تعويم الجنيه وما تلاه من ارتفاع لأسعار المحروقات وما سبقه من ارتفاع أسعار السكر وما يستجد من ارتفاعات مؤكدة في كل شيء يدفع ثمنه أصحاب الدخول الثابتة من الموظفين وأصحاب المعاشات وأشباههم فقط.. فهؤلاء هم الفئة الوحيدة التي لا تملك تعويض ارتفاع الأسعار بإلقاء عبئها علي الآخرين.. فالتجار بأنواعهم يرفعون أسعار ما يبيعونه تلقائياً عندما ترتفع سلعة واحدة وبالتالي هم لا يضارون إطلاقاً من ارتفاع الأسعار بل قد يحققون منها المزيد من الأرباح.. نفس الشيء بالنسبة لأصحاب الحرف والصنعة فمن المؤكد أن السباك والكهربائي والحداد والميكانيكي وغيرهم يرفعون أسعار خدماتهم لمجرد إضافة بضعة قروش علي ثمن علبة السجائر فما بالنا بهوجة الارتفاعات التي تجتاح كل شيء وبرعاية الحكومة نفسها.. حتي أصحاب المهن يستطيعون ايضا توجيه دفة ارتفاع الأسعار لصالحهم وخير مثال علي ذلك الأطباء الذين يحددون اتعابهم كما يحلو لهم وكذلك المحامون والمهندسون من أصحاب الأعمال كبرت أو صغرت!! ولن أقول التاكسي والميكروباص والتوك توك لأنها الأسرع عادة في الانتقام من المواطنين عندما ترتفع الأسعار! الصورة تبدو وكأن الجميع يتآمرون علي أصحاب الدخول الثابتة والذين لا يملكون من أمر أنفسهم شيئاً فدخولهم تتناقص يومياً ومع تعويم الجنيه تناقصت 40% في يوم واحد بينما هذه الفئة بلا حول ولا قوة!!.. ثم تسأل عن الحكومة فتجدها ترعي ارتفاع الأسعار وتباركه ولا تقدر إلا علي هؤلاء المساكين فأرواحهم في يدها ترفع عليهم سعر سكر التموين بعد أزمة مصطنعة فتلتهم سلعة واحدة كل الزيادة التي قررتها الحكومة من ثلاثة شهور لدعم السلع التموينية ب 15 جنيهاً للأسرة!! ثم تتركهم نهباً لجشع التجار والصناع والصنايعية والمهنيين بأنواعهم.. وبعد كل ذلك وقبله تطبق علي أرواحهم بضرائب تستقطع 20 في المائة من دخولهم بلا رحمة بينما هي تتردد وتراجع نفسها مئات المرات عندما نطالب بضرائب تصاعدية علي الكبار تعدل الميزان لأنها تخشي غضبتهم!! الحقيقة أن هذه الفئة من أصحاب الدخول الثابتة من الموظفين وأصحاب المعاشات وأشباههم تقدر بالملايين ونسبتهم مرتفعة ولا يجب الاستهانة بهم اعتماداً علي أن أرواحهم في يد الحكومة.. فهم ينظرون بعيونهم ويرون كيف تدلل الحكومة الفئات الأخري ويعرفون جيداً أن الحكومة لا تستطيع تحصيل متأخرات الضرائب لدي رجال الأعمال وهي تقدر بالمليارات.. هم ايضا يرون الحكومة وهي تجلس لتتصالح مع ناهبي ثروات الشعب والمال العام بدفع جزء مما نهبوه بينما هي تتمني لهم الاستمتاع بالباقي بالهنا والشفا!! هذه الفئة تراجعت بالفعل خطوات وخطوات خلال السنوات السابقة في كل شيء في كل نواحي حياتها بكل تفاصيلها وهذا مكمن الخطر.. وعدم انتباه المسئولين لهذا سلوك غير إيجابي علي الإطلاق وترك هذه الفئة من الموظفين وأصحاب المعاشات واشباههم تحت ضغط الأسعار الذي لا يتوقف يكشف عجز الحكومة وعدم قدرتها علي تقدير المواقف بطريقة علمية.. فليس من المنطق أو المعقول أن تدفع فئة واحدة ثمن كل شيء بينما الفئات الأخري تخرج لها لسانها وتستفزها ليلاً ونهاراً للأسف الشديد. وبهذه المناسبات السعيدة من التعويم إلي الغرق في بحر بلا نهاية من ارتفاع الأسعار أسأل الحكومة عن تلك اللجنة التي شكلتها لتحديد هامش الربح للمنتجات المحلية والمستوردة؟.. وأجيب أنا نيابة عنها بأنها قضت نحبها يوم مولدها عندما كشر الصناع والتجار عن انيابهم للحكومة!!