعار الذي يطارد المواطنين صباح مساء؟! الحقيقة المؤكدة أن رقابة الحكومة علي الأسواق ضعيفة جدًا والتنسيق بين الوزارات المسئولة غاب تمامًا.. كبار التجار ورجال الأعمال استأسدوا وهزموا الحكومة بالضربة القاضية.. فعلوا كل ما يريدون.. عطشوا الأسواق وخزنوا السلع ورفعوا الأسعار.. اختفي الأرز ورفضوا توريده للحكومة.. افتعلوا أزمة السكر وظلوا يضغطون حتي أقروا السعر الذي يريدونه.. تلاعبوا في أرصدة القمح وأهدروا ملايين الجنيهات.. حتي الأكلات التي كانت تسمي شعبية: "الفول والعدس والطعمية" رفعوا أسعارها واحتكروها دون أدني رحمة أو مسئولية اجتماعية.. كما رفعوا أسعار الأدوية دون مراعاة لأنات المرضي الفقراء والبسطاء. وأمس انتصروا في معركة الأسمدة وليذهب الفلاح إلي الجحيم.. المصيبة أن هؤلاء يشهدون اجتماعات الحكومة وتراهم علي الشاشات يأمرون وينهون وتقر لهم الحكومة ما يريدون. لقد عانينا في الزمن الغابر من زواج رأس المال بالسلطة الذي مازال مستمرًا حتي الآن.. فهل نشهد لحظة الطلاق البائن بينهما قريبًا حتي يشعر الناس بالإنجازات الرائعة والمشروعات العملاقة.. ارفعوا الحماية عن الفاسدين والمحتكرين الذين عكروا صفو حياة المواطنين.. أعلنوا علي الملأ الطلاق بين رأس المال والسلطة.. الشعب طفح به الكيل من جشع كبار التجار والمتحكمين في الأسواق ولكن مازال يستمد صبره من حبه لوطنه وثقته في رأس القيادة.. وفي النهاية تظل المسئولية مشتركة.. علي الحكومة أن تقوم بدورها في الرقابة ومحاسبة المخالفين مهما كانوا.. وعلي الشعب العمل والإنتاج والإبلاغ عن المحتكرين والكف عن الظواهر السلبية خاصة أن الكل يضع يده في جيب الآخر ومبدؤه في الحياة: "اخطف واجري.. أنا ومن بعدي الطوفان".. فمتي ندرك أن مصر لا تستحق منا ذلك؟!