قد يتحمل المواطن غلاء الأسعار ويمتنع عن تناول بعض المأكولات والمشروبات لمساندة الدولة في قراراتها الإصلاحية الصعبة.. ولكن أن يعاني المواطن - خاصة البسيط ومحدود الدخل - في الحصول علي الدواء فهذه مأساة بكل المقاييس تحتاج إلي تدخل حكومي عاجل رحمة بالمرضي. أزمة الدواء التي اندلعت علي مدار الأسابيع الماضية عجز كل أطرافها في القضاء عليها.. وزير الصحة فشل فشلاً ذريعاً في إدارة الأزمة وانتهج سياسة عشوائية للتسعير ورضخ للشركات المصنعة التي رفعت الأسعار دون أدني مراعاة لمعاناة وأوجاع المرضي في تحد واضح للحكومة والمواطنين. وزاد الطين بلة دخول وزير الصحة في اشتباكات وعناد مع نقابة الصيادلة مما فاقم المشكلة بدلاً من الجلوس علي طاولة واحدة لانهاء معاناة المرضي.. كل طرف تمسك برأيه والنتيجة نقص حاد في حوالي ألف صنف علي رأسها أدوية الضغط والسكر والأورام والفيروسات الكبدية والمحاليل الطبية والكثير من المستلزمات المستخدمة في العمليات الجراحية وأقسام الطوارئ مما زاد من أعباء المواطن ومعاناته اليومية وتعرضه لخطر الموت خاصة مرضي الغسيل الكلوي.. كما واجه الأطفال والكبار علي السواء شبح الموت بسبب نقص الأدوية بجميع معاهد الأورام. أطراف الأزمة الثلاثة وزارة الصحة ونقابة الصيادلة وشركات تصنيع الدواء ويضاف إليهم شعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية.. ليسوا علي مستوي المسئولية ولم يراعوا المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر الآن.. جميعهم تمسك برأيه وانتصر لمصلحته في غياب تام للضمير الذي مات وشبع موتاً. يا سادة: عندما تندلع الأزمات ابحثوا عن المستفيد.. كل الأزمات التي طفت فجأة علي السطح سواء أزمة السكر أو الزيت أو الأرز وما صاحبها من ارتفاع غير مبرر في الأسعار وكل المواد الغذائية.. وأيضاً أزمة الأسمدة والدواء وألبان الأطفال كلها مفتعلة تؤكد أن هناك مؤامرة تدار لعرقلة نهضة مصر التي انطلقت بقوة. احتكار كل السلع ومحاولات تعطيش السوق أصبح أسلوب حياة لكبار التجار وبعض رجال الأعمال لرفع الأسعار وليذهب المواطن الغلبان للجحيم.. طالما غابت الرقابة الحقيقية ولم يكن هناك عقوبات رادعة وقوية لهؤلاء المحتكرين. .. وتبقي الأزمة دائماً في الضمير الذي مات.