يبدو أن وزارة التربية والتعليم في ظل وزيرها الحالي أحمد جمال الدين موسي والذي كان أيضا وزيرا سابقا لنفس الوزارة التعيسة لم يسمع ولم يقرأ عن علم يسمي التربية المقارنة ويبدو ان مستشاريه أيضا علي خلاف دائم بالسبل العلمية التي تمكنهم من الخروج من أزمة الوزارة وأزمة التعليم في مصر. تلك الأزمة التي استفحلت خلال الثلاثين عاما الماضية بفعل فاعل متعمد لهدم كيان الدولة علي المديين القصير والطويل. لقد ظلت وزارة التعليم طوال عهود سابقة تتعامل مع معلميها علي انهم كم مهمل لا صوت لهم ولا أمل في استيقاظهم إلا ان ثورة يناير جعلت من هذه الفئة الصامتة الساكنة كتلة متحركة تطالب بحقوقها التي أغفلتها الدولة طوال السنوات الماضية. لقد عملت الحكومات المتتالية عن إلهاء المعلمين ودفعهم إلي معارك جانبية من أجل لقمة العيش وأغمضت عينيها راضية مرضية علي كل سوءات التعليم في مصر وأطلقت فئة منهم "مدرسي الدروس الخصوصية" علي جيوب أولياء الأمور للاستعاضة عن رواتبهم الهزيلة وعندما أجبرت الوزارة علي تحسين مرتبات المدرسين ابتدعت نظما لم نقرأ عنها أبدا في تاريخ علم التربية المقارنة. ابتدع مستشارو الوزير ما يسمي بالكادر وامتحانات المعلمين الذين أصبحوا مضغة علي ألسنة تلاميذهم خاصة الذين فشلوا منهم في اجتياز امتحانات الكادر أو غيره من المسميات. أتذكر في هذا الصدد الاستاذ الدكتور عبدالغني عبود أستاذ التربية المقارنة في كلية التربية جامعة عين شمس الذي كان يؤكد أهمية التربية المقارنة إذا كانت هناك دولة تبحث عن مخرج علمي لمشكلاتها التعليمية حيث كانت تعتني هذه المادة بدراسة نظم التعليم في العديد من الدول من حيث مدخلات ومخرجات العملية التعليمية وإلقاء الضوء علي الأولويات التربوية بالإضافة إلي بحث طرق تمويل التعليم في كافة بقاع الأرض كما كانت تناقش هذه المادة وتستعرض طرق إعداد المعلم ومكانته الاجتماعية والاقتصادية ويبدو ان العشوائيات في هذا النظام التعليمي المصري أصبح هي السائدة وان أصحاب العلم والعلماء في مجال التربية ليس مكانهم وزارة التعليم بل أصبح هناك شخصيات جديدة تتسم بالفهلوة في وضع سياسات هذه الوزارة وإذا كان وزير التعليم الحالي قد جاء وذهب من الوزارة أثناء حكم مبارك قد عاد مع حكومة ما بعد ثورة يناير إلا انه قرر ان "يقضيها" بلغة العوام ويبدو انه لا يكترث من قريب أو بعيد علي ان يضع لبنة حقيقية لإعادة إعمار هذه الوزارة والتي جلس علي رأسها من قبل شخصيات حفروا لأنفسهم مكانا في تاريخ هذا الوطن مثل الدكتور طه حسين وإسماعيل القباني وكمال الدين حسين وحلمي مرادا هذه الوزارة دون غيرها تحتاج ثورة حقيقية إذا كان هناك من يرغب حقا في إعادة بناء هذا الوطن.