في خطوة جيدة.. بدأت الحكومة تنظر إلي ضرورة التقشف عندها هي وليس عند الشعب فقط.. فالشعب لم يعد لديه ما يتقشف فيه بعد أن قفزت الأسعار قفزات رهيبة واختفي السكر وارتفعت فواتير الكهرباء والمياه إلي ما فوق الضعف.. وتم تنفيذ مخطط تخفيض الدعم. في يوم الأربعاء 19 أكتوبر الجاري وافق مجلس الوزراء علي قرارات اللجنة الوزارية الاقتصادية بترشيد وخفض الإنفاق في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والشركات ووحدات الجهاز الإداري للدولة بنسبة تصل إلي 20%. وأكد قرار اللجنة الاقتصادية أن الترشيد سيحدث دون المساس بالأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية.. لكنه يتضمن خفض التمثيل الخارجي في البعثات التابعة للوزارات بنسبة 50%.. والاستفادة من الكوادر الموجودة بوزارة الخارجية في إنجاز أعمال هذه البعثات.. بالإضافة إلي اتخاذ إجراءات حاسمة لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه. حسناً.. هذه الرؤية تستحق أن نشجعها ونبني عليها.. لأنها بكل صراحة غير كافية ولن تحقق المطلوب.. هناك إجراءات أخري مهمة يجب أن تتقشف الحكومة فيها لتعطي نتائج أكثر جدوي للتقشف أو قل للترشيد.. وأول هذه الإجراءات يجب أن يركز علي خفض المرتبات والمكافآت المبالغ فيها التي يحصل عليها الوزراء والمحافظون وكبار الموظفين في الدولة. علي مسئولية الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة "هناك مكافآت فضلاً عن الرواتب تصل في إجمالها إلي 100 ألف جنيه شهرياً".. هذه المبالغ يجب أن تخفض إلي الربع إذا كانت الحكومة جادة في قرار ترشيد الإنفاق. ويجب أن تكف الدولة عن الاستجابة لمطالب بعض الجهات بزيادة الرواتب الاستثنائية.. كل الجهات التابعة للدولة يجب أن يطبق عليها الحد الأقصي للأجور دون أي استثناءات.. وتسير عليها نفس القواعد المطبقة علي كل الموظفين.. طالما أن رواتبها تدفع من الموازنة العامة للدولة. أضف إلي ذلك ضرورة خفض مواكب السيارات المرافقة للوزراء أو المسئولين وكذلك طاقم الحراسة.. إلا بالنسبة للشخصيات التي يعرضها منصبها للخطر.. بالله عليكم هل هناك داع لأن تكون وزيرة الاستثمار مثلاً محاطة بكم كبير من الحراسات؟! كما يجب أن تفكر الحكومة بجدية في التخلص من جيش المستشارين في الجهاز الإداري أو تخفيضه وضبط منظومة الحوافز والمكافآت وربطها مباشرة بالإنتاج. أود أن أشير هنا إلي أن قرار مجلس الوزراء الخاص بترشيد الإنفاق الحكومي ليس الأول من نوعه.. فقد صدر قرار سابق بهذا المعني عام 2011 عام الثورة يحظر علي الوزارات شراء سيارات الدفع الرباعي والجيب.. كما حظر إنشاء أي أجهزة أو صناديق خاصة أو شراء أجهزة مكتبية أو التعاقد علي شراء أصناف يوجد لها مثيل في المخازن.. وحظر نشر التهاني أو التعازي في المناسبات المختلفة وكل ما من شأنه الإعلام عن المسئولين.. كما نص علي الاستفادة من الأصول غير المستغلة وتشجيع الصناعة المحلية وشراء المنتج المحلي وترشيد إنفاق المياه والكهرباء.. لكن الحكومة أو الحكومات المتعاقبة لم تلتزم بشيء من ذلك نظراً للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد وارتفاع سقف المطالب الفئوية. الوضع الاقتصادي الآن أسوأ مما كان عليه.. وبالتالي يجب أن تلتزم الحكومة بقرارات الترشيد بكل جدية.. خاصة ترشيد الاستيراد وتفعيل التصنيع المحلي.. حتي يشعر المواطن أنها راغبة فعلاً في بناء اقتصاد قوي وتوجيه الموارد إلي الجهات الأولي بالرعاية.. خاصة التعليم والصحة.