كلما جاء موعد كتابة مقال أو قصة أو رواية أو أي مادة تخاطب الفكر والعقل وتحثه علي أول أمر تلقاه نبينا الكريم في سورة العلق "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم". اتساءل: من يقرأ الآن؟! ولمن نكتب؟! سؤال مهم خاصة أن أول آية نزلت كانت تحث الإنسان علي العلم الذي كرمه الله به وشرفه بالمعرفة وبالعقل الذي يتدبر هذا العلم الذي ميزنا به علي الملائكة.. العلم الذي هو تارة يكون في الأذهان وتارة أخري في اللسان وتارة في الكتابة بالبنان.. أي أن العلم.. ذهني ولفظي ورسمي ولهذا قال تعالي "علم الإنسان ما لم يعلم" وقد تقيد العلم بالكتابة وفي كتب التفسير أن من عمل بما علم بفتح العين رزقه الله علم ما لم يكن يعلم. لكن الحال الآن لا يعكس مدي طاعتنا لله عز وجل.. فالعلم أصبح مجرد شهادة جوفاء والكتب أصبحت تحوي أحرفا عصية علي الفهم لجيل تفاقمت بيننا وبينه المسافات.. ليس عيبا فيمن يكتب فقط والذي يكتب في معزل عن قارئه ولكنها منظومة متشابكة بدأت بانهيار قيمة المعرفة والعلم.. أصبح الكتاب بالنسبة للشباب رفاهية يفضلون عليها الجلوس علي شبكات التفسخ الاجتماعي التي يخطئون حين يسمونها بالتواصل.. فمنذ ظهورها والمعرفة تحولت لقراءة الشائعات أو لمعرفة سطحية وقشرية.. إلا لمن رحم ربي وهم لا يمثلون نسبة تستطيع التأثير والتغير في المجتمع.. نكتب مقالات تستصرخ فيهم العمل والهمة ولا نوفر لهم أكثر من تلك الأحرف.. فتفقد حروفنا مصداقيتها وتحدث الفجوة.. نكتب لمن لا يصدقنا.. نكتب لشباب تخرج في الجامعات التي وفرت لهم الحلم بالغد الأفضل ثم يعمل بعضهم خدما وحراس عقار.. وهذا ليس احتقارا لتلك المهن.. لكنها تمثل للشباب فقدان مصداقية بين الدولة ومؤسساتها التي لا توفر عملا لخريجي الجامعات وبين منظومة تعليم لا تخطط لحاجة البلد لمهن حرفية.. فيتم توجيه الطلاب لما تحتاجه البلد فعليا. علينا أن نتعلم ونحن نكتب كيف نعمل في منظومة واحدة تؤدي كل خطوة فيها لما بعدها فلا نقفز ولا نتأخر مما يؤدي لخلل في كل شيء تعليم وعمل وأخلاق ونصل للفوضي وعدم الثقة التي عليها حال شعبنا الآن.. فقد تحولنا لشعب لا يعرف كيف يحلم.. وكيف يقرأ ويخاف المستقبل وكل طرف يحمل الطرف الآخر المسئولية.. علينا أن نجد الطريق الذي فقدناه من مؤامرات وخيانات لشعب كان من أعظم الشعوب وأرقاها وقتها فقط سنجد القارئ ونعرف لمن نكتب ومن يقرأ فقط حين نعرف نحن.. ماذا نكتب.