** بالامس احتفلت مصر بالذكري الثالثة والاربعين لحرب أكتوبر المجيدة التي كانت ومازالت وستظل معجزة الهية بكل المقاييس وقفت فيها السماء إلي جانب أرض الكنانة "مصر" في سعيها إلي تحرير أرضها ومحو عار الهزيمة. واذا عدنا إلي اقوال خبراء العالم العسكريين آنذاك سنجدها جميعا تؤكد أن مصر تحتاج إلي سنوات وسنوات لاعادة بناء جيشها.. وانه إذا ما حاول الجيش المصري عبور القناة فلن ينجح في ذلك لعدم قدرته علي تخطي هذا المانع المائي إلا إذا فقد اكثر من مائه الف شهيد. وعلي غير ما توقع خبراء العسكرية بالغرب.. فقد اعادت مصر بناء جيشها في نحو ثلاث سنوات واكملت استعداداتها في نحو عامين وصدر قرار العبور في ديسمبر 1972 وبدأ التجهيز له حتي تم فعلا في 6 أكتوبر .1973 لقد اثبت الجندي المصري أنه العنصر الاساسي والرئيسي في تحقيق انتصارات أكتوبر.. لان الجندي المصري وان كان أحد أسلحة القتال.. ومهما تطور فن القتال ومهما تطورت أسلحته فمازال الجندي بجسمه وعقله وروحه سلاحاً له خطره وتأثيره في المعركة.. ان لم يكن من أهم وأخطر اسلحتها وبصدق في ذلك المبدأ القائل "ان العبرة ليست بالمدفع ولكن بالرجال الذين وراء هذا المدفع". لقد سطر الجيش المصري في حرب السادس من اكتوبر 1973 بطولات يكتبها التاريخ بحروف من نور في سجل الانتصارات العسكرية العالمية في القرن الماضي.. بطولات سطرها خير أجناد الارض بدمائهم في سجل المجد والفخار بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع. لقد كان الجندي المصري هو المفاجأة في حرب اكتوبر.. لما يمتلكه من صفات ومميزات تميزه عن غيره في الجيوش الاخري وتمنحه الاساس لكي يكون مقاتلا من الطراز الأول. هذه الصفات والمميزات تنطوي علي تعبئة طبيعية للجندي المصري تجعله يسترخص النفس في سبيل الدفاع عن وطنه ضد العدو الذي يريد انتهاك حرماته ونهب خيراته واذلاله. لقد اعترفت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل في كتاب لها بعنوان "حياتي" ان المصريين عبروا القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء.. وتوغل السوريون في العمق علي مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة علي الجبهتين وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة علي حقيقة الموقف السييء أم لا؟..الكتابة عن حرب يوم الغفران يجب الا تكون كتقرير عسكري بل ككارثة قريبة أو كابوس مروع عانيت منه أنا نفسي وسوف يلازمني مدي الحياة. ووصف "أبا إبيان" وزير خارجية اسرائيل حينئذ في مذكرات منسوبة له: لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من اكتوبر لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الاسرائيلي بل علي العكس فإن هناك شعوراً طاغياً في اسرائيل الآن بضرورة إعادة النظر في علم "البلاغة الوطنية" إن علينا أن نكون اكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة. لقد كشفت حرب أكتوبر عن المعدن الاصيل للشعب المصري العظيم وجيشه.. وان العلاقة بينهما علاقة ازلية خالدة أبد الدهر.. فجميع رجال القوات المسلحة البواسل من ابناء الشعب بكل طوائفه نبت هذه الأرض الطيبة. وقد اثبتت المعارك والحروب ان مصر تكون عبر تاريخها عندما يكون جيشها قويا وجبهتها الداخلية صلبة.. فالجيش المصري هو قوة ردع حقيقية أمام أي قوة تسعي إلي مجرد التفكير في تهديد الأمن والأمان والاستقرار داخل مصر وخارجها. واليوم.. يخوض رجال القوات المسلحة البواسل الابطال الشجعان حربا شرسة ضد الارهاب الاسود الدموي في شمال سيناء.. وما يحققه رجالها من انتصارات هو استكمال للعسكرية المصرية منذ أحمس وحتي الآن.. ويحق لنا ان نقول إن ما يتم حالياً علي أرض سيناء الحبيبة هو استكمال لنصر اكتوبر ..1973 انها بالفعل روح اكتوبر المجيدة التي تتوارثها الاجيال جيلا بعد جيل وسنظل كذلك إلي ان يرث الله عز وجل الارض وما عليها وما فيها.. فالجيش المصري سيظل فخراً لكل المصريين الوطنيين المخلصين.. وسيظل 6 أكتوبر ايقونة العسكرية المصرية وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.