سوف يظل الإسلام بمبادئه الخالدة نبعاً لا ينضب للوسطية والاعتدال بنشر المودة والحب بين سائر البشر والآية الكريمة في سورة النحل تضع هذه القيم الجليلة أمام العالم ونبراساً للهداية وغزو قلوب البشر بسماحة ويسر لا يعرف العنف أو التطرف بأي شكل من الأشكال وترفض الاضطهاد والعنصرية البغيضة "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" 135 النحل. هذه الآية الكريمة تضع الأساس القويم وتحدد معالم الطريق لكل من يسلك طريق الدعوة إلي مبادئ الدين الحنيف. الحكمة تقع في صدارة تلك المبادئ القويمة. أمام كل من يتصدي للدعوة والحكمة تتمثل في مراعاة كل أحوال المتلقين لهذه الدعوة وتقدير ظروف وكل الملابسات التي تحيط بظروف حياتهم وأن تكون الكلمات الطيبة والسلوكيات للدعاة هي الطريق لغزو القلوب وبعث الأمل في النفوس والانضواء في ظلال هذه السماحة والمودة. وقد كان سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم قدوة واسوة حسنة في نشر هذه القيم وتطبيقها علي أرض الواقع أخلاقه العظيمة وقوة التحمل في مواجهة الآخرين بالحكمة والصبر حتي تصل المفاهيم والأفكار الوسطية المعتدلة لقلوب الناس وقد تمكن الرسول في ارساء هذه المعالم أمام الجميع علي أرض الواقع جذب اتباعه بالحكمة والقول الطيب وشهد له بذلك حتي خصومه وكانوا يقدرون صفاته الطيبة عند الحديث معه. ولعل أبلغ دليل علي ذلك أن خصومه كانوا لا يستأمنون أحداً علي ودائعهم وأماناتهم غير سيد المرسلين.. سماحته ووفاؤه وجذبت حتي أشد الناس عداوة له. ورغم مواقف خصومه وتأمرهم ضده والتدبير لقتله إلا أنه كان في منتهي السماحة فقبل أن يغادر أم القري مهاجراً إلي المدينةالمنورة ترك ابن عمه علي ابن أبي طالب في فراشه وأمره برد الودائع والأمانات إلي أصحابها.. صدق وأمانمة صدق رب العالمين حين قال في كتابه الكريم "وإنك لعلي خلق عظيم". هذه المبادئ الطيبة والوسطية والاعتدال هي طريق الأزهر الشريف في مناهجه للطلاب في مختلف المراحل الدراسية. الكلمة الطيبة هي طريق رجال الأزهر في الناس إلي مبادئ الدين الحنيف وقد كان من بين هؤلاء الرجال نماذج متعددة تحملوا كثيراً من المشاق والمعاناة تنشر دعوة الحق بحكمه وأساليب تتواءم مع العصور المتعاقبة. وقد ظل الأزهر يؤدي هذه المهام بكفاءة تتناسب مع لغة العسر علي مدي أكثر من ألف عام. وبذلك حافظ علي دعوة الحق ولغة القرآن الكريم وتصدي للدفاع عن العربية ولولا الأزهر ومناهجه في دعم لغة القرآن اكان للغة العرب بشأن آخر سماحة المسلمين وسلوكياتهم جذبت الناس إلي الدين الحنيف وفي التاريخ أكثر من مشاهد علي جهود هؤلاء الرجال في شتي مجالات دعوة الحق ونشر الوسطية والاعتدال. لكن مع شديد الأسف كانت هناك جماعات انحرفت عن هذه المبادئ وقد تصدي لها الأزهر الشريف وفند الأكاذيب والأباطيل لهذه الجماعات الضالة. ما أشبه الليلة بالبارحة فهاهو الأزهر يتحرك في مختلف أنحاء العالم لنشر وسطية الإسلام وسماحته بين هذه المجتمعات وقد قام الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بدور رائد طاف العالم شرقاً وغرباً موضحاً هذه المعالم الطيبة للدين الحنيف وقد كانت جهوده نبراساً واضح المعالم حين سافر إلي منطقة ميانمار موضحاً خطورة الأوضاع التي تهدد ميانمار والتي تدور رحاها في ولاية "راخين" وبأسلوب حكيم أشار إلي أن هذه الأوضاع تفتقد كل المبررات الدينية والإنسانية والحضارية. حكمة في التناول توضح أن هذه الأعمال غريبة علي شعب ميانمار الذي كانت حضارته وديانته مشاعل سلام للإنسانية. مؤكداً بأسلوب يتسم بالحكمة والوسطية أنه لا يعرف فتنة أضر علي الناس من القتل والقتال باسم الدين تارة وباسم العرق تارة أخري. هذا الدور الرائد من جانب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في الملتقي بميانمار جذب الأنظار وشاركه في هذا الدور بعض السفراء والأدباء والمفكرين والإعلاميين كما شارك في هذا الحوار الإنساني عدد من الشباب الذين يمثلون الأطراف المعنية بالصراع بهذه المنطقة التي تشهد أوضاعاً خطيرة للمسلمين هناك. وسوف يظل هذا الدور الرائد للأزهر ورجال شاهداً علي هذا الأداء الطيب لخدمة الإسلام ودعوته التي تقطر سماحة ومحبة واعتدال. والله يهدي من يشاء إلي الصراط المستقيم.