أعتقد أن استيراد الملابس الجاهزة من الخارج سيقل الطلب عليه من المصريين بعد تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية.. فالدولار سعره الآن في مصر يساوي 16 جنيهًا تقريبًا.. وإذا افترضنا أن هناك سلعة من الملابس الجاهزة تباع في الخارج ب 20 دولاراً.. فإن معني ذلك أنها قد تصل في مصر إلي 500 جنيه تقريبًا بعد حساب النقل والجمارك وربح التاجر المستورد وربح تاجر التجزئة. هنا لا يستطيع المواطن المصري ذو الدخل المتوسط وفوق المتوسط أن يشتري هذه البضاعة لأن دخله محدود وليس له القدرة علي ابتياعها.. فما بالك إذا كانت الملابس المستوردة من الخارج تزيد علي 20 دولارًا وكانت في حدود 50 دولارًا أو مائة دولار.. هنا سيمتنع المستوردون عن استيراد هذه الملابس لأن دخل الطبقة فوق المتوسطة لا يمكنهم من شرائها. الطريق الوحيد لمنع استيراد الملابس يتمثل في جودة الإنتاج المصري وتجديد المصانع المتوقفة عن الإنتاج خاصة أن هناك 600 مصنع. خاصة في منطقة شبرا الخيمة بسبب المشاكل التي تواجهها صناعة النسيج. كشفت إحصائية للبنك المركزي أن حجم استيراد مصر من قمصان النوم وصل إلي 103 ملايين جنيه.. وخلال 6 أشهر تم استيراد حمالات الصدر الحريمي بمبلغ 42 مليون جنيه ومايوهات ب 7 ملايين جنيه وسراويل داخلية ب 32 مليون جنيه.. ومايوهات رجالي ب 8 ملايين جنيه ومايوهات حريمي ب 7 ملايين جنيه.. وذلك كله كان في عام .2015 أما مركز الدراسات الاقتصادية فذكر أن مصر تستورد سنويًا ملابس متنوعة وخاصة البنطلونات الجينز بمبلغ 600 مليون دولار.. وأبرز الدول التي نستورد منها الجينز هي الصين ثم بقية الملابس من تركيا.. وقال التقرير إن مصر من الدول المصدرة للجينز مما يؤكد أننا لسنا في حاجة إلي استيراده ما دمنا قادرين علي إنتاجه ولكن مشكلتنا أننا نستورد خام قماش الجينز من دولة البحرين ليتم تصنيعه في مصر ونصدره لأمريكا. والسؤال هنا: هل عجزت مصر وهي ذات التاريخ الطويل في صناعة الملابس عن كيفية اكتشاف خام الجينز حتي نستورده من دول صديق أو غير صديقة.. أليس هذا عيبًا في حق المصريين. إن صناعة النسيج في مصر تعرضت علي مدي أكثر من عشر سنوات مضت أو أكثر من ذلك لإهمال جسيم من الدولة فانحسرت هذه المصانع إلي أقل حد ممكن وعجزت مصر عن تطويرها باستيراد آلات جديدة لها أو إهمالها تمامًا.. وترتب علي ذلك انضمام عمال صناعة الغزل والنسيج إلي طابور البطالة. قال يحيي الزنانيري رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية في تصريح ل "البوابة نيوز" إن حجم استهلاك الملابس في مصر يقدر ب 15 مليار جنيه مؤكدًا أن 60 في المائة منه مستورد بما يقدر ب 8 مليارات جنيه. وقال إن المنتج المصري لا ينافس المستورد لأن الأخير أكثر جودة وأقل سعرًا والمستهلك يفضله علي المحلي.. ولابد من تحسين إنتاجنا. بالإضافة إلي السماح للمستوردين باستيراد الأقمشة عن طريق تخفيض الجمارك لدعم المنتج المحلي.. خاصة أن جزءًا كبيرًا من الملابس المحلية يتم استيراد أقمشتها من الخارج كالملابس الداخلية والجينز والملايات وغيرها. والخلاصة التي نود أن نقولها للحكومة المصرية إن إصلاح الاقتصاد لا يكون بتعويم الجنيه فقط.. ولكن لابد من نظرة واسعة لكل ظروفنا الاقتصادية.. فتشغيل المصانع المتوقفة.. وخلق بيئة صالحة للصناعات الصغيرة.. ووقف الاستيراد للسلع والمواد المستفزة.. وخلق بيئة عمل تشجع العاملين علي الابتكار والإنتاج هو أقصر الطرق للإصلاح الاقتصادي. فليس بتعويم الجنيه فقط نصلح حالنا.. ولكن بالعمل والإنتاج نصلح اقتصادنا.